باتت حرب الشائعات أشد ضراوة فى الآونة الأخيرة من المواجهات العسكرية خاصة بعد اقتحام وسائل الاتصال الحديثة مختلف البيوت المصرية، حيث تنال بالسلب عدد من مؤسسات الدولة من خلال نشر الأكاذيب المضللة بهدف إثارة الفتن داخل المجتمع وهز ثقة المواطنين فى قيادتهم السياسية، بل وبث الفوضى ونشر مشاعر الإحباط واليأس فى نفوس المصريين فما تأثير هذه الشائعات على استقرار الوطن؟ وكيف نواجهها حفاظا على استقرار حياتنا؟
لم تعد الشائعات قاصرة على مجال أو جهة معينة بل نالت جميع موسسات الدولة, وفي خطوة مهمة للرد على ما هو مثار بين المواطنين حصر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار كافة الشائعات وعمل على الرد عليها وعدم تجاهلها، فعلى مستوى التموين كان منها حذف مواطنين من بطاقات التموين وإضافة مادة لرغيف الخبز تقلل من الخصوبة وزيادة سعره ووقف صرف سلع نقاط الخبز للمواطنين، أما على المستوى التضامن الاجتماعى فقد تداول المصريون أخبارا عن حذف 200 ألف مواطن من تكافل وتكامل، وفى مجال الصحة انتشرت شائعات حول تداول علب ألبان منتهية الصلاحية بالصيدليات، إلى جانب شائعة البطيخ المسرطن فى الزراعة، ورصف وتشويه شارع المعز لدين الله فى مجال الأثار وغيرها الكثير من الشائعات التى يتداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعى بشكل يومى.
قوانين رادعة
فى البداية طالبت النائبة منال ماهر، عضو مجلس النواب الشعب المصرى بتوخى الحذر فى التعامل مع الأخبار التى يتم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعى التى أصبحت منصة لنشر الشائعات التى تهدف لهدم الدولة, لافتة إلى أن المجلس ناقش عددا من القوانين الخاصة بالإعلام وحرية تداول المعلومات منها معاقبة كل شخص لديه أكثر من 5000 متابع تعمد تداول أخبار كاذبة أو تعرض بالسب والقذف تجاه موقف أو شخص، وقالت: على الرغم من المساعى التى تبذلها الحكومة فى هذا الصدد إلا أن القوانين وحدها لا تكفى، بل يجب تفعلها وفقا لبرامج تقوم بمتابعة تنفيذها ومدى تأثيرها فى الفرد والمجتمع.
من جانبه دعا أحمد بدوى، وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب الجهاز القومى الاتصالات بالإسراع فى الانتهاء من اللائحة التنفيذية لقانون مكافحة الجريمة الإلكترونية الذى صدق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسى, مؤكدا أن القانون سيساعد على الحد من الشائعات.
الإعلام المضلل
حملت د. نجوى كامل، أستاذة الإعلام وسائل الإعلام المختلفة التى تسعى إلى تحقيق السبق على حساب المصداقية فى نقل الخبر وعدم البحث والتأكد من صدق المعلومات المسئولية فى انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة خاصة بعد انتشار وتنوع وسائل التواصل الاجتماعى، وترى أن المنظومة الإعلامية تحتاجإلى وضع إستراتيجية واضحة وقوانين فعالة ورادعة لمن يدلى بأى تصريح أو معلومة خاطئة قد تؤثر على استقرار الوطن وأمنه، مؤكدة أن الدولة تملك مقومات وآليات ينبغى استغلالها فى التصدى للشائعات من خلال سرعة نقل الخبر ونفى الكاذب منه.
وترى الإعلامية منى خليفة أن كثرة الشائعات قد تؤتى بتأثير سلبى مع المواطن نظرا لسهولة تقصيها والوقوف على الحقيقة خاصة إذا كانت غير منطقية ما يخرجها عن أهدافها المتمثلة فى نشر الإحباط واليأس بين المواطنين, وتقول: تستهدف الشائعات التقليل من إنجازات الدولة والاستخفاف بأى إيجابيات تحققها الحكومة للنيل من عزيمة المواطنين.
أقسام متابعة
تقول دينا الجندى، عضو المجلس القومى للمرأة: انطلق قطار الإصلاح فى كل المجالات وعلى المواطنين المساعدة فى التطور والنهوض بالبلد، فالشائعات التى تروجها الجماعات الإرهابية ماهى إلا تصدير لصورة سيئة عن مصر للخارج وبث روح التشاؤم واليأس فى النفوس وهز استقرار الوطن وضرب اقتصاده، وإذا كان تلك التنظيمات تستغل وسائل التواصل الاجتماعى فعلى الدولة أن تساند الإعلام من خلال إمداده بالمعلومات لتصحيح ونفى الشائعات التى تنتشر بسبب غياب المعلومة الصحيحة، إلى جانب تخصيص كافة الوزارات أقسام لمتاعبة كل ما يصدر عنها عبر السوشيال ميديا سواء بالإيجاب أو السلب.
وترى المحامية رباب عبده أن اتساع الفجوة صعوبة حصول المواطن على المعلومات من أهم أسباب انتشار الشائعات إلى جانب ارتفاع نسب البطالة بين الشباب، وتقول: يبذل أعداء الوطن من الداخل والخارج كل جهدهم فى بث الشائعات لإثارة الفتن والفوضى مستخدمين بعض المواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية التى لا تدخر جهدا فى التركيز على السلبيات, لذا فإن الشفافية وتوعية المواطن وإمداده بالمعلومات الصحيحة سبل علاج المشكلة خاصة وأن المواطن المصرى أصبح على علم ودراية بما يحدث حوله من مخططات إستراتيجية وحروب معنوية تهدف إلى خفض الروح المعنوية لديه.
أما اللواء زكريا سالم، الخبير الأمنى فيقول:يجب تحرى الدقة فى المعلومات المتداولة خاصة المتعلقة بالدولة والتى تمس الأمن القومى أو تلحق الضرر بالاقتصاد القومى, ويعد سرعة الرد والتكذيب بالوثائق والمستندات الحقيقيه أقوى سلاح للرد على الشائعة، لذا أدعو وسائل الإعلام بالاعتماد على البيانات الرسمية خاصة فى الأخبار التى تتعلق بالأمن والاقتصاد القومى، أما ما ينشره الإعلام المضلل من أخبار كاذبة فلن تستمر طويلا لأن الشائعة عمرها قصير مهما كبرت وانتشرت، كما أن الدولة تسعى باستمرار لمواجهة مثل هذه الأخبار بما تملكه من إمكانيات وآليات حديثة.
ساحة النقاش