هل يجوز لزوجتى التى ترضع ابنى البالغ من العمر عشرة أشهر الإفطار فى شهر رمضان ؟
(محمود عبدالله - مدرس لغة فرنسية)
توضح د. سعاد صالح - أستاذة الفقه بجامعة الأزهر - أن المرضع ومثلها الحامل لها حالتان :
الأولى : أن لا تتأثر بالصيام ، فلا يكون صعبا عليها أن تصوم ولا يخشى منه على ولدها ، فيجب عليها الصيام ، ولا يجوز لها أن تفطر .
الثانية : أن تخاف على نفسها أو ولدها من الصيام ويصعب عليها ، فلها أن تفطر وعليها أن تقضى الأيام التى أفطرتها . وفى هذه الحالة الأفضل لها الفطر ، ويكره لها الصيام ، بل ذكر بعض أهل العلم أنها إذا كانت تخشى على ولدها وجب عليها الإفطار وحرم الصوم .
وفى حالة الفطر وجب عليهما قضاء الصوم، لقول الله تعالى فى المريض : (ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) . وقد اتفق العلماء على أن الحامل والمرضع تدخلان فى وصف المريض أو المسافر .. وإذا كان عذرهما الخوف على الولد فعليهما مع القضاء عند بعض أهل العلم إطعام مسكين لكل يوم ، وقال بعض العلماء : ليس عليهما سوى القضاء على كل حال ؛ لأنه ليس فى إيجاب الإطعام دليل من الكتاب والسنة .. وهذا مذهب أبى حنيفة رحمه الله .
من رمضان إلي رمضان
ما حكم من أخر قضاء رمضان حتى أدركه رمضان الآخر ؟
(شيماء صابر - ليسانس آداب)
يرد على سؤال القارئة فضيلة د. نصر فريد واصل - مفتى الجمهورية الأسبق أن من أخر القضاء حتى أدركه رمضان الآخر فله حالتان هما :
الأولى : أن يؤخره لعذر . من مرض ، أو سفر ، أو عجز ، ونحوه فليس عليه إلا القضاء لقوله تعالى {فعدة من أيام آخر} . وقول عائشة رضى الله عنها : كأن يكون علىّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا فى شعبان .
أما الحالة الثانية : أن يؤخره لغير عذر . فعليه مع الإثم القضاء وأن يطعم عن كل يوم مسكينا لأن القضاء كان واجباً عليه ولم يوجد ما يسقطه فوجب أن يبقى على ما كان عليه .
وأما إطعام كل يوم مسكين فلأن تأخير قضاء رمضان عن وقته إذا لم يوجب قضاء آخر أوجب الفدية ، ولأنه يروى كذلك عن ابن عمر ، وابن عباس ، وأبى هريرة أنهم قالوا : (يطعم عن كل يوم مسكيناً) .. ولم يرو عن غيرهم من الصحابة خلافه فكان إجماعاً.
وهنا قد يتساءل البعض عن حكم من ترك قضاء رمضان إلى رمضان الآخر ثم مات .. وهذا نقول له أن من ترك القضاء حتى مات لعذر فلا شىء عليه ، وان كان لغير عذر أطعم عنه لكل يوم مسكيناً .
ومن مات وعليه صيام نذر فإنه يصام عنه . ودليل ذلك حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال : «جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ! إن أمى ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها ؟ قال : فصومى عن أمك».
خلق المراقبة
الصيام يكسب صاحبه خلق المراقبة لله تعالى ، فهو يستطيع أن يأكل ويشرب لكنه لا يفعل طاعة لله تعالى ولذلك لا يدخله الرياء، يقول الله تعالى فى الحديث القدسى : «إلا الصوم فهو لى وأنا أجزى به» .
وإذا صحت المراقبة لله تعالى فسيصلح بصلاحها الشىء الكثير وسينعكس ذلك على سلوك المسلم ، وسيتضح ذلك فى أخلاقه ، وإذا راقب الإنسان الله فى عباداته ومعاملاته ، وأخذه وعطائه ، وعلم أن الله لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما فى البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين}.
{ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوي ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدني من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم}.
إذا علم الصائم هذا كله واستشعر التوجيه النبوى «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» فقد حاز خيرا كثيرا ، وارتقى فى سلم الأخلاق والسلوك إلى مدى بعيد .
ساحة النقاش