للمرة الثانية أعود للكتابة عن أهمية تدريس الأمن القومي في كافة المراحل التعليمية بدءا من الصفوف الدراسية الأولى، أعود وكلي أمل بإمكانية تحويل هذا الحلم لواقع خاصة مع استعدادنا لبدء تطبيق الإستراتيجية الجديدة لتطوير التعليم بداية من العام الدراسي الحالي، بل ومع العديد من التصريحات التي أشارت إلى إمكانية تحويل هذا الحلم إلى حقيقة هذا العام.

البعض قد يتعجب من إصراري على ضرورة تدريس هذه المادة المهمة بل وفي كافة المراحل التعليمية، مشيرا إلى أنها قد لا تتناسب بما قد تحتويه من معلومات مع طبيعة بعض المراحل العمرية لأبنائنا، ولكن هذا يتوقف على إدراكنا جميعا أمهات وآباء لمفهموم الأمن القومي، وهو المفهوم الذي ينبغي علينا أن نعمل على توصيله  لهم بل ومساعدتهم على لعب دور ملموس كل في موقعه في الحفاظ على هذا الأمن، فالأمن القومي ليس بمعلومات عسكرية أو إستراتيجية أو معلومات شديدة التخصص وتحتاج إلى فهم وإدراك في مرحلة عمرية معنية أو متقدمة، فأماننا القومي هو كل ما يحيط بنا كل ما نتنفسه على أرض هذا الوطن، الأمن القومي هو الحفاظ على غذائنا..الحفاظ على أرضنا.. الحفاظ على مصادرنا وثرواتنا الطبيعية.. الحفاظ على وسائل الترفيه والمواصلات، هو وببساطة الحفاظ على كل ما يحمل اسم وهوية هذا البلد، اسم وهوية مصر، فأنا حين أوجه أبنائي نحو زراعة الأشجار أمام المنزل أو داخل المدرسة، حين أعلمهم الحفاظ على وسائل المواصلات العامة، حين أحببهم في ارتداء الملابس مصرية الصنع والاعتزاز بهويتهم والبعد عن شراء كل ما هو أجنبي، حين أعرفهم ما هي حدود وطنهم التي ينبغي عليهم أن يحافظوا عليها كل وفقا لقدراته ولا يفرطون فيها أو في حبة رمل واحدة من هذه الأرض، حين أعلمهم أن الانتماء لهذا الوطن يستلزم منهم العمل والتفوق الدراسي حتى يستطيع كل منهم أن يتحمل مسئوليته تجاه هذا الوطن ويقوم بالدور المنوط به فيما يتعلق بإكمال ما يتم بناؤه من مشروعات قومية عملاقة تبنى له ولمستقبله ومستقبل أسرته التي يتولى تكوينها فيما بعد، بكل هذا وبغيره الكثير فيما يتعلق بالحفاظ على كل ما يتعلق بهذا الوطن، أكون وببساطة أعلمهم ما هو أمنهم القومي، فالأمن القومي هو حياتنا فهو ليس بمعلومات صعبة أو متخصصة أو عسكرية، ولكنه روح حياتنا، واليوم ونحن نستعد لبدء منظومة تعليمية جديدة تعنى بتطوير وتحسين العملية التعليمية وهو أمر كثيرا ما طلبنا به حتى بدء تحققه على أرض الواقع، علينا أن نكمل هذا وندمج تدريس الأمن القومي في كافة المراحل الدراسية، فإذا كنا نجحنا حتى الآن في مواجهة العديد من المؤامرات التي تستهدف وطننا داخليا وخارجيا، فأعتقد ومع التصريحات التي صدرت بخصوص تدريس الأمن القومي يمكن أن يصبح الحلم حقيقية وأن نجده بين كتب أولادنا الدراسية، حفاظا على هذه الأرض.