هايدى زكى
فجأة تغير الموقف، وتوقف البث، وانطفأ بريق الشهرة، لتبدأ مرحلة جديدة فى حياة بعض البلوجرز بعد القبض عليهم، ليتحولوا من الشاشات الصغيرة إلى ساحات القضاء، ومن النجومية والشهرة إلى متهمين بنشر الفاحشة وإفساد المجتمع، فهل يفتقد أفراد المجتمع ما كان يقدمه التيك توكرز من محتويات غير هادفة؟، أم يؤيدون قرارات الجهات الأمنية بالقبض عليهم ومحاسبتهم على ما كانوا يقدمونه من محتويات أخلاقية؟
البداية مع د. جميلة نصر، عضو المجلس القومى للمرأة التى توجه كل التحية والتقدير لرجال الشرطة على ما شنوه من حملات أمنية على بعض صناع المحتوى على مواقع الفيديو الشهيرة، وتعتبر حملة التطهير الأخيرة التى قامت بها وزارة الداخلية للقبض على بعض الشباب البلوجرز الخارجين عن قيم المجتمع حملة لحماية الأمن الأخلاقى وخاصة للفتيات لأنهم أكثر استهدافا من الشباب.
وتقول: قرار القبض على بعض البلوجرز ما هو إلا قرار تحول من مجرد إجراء قانوني إلى نقطة تحول في الوعي المجتمعى، وهى قضية رأي عام تمس كل فرد فى المجتمع، فالبعض يعتبر هذه النماذج قدوة ويسعى لتقليدهم من أجل تحقيق الثراء والشهرة التى حققوها، حيث نشاهد بعض الشباب يسعون لتقليدهم سواء فى المظهر أو سلوكياتهم وطريقة تحدثهم التى لا تناسب تقاليد مجتمعنا، فالشباب بطبيعتهم يميلون للتقليد والفضول، لذا أرى أن القبض عليهم حماية لأبنائنا.
وتعتبر د. منى رجب، الأديبة والكاتبة وعضو المجلس الأعلى للثقافة أن ما حدث من رجال الدولة بمثابة إنذار للعديد من الشباب ليراجعوا أنفسهم فيما يقدمونه من محتوى، فضلا عن أنه رسالة بأن النجاح الحقيقي مرتبط بالقيمة وليس بعدد المتابعين، وتأكيد على أن الشهرة السريعة غالبا ما تفقد بريقها اللامع بسرعة أيضا.
وتقول: لا أحد ينكر أن هناك صفحات تبث روحا من الأمل والتفاؤل وتقدم محتوى هادف وممتع ومثقف أيضا ومفيد للعديد من الشباب، لذا علينا أن نلقى الضوء على هذه النماذج الشبابية الناجحة، إلا أن المشكلة فى رغبة بعض الشباب فى تحقيق الثراء السريع والشهرة بلا مجهود، وهو ما رسخه بأذهانهم بعض البلوجرز الذين حصدوا إعجابات وتابعهم الملايين جراء بعض المحتويات الهابطة.
وتقول الكاتبة الصحفية، منى صلاح: قد يعتقد البعض أن ما يقدمه التيك توكرز من قبيل حرية التعبير التى يكفلها القانون وهذا اعتقاد خاطئ، فحرية التعبير مكفولة للجميع، لكن عندما يتجاوز المحتوى الخطوط الحمراء سواء بالتحريض على الفسق أو نشر محتوى خادش يصبح الأمر جريمة يعاقب عليها القانون، والقبض على البلوجرز المخالفين تطبيق لسيادة القانون وليس تقييدا للحرية.
بدائل لحماية شبابنا
تقول د. ماجى الحلوانى، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة سابقا: المحتوى الهابط أخطر من أي مرض، لأنه يؤثر على عقول المجتمع ولابد أن تكون هناك رقابة، وعلى مؤسسات الدولة من الفنانين والمبدعين أن يقدموا بدائل راقية لمثل هذه التفاهات، فكلما كانت هناك بدائل أمام الشباب لتفريغ طاقتهم ومواهبهم وتقديم محتويات هادفة تناسب مجتمعاتنا العربية قل المحتوى غير الهادف وكان هناك طريق آخر للشباب يعبرون خلاله عن آرائهم ويمارسون عبره هواياتهم.
وتتابع: قرارات القبض على مقدمى المحتويات الذين يضرون بالصالح العام للوطن يستلزم تقديم الشكر للأجهزة المعنية التى تسعى إلى تطهير عقول شبابنا من السموم التى تحاول الكتائب الإلكترونية القابعة وراء مقدمو المحتوى الهابط بثها فى عقول شبابنا.
القرار الناجح والتوعية
"قنبلة موقوتة" هكذا وصفت د. سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع صانعى المحتوى غير الأخلاقى على مواقع التواصل الاجتماعى، وتقول: على الرغم من أهمية مواقع التواصل الاجتماعى إلا أنها تشكل قنبلة موقوتة حيث تشكل خطرا كبيرا على أولادنا ومجتمعنا لأنه من خلالها يمكن نشر سلوكيات غير مرغوبة ولا تتفق مع عاداتنا، فبعض البلوجرز المسيئين كانوا يروجون لثقافة الاستهلاك والمظاهر الخادعة، ما خلق فجوة نفسية بين الواقع وطموحات المراهقين، والتى قد تتحول إلى إحباط يظهر فى شكل سلوك عدواني، لذا فإن التدخل القانوني ضروري لأنه يضع حدودا واضحة لما هو مقبول وما هو مرفوض مجتمعيا، خاصة وأن المراهقين يتأثرون بالقدوة المرئية أكثر من النصائح المباشرة من الأهل، ومتابعة البلوجرز بشكل يومي تعني أنهم يصبحون مرجعا لسلوكيات الأبناء دون وعي.
وتضيف د. سوسن فايد، أستاذة علم النفس الاجتماعى بالمركز القومى للبحوث: القبض على البلوجرز جرس إنذار لكل بيت مصري، فالقانون وحده لا يستطيع أن يربي أبناءنا، فالمعركة الحقيقية تبدأ من الأم التي تراقب هواتف أولادها، والأب الذي يجلس مع ابنه ليقدم له القدوة والنماذج التى يجب أن يحتذى بها فى حياته، والمعلم الذي يغرس في طلابه قيمة الاجتهاد بدلا من إغراء الشهرة السريعة.
ساحة النقاش