بقلم : سكينة السادات
يا بنت بلدى..حكيت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قارئتى السيدة إيناس, 38 سنة, وهى الابنة الوحيدة لمهندس يعمل موظفاً كبيراً بالحكومة, ولها اثنان من الإخوة الذكور يكبرانها, ووالدها يمتلك عدة أفدنة خصبة فى محافظة المنوفية, وقد تخرج أخواها مهندسين مثل والدهما, وتخرجت إيناس فى كلية التجارة المصرية, وحكت عن أول مرة هفا فيها قلبها إلى أحد عندما كان يزورهم ابن عم والدها الذى كان يرعى فدادين والدها ومعه ابنه الذى يكبرها بثلاث سنوات وكأن يوم زيارتهما للأسرة يوم عيد فهم يأتيان محملان بكل ما لذ وطاب من خيرات الريف, وكذلك إيراد الأرض, وكانت تلاحظ نظرات أيمن لها ثم همس لها ممتدحاً شطارتها فى المدرسة وجمالها وحجابها الرقيق, فتعلق قلبها به, وعندما انتهت فى دراستها الجامعية وبدأ الخطاب يتهافتون على الأسرة تقدم والده إلى ابن عمه والدها طالباً يدها بعد أن تخرج ابنه فى كلية الزراعة وصار الباشمهندس الزراعى المحترم فى القرية!
•
واستطردت إيناس.. ولما كان ابن عم والدى والد أيمن الشاب الذى هفا له قلبى يعتبر من العاملين عندنا فقد خفت وخشيت رفض أمى التى تنتمى إلى أسرة كبيرة بمحافظتنا, وكما قلت هى تقرأ وتكتب وتواظب على قراءة الصحف والمجلات, وكان أبى - رحمة الله عليه - لطيفاً رقيقاً فقد قال لأمى كلاماً قاطعاً :دعى إيناس تختار شريك حياتها بنفسها واعرضي عليها بكل صدق أحوال من تقدموا لها وهى التى تعطى قرار حياتها بنفسها! وفعلا شرحت لى أمى ظروف كل عريس على حدة ووجدتنى أقول لها: بس الباشمهندس أيمن ابن ابن عم بابا منا وعلينا يا ماما وعارفينه كويس, قالت أمى: يعنى إيه يا إيناس؟ يعنى أقول لبابا إنك اخترتى أمين؟ قلت لها: ده بعد إذنك وإذن بابا وإذا كان فيه اعتراض أنا تحت أمركم!
•
واستطردت إيناس.. فهمت أمى أننى أفضل أيمن أو أحبه وقالت: أنا عاوزة سعادتك يا بنتى واللى اختاره قلبك؟ إن شاء الله يكون من نصيبك! وطار أيمن ووالده من الفرحة, وظل الرجل يقول ربنا يجبر بخاطرك يا إيناس يا بنتى, وتزوجنا يا سيدتى فى القاهرة, وقد التحقت بالعمل فى إحدى الشركات, وكان أيمن يعمل مهندساً زراعياً فى الحكومة بالقاهرة أيضاً ولكننى أقرر حقيقة واقعية وهى أن راتبى وراتبه كان لا يكفيان حياة مرتاحة مثلما كنت فى بيت أبى, وظل أبى يساعدنى حتى توفاه الله بعد مرض مفاجئ, وكان أبى قد أوصى بأن تشرف أمى على رعاية أرضه وألا تقسم الأرض بينى وبين إخوتى وأمى وتظل فى رعاية ابن عمه, ولكن للأسف أيضاً فإن والد أيمن أصيب بمرض أقعده فى الفراش وصار أمر رعاية الأرض بالكامل إلى زوجى أيمن الذى كان يشكوى من صعوبة إدارة الأرض وغلاء العمالة وغلاء السماد وشح المياه الواصلة إلى الأرض, ومن هنا جاءت فكرة بيع الأرض وتوزيع الأنصبة تبعاً للشرع بينى وبين أمى وأخواي! أمى تبكى وتقول إن وصية أبى ألا تباع الأرض ولا تقسم وزوجى لا يجد سبيلاً إلى رعاية الأرض فهو موظف وعمله فى القاهرة ولا يستطيع البقاء إلى جوار الأرض طول الأسبوع, والزرع يحتاج من يرعاه يومياً ولا يجد حوله من يستطيع تحمل تلك المسئولية, وقال زوجى أيمن الذى يتطلع إلى استثمار محصلة ثمن إرثى بعد بيع الأرض فى مشروعات تأتى لنا لعائد مادى يساعدنى على الحياة, وطلب منى تحرير توكيل له بذلك وأنا لا أثق بأى رجل ولا أريد أن أحرر له توكيلاً بكل ما أملك وهو يتعجب ويستنكر منى ذلك, فماذا أفعل إذا كنت غير مرتاحة لتحرير أى توكيل بأملاكي؟ وزوجى زعلان من ذلك؟
•
إذا كنت فعلاً غير مرتاحة إلى تحرير توكيل بأملاكك فلا تفعلى ذلك واشرحى له أنك كفيلة باتخاذ القرار الذى فيه مصلحة الأسرة, وحاولى ألا تجعليه يشعر بأنك لا تثقين به لصالح بيتك وأولادك, عليك أن تقنعينه بالحسنى وزيادة والله يوفقك ويعمر بيتك!
ساحة النقاش