إشراف : منار السيد - إيمان الدربى - إيمان عبدالرحمن - سماح موسى - هايدى زكى - أسماء صقر
رغبة الوالدين فى تحقيق النجاح للأولاد وتحديد مستقبلهم التعليمى أمر محبب ومتفق عليه من الجميع إلا أن هناك الكثير من التصرفات التربوية الخاطئة يكون منبعها الحب والخوف كالضغط عليهم وإجبارهم على الالتحاق بكلية معينة دون رغبة الابن فى دراستها ما يؤثر ذلك على شخصيته سواء على المستوى النفسي والاجتماعي أو التعليمى، ما دفع حواء للبحث عن الطرق التربوية الصحيحة لتعامل الوالدين مع الأبناء فى تحديد مستقبلهم.
في البداية يقول د. جمال شفيق أحمد، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس: خلق الله سبحانه وتعالى البشر مختلفين في القدرات الفكرية والعقلية ولذلك كلنا نحتاج لبعضنا في مختلف مجالات الحياة، فالتعاون والتكامل والمشاركة منظومة واحدة داخل المجتمع، كما أن هناك فروق فردية مختلفة بين الطلاب وبعضهم البعض داخل المدارس سواء على مستوى الشكل والطول والوزن أو على المستوى التعليمي من خلال التحصيل الدراسي وامتلاك درجة الذكاء واستغلالها، والذكاء في علم النفس يطلق عليه قدرة عامة وداخل القدرة العامة قدرات خاصة، حيث إن هناك عددا معينا من الطلاب قد يحصلون على نفس المجموع الكلي ولكن توزيع درجات المواد مختلف بين الطلاب، فنجد أن هناك طالبا متفوقا في مادة معينة عن طالب آخر، وهذا يبين لنا اختلاف الميول والقدرات بين الأشخاص وبعضهم البعض حتى وإن كانت داخل الأسرة الواحدة، فالاختلاف سمة الحياة الطبيعية.
ويتابع: يتولد لدى الطفل منذ بداية سن الروضة الإحساس بالشخصية ويجب وضع بذورها الأولية بشكل سليم فلابد أن ندرب أولادنا على الاختيار والمشاركة، كاختيار أماكن المرح والملابس والأكلات التي يحبونها، فالطفل عندما يشعر بحرية الاختيار يحافظ على الأشياء التي اختارها ويحافظ عليها ليستمتع بها، وعند مرحلة المراهقة يجب على الآباء تفهم تلك المرحلة وخطورتها وعدم استخدام أسلوب الضغط وإجبار الأبناء، حيث إن الأبناء لهم حق حرية الاختيار وخاصة في تحديد التخصص الدراسي لأن الشخص أكثر إدراكا لقدراته العقلية وميوله، وعلى الوالدين التفكير في مستوى أبنائهما وسؤال نفسيهما هل هذا التخصص يناسب الابن أم لا؟ وقد أثبتت الخبرات السابقة أنه عند إجبار الابن على الالتحاق بكلية أو تخصص معين نجد أن الابن يرسب في السنة الأولى من الدراسة ويضطر لإعادة السنة أو التحويل إلى كلية أخرى تناسب قدراته الفكرية، وهنا تكمن المشكلة داخل الابن ونفسيته ويعاني من الصراع الداخلي بأنه فشل في السنة الدراسية على غرار زملائه الذين اختاروا التخصص بإرادتهم وحريتهم ونجحوا فيه ويبدأ الدخول في أزمة نفسية ويتولد لديه الشعور بالنقص عند مقارنة نفسه مع الآخرين في الكلية وتقل ثقته بنفسه ويصبح مشتت الذهن مضطربا نفسيا في التعامل مع الآخرين.
ويستطرد: إذا فكر الابن في أسباب فشله ووجد أن إرغامه على الدراسة التي لا يجد قدرته على النجاح فيها يبدأ في كراهية من أرغمه على هذا حتى ولو كان أحد الوالدين، ويعانى من اضطرابات نفسية وهذه كراهية على المستوى لا شعورى فيحدث صراع داخلي بأنه يحب أبويه ومع ذلك يشعر بالكراهية نتيجة إدخاله منظومة تعليمية لا يرغبها.
وينصح د.جمال بتكثيف البرامج التوعوية والإرشادية وعرض نماذج واقعية تعرضت للإجبار على دراسة معينة وأيضا يجب عمل ندوات مع أساتذة الجامعات ومشاركة الآباء والأبناء فيها، وأخيرا يجب عدم الضغط على الأبناء في تحديد مستقبلهم التعليمي بل تشجيعهم على تحقيق رغباتهم والسعي وراء نجاحهم.
الميول الشخصية
تؤكد د. عزة أحمد صيام، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها على أهمية ترك حرية الاختيار للأبناء، فعلى الوالدين التوجيه للطريق الصحيح، وتقول: هناك رغبات وميول ذاتية كاختيار الابن لنوع معين من التعليم والأب غير راض عن قرار الابن لرؤيته أن هذا النوع من التعليم قد لا يحقق طموحات مادية أو معنوية ونفسية وفي ذات الوقت الابن يرى قدرته على الدراسة والنجاح في الكلية التي اختارها، فهنا يقع تصادم في وجهات النظر، لذلك على الوالدين ممارسة الحرية مع الأبناء بعيدا عن التسلط ولابد من مناقشتهم والحوار معهم والاستماع لوجهات نظرهم وإعطائهم الاستقلالية وحرية التعبير عن آرائهم وذلك لزيادة وتحفيز الثقة بالنفس للأبناء ودعمهم نفسيا واجتماعيا من خلال اكتساب مهارات التعامل مع الآخرين والقدرة على اتخاذ القرار وتحقيق النجاح فى كل النواحي الحياتية سواء في الدراسة ثم التخرج والالتحاق ثم الحياة الأسرية، وهذا ما أكدت عليه الدراسات والأبحاث الاجتماعية أن عملية اختيار الطالب للتخصص الجامعي الذى يريد الالتحاق به من العوامل التي تؤثر على شخصيته سواء على المستوى النفسي والاجتماعي أو الدراسي والتعليمي.
