سماح موسى
يتأثر الأبناء بما يشاهدونه من محتوى إعلامى عبر البرامج والمسلسلات والأفلام التى تعرضها مختلف القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية، وبين التأثيرات النفسية السلبية والإيجابية تقف الأسرة حائط الصد الأول أمام التغيرات التى قد يحدثها المحتوى الإعلامي فى سلوكيات الأطفال، وحول الدور الإعلامي والأسرى لحماية الأطفال من المخاطر النفسية للرسالة الإعلامية التقت "حواء" د. جمال شفيق لتقدم لقرائها الأساليب الصحية لتوجيه الأبناء لمشاهدة المحتوى الإيجابي وتجنب السلبيات التى تتضمنها الرسائل الإعلامية التقليدية والرقمية.
في البداية ما تأثير المواد الإعلامية على الأطفال؟
في ظل الانفتاح الإعلامي الكبير والتطور الرقمي المتسارع أصبح أطفالنا معرضين يوميا لمحتويات إعلامية متنوعة سواء عبر التلفاز أو الإنترنت أو حتى منصات التواصل الاجتماعي، وهذه المواد تحمل بين طياتها آثارا إيجابية وسلبية قد تساهم في تشكيل شخصية الطفل إما بشكل سليم أو منحرف، ما يضع الأهل أمام تحد كبير في توجيه أبنائهم نحو الطريق الصحيح، أما عن الآثار الإيجابية للمحتوى الهادف فعند مشاهدة الأطفال لبرامج تعليمية هادفة أو مسلسلات درامية تحمل قيما تربوية فإن ذلك يساهم في تنمية جوانب متعددة في شخصياتهم مثل الالتزام والانضباط من خلال متابعة شخصيات ملتزمة تحترم القوانين وتتبع القيم المجتمعية، بجانب تحمل المسئولية من خلال مشاهدة مواقف تدفع الشخصيات لتحمل تبعات أفعالهم واكتساب الخبرات الحياتية، فبعض البرامج تقدم حلولا لمواقف واقعية قد يمر بها الطفل في حياته اليومية، بالإضافة إلى تعزيز روح الانتماء والوطنية خاصة عند متابعة أعمال تناول تضحيات الجيش والشرطة أو قصص الكفاح الوطني.
وماذا عن الآثار السلبية للمحتوى غير المناسب؟
تعرض الطفل بشكل مستمر لمواد إعلامية غير مناسبة قد ينتج عنه مشاكل نفسية وجسدية مثل التبول اللاإرادي والأرق والقلق نتيجة مشاهدة أفلام الرعب بكثرة، وبجانب الانحرافات الأخلاقية التى تنتج عن مشاهدة الأعمال الخارجة عن القيم المجتمعية تتكون لدى الطفل تصورات مشوهة عن العلاقات والسلوكيات، حيث يقلد ما يراه من عنف وبلطجة خلال المسلسلات خاصة في حالة انجذابه لنجم درامي يجسد شخصية عنيفة ما قد يؤدي لتكرار هذه السلوكيات في الواقع، علاوة على تعرضهم للابتزاز والانتهاك سواء من خلال الألعاب الإلكترونية أو الروابط المجهولة التي تفتح أبوابا للقرصنة والابتزاز بل وأحيانا للاتجار بالبشر أو التحرش والاعتداء الجنسي.
لا شك أن دور الأم كبير ومهم جدا في حياة أبنائها خاصة في التوعية والتحذير بمخاطر الحياة فماذا عن دورها فى تحديد المواد الإعلامية التي يتعرض لها أبناؤها؟
دور الأم في التوجيه والتوعية مهم جدا فعليها أن تكون يقظة ومتابعة لما يشاهده أطفالها ليس بالمنع الكامل بل بالتوجيه الذكي، ويمكنها اتباع الخطوات التالية لتحديد المحتوى الذى يتعرض له الطفل وأولها اختيار البرامج الهادفة التي تنمي القيم الإيجابية مثل برامج الأطفال التربوية والقصص التاريخية المبسطة والأعمال الوطنية التي تعزز الانتماء والوعي من خلال التحاور مع الأبناء بعد مشاهدة أي عمل لمناقشة ما تعلموه منه والرسائل التي وصلتهم وتصحيح أي مفاهيم خاطئة، وبجانب الرقابة الناعمة على المحتوى الإلكتروني وتفعيل برامج الحماية الأسرية والتوعية بالمخاطر دون تخويف مبالغة.
ننتقل بحديثنا عن التوعية بالتحرش والمخاطر المجتمعية كيف يمكن مواجهة هذه السلوكيات من خلال الإعلام؟
مع تزايد وقائع التحرش والاعتداءات في المدارس والشوارع يجب التوعية المبكرة لكلا من الفتاة والشاب دون تفرقة لأن الجميع بات معرضا للخطر ويجب أن تكون التوعية مبنية على تعليم الطفل الفرق بين اللمسة الآمنة وغير الآمنة والتأكيد على ضرورة الإبلاغ الفوري عن أي موقف غريب دون الخوف من العقاب، وزرع الثقة بين الطفل ووالديه ليلجأ إليهم عند أي مشكلة.
وماذا عن المخاطر التى قد يتعرض لها الطفل خلال استخدامه السوشيال ميديا؟
وسائل التواصل سلاح ذو حدين وعلينا كأهل أن نعلم أبناءنا كيف يستخدمونها بأمان، فحالات الابتزاز من خلال صور مفبركة أو تهديدات إلكترونية أصبحت متكررة خاصة لفئة الأطفال أقل من 22 عاما الحل ليس المنع بل تثقيف الأبناء إلكترونيا بضرورة عدم مشاركة أي معلومات شخصية أو صور، والتحذير من الضغط على روابط مجهولة خاصة تلك التي تدعي أنهم ربحوا جوائز مالية، وتشجيعهم على إبلاغ الأهل فور الشعور بأي تهديد.
وما الكلمة التى توجهها لكل من الأسرة والقائمين على الرسالة الإعلامية؟
الأبناء أمانة وما يشاهدونه اليوم سيشكل وعيهم غدا، لذا علينا أن نكون شركاء حقيقيين في اختياراتهم ونمنحهم الثقة ونوجههم دون ترهيب، ونزرع فيهم الوعي دون أن نسجنهم في قوالب من الخوف والرفض، فالإعلام إذا أحسن استخدامه يمكن أن يكون وسيلة لبناء جيل واع قوي وملتزم ومسئول.
ساحة النقاش