كتبت : شيماء أبو النصر

حالة من الرعب والتوتر تسود العالم بأسره فرضها فيروس كورونا المستجد الذى ما زال يجوب العالم شرقا وغربا تاركا خلفه حصيلة من الضحايا تجاوزت 6 مليون مصاب و 387 ألف وفيات، ومن أهم تداعيات المرض الغامض قرارات الحظر التى فرضتها غالبية دول العالم بهدف منع تفشى المرض والسيطرة عليه إنقاذا للأرواح، إلا أنه على مستوى الأسرة الواحدة وجد أن زيادة القلق والتوتر والخوف من المستقبل فى ظل انتشار المرض أدى إلى زيادة الخلافات الزوجية والملل من طول فترة التواجد تحت الحظر وبخاصة فى فصل الصيف، فما هو الحل.

وعن حقيقة زيادة الخلافات الزوجية فى الحظر تقول حنان، موظفة بوزارة الثقافة أنها أصبحت تعانى من تدخل زوجها فى كل تفاصيل البيت بعد زيادة فترات جلوسه فى المنزل حيث يعمل يومين فقط وباقى الأيام يعمل من المنزل لذلك يتدخل فى كل كبيرة وصغيرة بدءا من مواعيد اسيقاظ الأبناء إلى نظافة البيت ومذاكرة الأولاد خاصة الابن الأكبر وهو فى الثانوية العامة, حتى أنه يختلف معى على إعطائه الدروس الخصوصية خاصة مع توقف الدراسة، كما أن الأولاد أنفسهم أصبحوا أكثر انطوائية فكل واحد منهم يجلس بالساعات على مواقع التواصل الاجتماعى.

 

أما وفاء، موظفة تعمل مع زوجها فى نفس مكان العمل فتؤكد أن الجميع فى البيت أصبحوا أكثر عصبية بعد توقف الدراسة والتمرينات الرياضية والمصايف وجميع الأنشطة الاجتماعية وبالتالى فعند مناقشة أى موضوع يتطور الأمر لخلاف وعدم اتفاق على شيء إلا الدعاء بزوال الوباء حتى نعود لحياتنا الاجتماعية الطبيعية مرة أخرى.

 

فى نفس الإطار تؤكد زينب إبراهيم أن طول فترة الحظر أدت إلى زيادة التوتر بينها وزوجها حيث افتقدت زيارة أقاربها خاصة والدتها، ولم تعد تخرج لمقابلة صديقاتها بالإضافة لعملها من المنزل فالحياة بالنسبة لها أصبحت تسير على وتيرة واحدة وفقدت أى "متنفس" لها وكذلك زوجها لكنه يخرج لعمله نصف الوقت فقط، مضيفة أن حتى التطهير وتنظيف البيت تحدث عليه مشكلة وخناقة حيث يتهمها زوجها بأنها تعانى الوسواس القهرى حيث تنظف البيت بالمطهرات كل ساعة تقريبا خوفا على صحة أفراد أسرتها.

 

أما أسماء جمال فمشكلتها الأكبر مع أولادها خاصة بعد توقف الدراسة ورغبتهم فى الخروج والفسح والذهاب للمصيف ومهما حاولت إقناعهم بتقبل الأمر الواقع إلا أنها تفاجأ بنوبات من البكاء والصراخ من حين لآخر بينما زوجها لا يحاول مساعدتها فى شغل وقت فراغ أبنائه بأى وسيلة سوى اللعب على الموبايل أو الجلوس أمام التلفزيون.

 

مشكلات مادية

يعلق د. جمال فرويز، استشارى الطب النفسى على تزايد الخلافات الأسرية خلال فترة الحظر قائلا: إن أزمة الخلافات بين الأزواج زادت بشكل كبير مع طول فترة الحظر، ففى البداية اعتبر الأزواج والزوجات أن الحظر لأيام معدودة فرصة لتجديد المشاعر بينهم وفرصة مثالية لإقامة حوار مع الأبناء والقرب منهم، ولكن عندما طالت الفترة الزمنية ظهرت مشكلات تراجع الدخل مع الملل وعدم وجود فرص للزيارات العائلية أو الخروج مع الأصدقاء بعيدا عن جو البيت مما شكل ضغطا نفسيا وتوترا أدى إلى نشوب الخناقات الزوجية.

 

ويضيف: بعض الأزواج الذين كانت تشتكى زوجاتهم من طول فترات وجودهم خارج البيت أصبحت الشكوى الآن من الجلوس فى المنزل وتوجيه الانتقادات للزوجة باستمرار على أى شيء بدءا من أسلوبها فى النظافة وطهى الطعام وحتى أدق تفاصيل حياتهما مرورا بتربية الأبناء التى اكتشف مع الحظر أنه غير راض عنها وأنها مقصرة أيضا فى ذلك وهذه الطريقة كفيلة بإيجاد حالة من الزهق والعصبية بين الطرفين الزوج والزوجة.