ويتابع: ومن العوامل التي يجب مراعاتها عند اختيار التخصص الجامعي الرغبة والميول للطالب وسؤاله ماذا يريد أن يكون في المستقبل وألا يكون بناء على رغبة الوالدين أو مع اختيار أصدقاء الدراسة بل من قناعته الشخصية دون ضغط أو إجبار من أحد.
التخصص الجامعى
يؤيدها في الرأي د. عبد المنعم شحاتة، أستاذ علم النفس بجامعة المنوفية ويقول: يجب على الوالدين ترك حرية اختيار الكلية للأبناء لأن هذا يجعله قادرا على اتخاذ القرار وتحمل مسئولية اختياراته مما يزيد دافعيته لإثبات صحة اختياره بالاجتهاد والمثابرة، ومن التصرفات الخاطئة التي يرتكبها بعض الآباء مع أبنائهم الإجبار على الالتحاق بكلية معينة على رغبة الوالدين كالطب والهندسة على سبيل المثال على أساس أنها من كليات القمة والمجموع الذى تم تحصيلة في المرحلة الثانوية عالي، وفي ذات الوقت قد لا يرغب الابن الالتحاق بكليات القمة ويكون لديه تخصص آخر يريد أن يدرسه، والضغط على الأبناء هنا يدفعهم إلى الفشل الدراسي واحتمال فشلهم في حياتهم العملية أيضا لبناء شخصية ضعيفة غير قادرة على الاعتماد على نفسها واتخاذ القرارات المصيرية الصعبة وتكوين مشاعر سلبية من الأبناء تجاه آبائهم وتحميل الأبوين كل الصعوبات التى تقابلهم في حياتهم.
ويضيف: هناك دور رئيسى على الأبناء فى أن يتعرفوا على ميولهم ورغباتهم في الدراسة والمجال الذي يريدون أن ينجحوا ويحققوا طموحاتهم من خلاله، وعلى الوالدين هنا الاستماع لرغبات الأبناء وإعطائهم النصيحة مع الحفاظ على شخصيتهم القادرة على تحليل النصائح التي تم سماعها من الوالدين، ويشير إلى أهمية دور الأسرة في المراقبة والمتابعة للأبناء منذ فترة الطفولة ومعرفتهم لقدرات وميول أبنائهم على أساس التحصيل الدراسى وتفهم الصعوبات التي واجهها الأبناء كمادة الرياضيات على سبيل المثال، فهناك بعض الطلاب لا يجيدونها وهنا على الوالدين عدم إجبار الابن على الالتحاق بكلية التجارة وغيرها من التخصصات التي تحتاج للعمليات الحسابية، فيجب على الوالدين تفهم المستوى التعليمي لأبنائهم ومساعدتهم على اتخاذ القرار وتحمل المسئولية.
أسس التربية الجيدة
تقول د. هناء جلال، أستاذ أصول التربية بجامعة المنوفية: هناك بعض العوامل التى يمكنها أن تحقق نتائج التربية الجيدة وتم تصنيفها بناء على قوة في الارتباط بين الوالدين والأبناء ومدى سعادة الأبناء وصحتهم وهي كالتالي: الحب والعاطفة، فيجب أن يظهر الآباء عاطفة الحب والحنان والإحساس بالأمان منذ الصغر والمعاملة الحسنة وعدم القسوة في القول والفعل.
وكذلك التحكم في العصبية والتوتر داخل الأسرة والتعامل مع الضغوط وخاصة أثناء سير امتحانات أولادهم وعدم الضغط عليهم لأن ذلك يؤدى لنتيجة عكسية عند الأبناء وزيادة توترهم وقلقهم، وأيضا القدوة الأسرية فيجب أن يكون الوالدان نموذجا يحتذى به في العلاقات الفعالة مع الآخرين وكذلك الاعتماد على النفس والاستقلالية، فيجب التعامل مع الأبناء باحترام وتشجيعهم على تحقيق الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس وترك حرية الاختيار وتحمل مسئولية اتخاذ القرار.
وتتابع : يجب إدارة السلوك عن طريق التحفيز الإيجابي بشكل مكثف ولا يتم استخدام العقاب إلا عندما تفشل وسائل إدارة السلوك الأخرى، وإذا تم اللجوء للعقاب يجب أن يكون بعيدا عن استخدام العنف والقسوة.
وعلى الوالدين تنمية العادات الصحية السليمة داخل الأسرة مثل ممارسة أنواع الرياضة بانتظام كرياضة المشى مع الأبناء وكرة القدم وغيرها وأيضا يجب التنمية الروحية والدينية للأبناء والمشاركة في الأنشطة والمناسبات الروحية والدينية، ويجب أخذ الاحتياطات اللازمة لحماية الأولاد عن طريق الدراية الكاملة للأنشطة التي يمارسها الأولاد وعمن يصادقهم.
وتختم حديثها قائلة: يجب ألا يرغم الآباء أولادهم على دخول كليات بعينها وأن يأخذوا آراءهم دون إجبار أو قهر لأن ذلك ينعكس على نفسيتهم ويعرضهم للفشل في حياتهم العملية حتي وإن كان الآباء يريدون أن يتمتع أبناؤهم بالصحة والسعادة والنجاح في حياتهم الحالية والمستقبلية.
ساحة النقاش