أهداني الكاتب أبو الحسن الجمال كتابه عن عبقري النغم... بليغ حمدي، والذي يقلب فيه قصة حياة واحد من أعظم الملحنين في تاريخ الأغنية المصرية الحديثة، وهو كما يقول المؤلف واحد من ألمع موسيقيي العالم العربي، فقد أبدع وطور وأثرى الوجدان العربي بالألحان الخالدة التي تخطت الألف لحن، والموسيقى بالنسبة إليه لم تكن عملاً أو مهنة، بل تمثل حالة حب، وعلاقة عشق متواصلة.

وكنا قد أفردنا على هذه المساحة عددا من المقالات عن هذا العبقري المتفرد، وجاء كتاب الجمال ليروي بعضا من الظمأ عن سيرته ومسيرته؛ فهو يوضح كيف استطاع بليغ حمدي أن يجدد في الموسيقى المصرية، مستفيداً من جهود من سبقوه في هذا المضمار، خصوصا الشيخ سيد درويش، الذي أُعجب به بليغ وتأثر به في إعادة إحياء الفلكلور بلغة عصرية نابضة بالحياة.

يتناول الكتاب سيرة بليغ منذ ولادته في السابع من أكتوبر في منطقة شعبية، لأسرة من الطبقة الوسطى، التي نمت بعد ثورة 1919، وقد غرست فيه أسرته حب الموسيقى إلى جانب تحصيله العلم ونبوغه الدراسي، ففي سن السادسة كان بليغ يستمع بانتباه إلى الراديو، وتعلق قلبه بالموسيقى، وذات يوم جاء والده بمدرس للموسيقى كي يعلّم شقيقتيه صفية وأسماء أصول العزف، فكان أن تعلم هو العزف على البيانو، عندها شعر والده بحبه للموسيقى، فشجعه على الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية.

الكتاب يتتبع أوجه تعاون بليغ مع مطربي زمانه، وعلى رأسهم كوكب الشرق أم كلثوم، التي يستعرض المؤلف قصته معها على لسان بليغ نفسه قائلاً: (كان لقائي الأول مع أم كلثوم في "حب إيه"، وهو لقاء تبعته لقاءات عدة، حيث ارتبط اسمي بسيدة الغناء العربي، وبسببها صعدت إلى سلّم الشهرة، ومن أجلها لحنت أجمل ما لحنت من أغان ستبقى، لأن أم كلثوم غنتها، لحنت للكثير من الفنانين والفنانات، لكن عملي معها كان له طعم آخر).

ويتوقف الكتاب كذلك عند ألحان بليغ التي غناها أشهر المطربين في عصره أمثال: نجاة، شادية، صباح، محمد رشدي، محرم فؤاد، وديع الصافي، فايزة أحمد، وفي المقدمة بالطبع زوجته وردة الجزائرية التي منحها أشهر وأبقى ألحانه.