 

ويؤكد استشارى الطب النفسى أن الحياة تبادلية بين الزوجين، لافتا إلى أن الزوج الذى يساعد زوجته قبل أزمة الكورونا ويقدر متاعبها سيكمل بنفس الشكل وبالتالى فترة وجوده فى البيت لن تكون مزعجة بل على العكس سيساعد فى حل مشكلات أخرى مثل الحوار مع أبنائه وشغل أوقات فراغهم، ومشاركتهم رياضة منزلية بسيطة.

 

ضغوط نفسية

من جانبه أكد د. أحمد عبد الرحمن استشارى أسرى واجتماعى أن البقاء في المنزل بسبب فيروس كورونا فرض نمط حياة جديداً على كثير من الأسر، وزاد من الضغوط النفسية، إذ أصبح الرجال وكذلك الزوجات العاملات ملازمين لمنازلهم، يعملون عن بعد، الأمر الذي أثار مشكلات بين الأزواج، خاصة عندما يغيب التفاهم والحوار المشترك.

 

ويقول: من أكثر الخلافات الأسرية التي تحدث أثناء الحجر المنزلي غياب الخصوصية والاستقلالية، والتدخل في شئون الآخر، وعدم وجود مساحة للتباعد الاجتماعي، واختلاف الرأي في توجيه الأبناء، والضوضاء والإزعاج بسبب مهام العمل والمذاكرة خاصة فى البيوت التى بها طلاب ثانوية عامة، ومحاولة بعض الأزواج سحب بعض صلاحيات إدارة المنزل من زوجاتهم، وزيادة الضغوط النفسية، خصوصاً عندما يكون هناك وضع اقتصادي ضاغط على الزوج، كما أن تواجد الزوجين في بيت واحد بلا خروج فترة طويلة يترتب عليه نتائج سلبية أو إيجابية، وذلك على حسب العادات اليومية، فإن كانت العادات اليومية راقية، فالنتائج ستكون مذهلة، أما العصبية والعناد فلن نحصد منها إلا مزيداً من الخلافات والمشاجرات.

 

لا للخلافات

ينصح د. عبد الرحمن باتباع عدة أساليب لبناء علاقات زوجية ناجحة ومستقرة قائلا: الطريقة الأولى وهى التغيير فدائما ننصح بضرورة التغيير من نمط الحياة، والتخلص من الروتين القاتل، فتغيير طريقة وضع الأثاث داخل المنزل وترتيبه بشكل جمالى أكثر له فائدة كبيرة فى كسر الملل, كما أن قيام الأم بتقديم وجبات صحية لأطفالها بشكل جذاب وكأنهم فى فسحة يضفى جوا من البهجة والسرور عليهم.

 

الطريقة الثانية وهى تجاهل التفاصيل، فعندما تكون الحياة مفعمة بالمخاوف والتوتر والقلق والأخبار السلبية، فليس هناك وقت للبحث وراء الزلات أو الهفوات أو تتبع بعض التحليلات السلبية والوساوس الواهية.

 

الطريقة الثالثة وهى الإيجابية، فوراء كل محنة منحة، ووراء كل فشل تجارب، ووراء كل ابتلاء مغفرة ورحمة، ولعل التعامل مع هذه الأزمة بنظرة إيجابية يسهم في إيجاد جو أسري آمن، فالأزمة مؤقتة بإذن الله، ولن تدوم إلى الأبد، فلا نتخذ هذه الأزمة مبرراً للخلافات والعصبية وسيادة روح العناد.

 

الطريقة الرابعة بالتفاؤل، فمهما كانت الأحوال ينبغى النظر للأمور نظرة متفائلة, فبعد الليل يأتى النهار, وبعد الأزمة يأتى الفرج والخير.

 

الطريقة الخامسة احترام الخصوصية فلا يعني الحجر المنزلي التدخل في خصوصيات الطرف الآخر، ولعل هذا التدخل السلبي يشعل نار الخلافات القديمة منها، فامنح الطرف الآخر مساحة من الخصوصية حتى يشعر بالاستقلالية الذاتية والحرية في الحركة والتحدث والتعامل.

 

 أما السادسة فتعتمد على الصبر والدعاء، فالعالم كله يمر بظرف صحى استثنائى يتطلب من الجميع الصبر وعدم الجزع حتى نحافظ على جهازنا المناعى فى حالة جيدة لمقاومة الأمراض مع الدعاء والتضرع إلى الله بما يؤدى إلى نشر الإحساس بالأمان والطمأنينة على مستوى الأسرة والمجتمع كله.

 

المصدر: كتبت : شيماء أبو النصر
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 813 مشاهدة
نشرت فى 25 يونيو 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,346,680

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز