المدرسة.. هي بالأساس بيت من بيوت التربية والتعليم لكن في الآونة الأخيرة أصبح العنف هو العنوان وأصبحت التربية والتعليم في خطر وأولادنا أيضا في خطر وحول هذه القضية الخطيرة التي تزداد معدلاتها سنويا كان هذا التحقيق .

البداية من تقرير حديث صادر عن المركز المصرى لحقوق الإنسان أوضح حالات العنف داخل المدارس خلال الشهر الأول من الدراسة حيث بلغ عدد الضحايا 14 طالبا منهم 6 حالات انتحار و13 حالة طعن بالمطواه بالإضافة إلى 23 حالة عنف من المدرسين والمديرين ضد التلاميذ و15 حالة عنف من أولياء الأمور ضد المدرسين والمديرين والنظار و7 حالات تعدى من الطلاب على مدرسين و5 حالات عنف من أولياء الأمور ضد زملاء أبنائهم و7 حالات عنف وقتل طلاب ضد زملائهم وإذا كان التقرير يرصد ارتفاع معدلات العنف فإن الواقع والتفاصيل تأتى على لسان الطلاب وأولياء أمورهم.

وحول الظاهرة تحدث أمجد راشد - ثانية ثانوى قائلا: بصراحة الواحد بيروح المدرسة وهو خائف فمعظم الطلاب يحملون المطواه لدرجة أن من لا يحمل واحدة يعتبر طفلاً فالرجولة فى الثانوى تعنى المطواه والسيجارة وبالرغم من أن زملائى المقربين محترمين ولا يدخلون فى مشاجرات عنيفة إلا أننا لا نطمئن على أنفسنا لأن وقت المشاجرة خاصة بعد نهاية اليوم الدراسى وعلى باب المدرسة تظهر المطواه ويصاب من يصاب حتى وإن لم يكن أحد أطراف المشاجرة وعندما نشتكى لأى مدرس فى اليوم التالى يقول طالما أن المطواه خرجت خارج المدرسة فنحن لسنا مسئولين.

تتفق معه سلمى عصام -ثانية إعدادى- قائلة: أدرس بمدرسة مختلطة وهنا المشكلة أكبر لأن الأولاد عندما يضربون بعضاً ويجرون خلف بعضهم البعض لا يهتمون بأن هناك بنات قد يكن واقفات فى الحوش وقت الفسحة وفعلا أصيبت إحدى زميلاتى مؤخرا بجرح فى الجبهة عندما دفعها أحد الأولاد وهو يجرى للحاق بزميله ليضربه وأخذت 7 غرز فى الجبهة لأنها سقطت على قطعة حديد فى أحد أركان الحوش ولم يتم عمل محضر بالواقعة ومن يومها ونحن البنات نفضل قضاء الفسحة في الفصول للبعد عن العنف بين الأولاد.

تتفق معها وتضيف ضحى سالم -أولى ثانوى صناعى العنف ليس قاصرا على الأولاد فخناقات البنات أكثر عنفا لكن لأنها لا تصل للمحاضر فلا أحد يعرف فنحن فى مدرسة صنايع وكل يوم هناك خناقة وضرب وأحيانا تقطيع فى الملابس عندما تتشاجر طالبتان وأنا أشاهد بنفسى المدرسات وهن يبتعدن عن الخناقة خاصة وأنها تحدث خارج المدرسة قائلات ربنا يستر ومحدش يموت ويصرخن فينا نحن المتفرجات أبعدن عنهن ربنا يخدهن كلهن!.. الخناقات فى المدارس الآن شئ عادى ولا أحد يهتم إلا إذا أصيبت بنت وكانت داخل المدرسة!!!

أما أولياء الأمور فلهم نظرة مختلفة فى الموضوع وعن ذلك تحدثت السيدة أميرة قائلة: أثناء الفسحة قذف ولد ابنتى بالكرة مما أصابها بكسر فى ذراعها لأنها ضعيفة ولا تزال في الصف الأول الابتدائى وعندما توجهت لإدارة المدرسة لأشكو من وجود كرة داخل المدرسة أخبرتني المسئولة أنهم ينبهون على الأولاد بعدم إحضار الكرة لكن لا أحد ينفذ التعليمات وعندما يجدون كرة يأخذونها ويضعونها فى غرفة، أحد المشرفين إلا أن الأولاد يحضرون غيرها وطبعا شعرت بأن هناك استهانة فى التعامل مع الأمر من جانب المسئولين بالمدرسة وهذا سيزيد من معدل العنف بين التلاميذ وأعتقد أن الحسم مع التلاميذ فى حالة قيام أحدهم بأى سلوك عنيف ربما يكون رادعا لباقى التلاميذ.

الأستاذ أحمد أبوزيد -موظف - قال:

- العنف فى المدرسة يبدأ بالأستاذ وهذا أخطر عنفا فإبنى الصغير فى الصف السادس الابتدائى ومنذ أيام عاد للبيت وهو لا يستطيع أن يحرك أطراف يده اليمنى وبسؤاله علمت أن المدرس ضربه على ظهر يده عدة مرات ثم سبه بأمه لأنه نسى عمل الواجب وذهبت وأنا مصرة أن أشكوه للمدير ثم أذهب لأعمل محضرا بالقسم لكن المدرسين اعتذروا إلىَّ ووعدونى أنه لن يكرر ما فعل وأنه إنسان طيب ولا يعرف كيف تصرف بهذا الأسلوب ومرَّ الموقف لكن للآن أشعر بأننى مخطئة لأننى تنازلت عن حق ابني وأعتقد أن المدرسين يجب أن يخضعوا لاختبارات نفسية حتى نطمئن على أولادنا معهم.

تتفق معه السيدة أشجان محمد -موظفة- قائلة:

- بصراحة التعليم حالته صعبة فالمناهج صعبة والمدرسون يمارسون عنفا على الطلاب والطلاب يمارسون عنفا على زملائهم وأساتذتهم والوزير مشغول فى محاربة الكتب الخارجية. المسألة كلها غير سليمة والتعليم فى خطر لأننى كأم كلما سمعت عن العنف فى المدارس أخاف على أولادى وأنتهز أى فرصة لأجعلهم يغيبون وهذا خطأ لكنه طريقتى الوحيدة لحمايتهم طالما لا توجد إدارة مدرسية قادرة على التعامل مع المعدلات المتزايدة للعنف الذي نسمع عنه يوميا فى الاعلام.

هكذا رصد أصحاب المشكلة واقع العنف كما يرونه فكيف يحلل المتخصصون الأمر ونصائحهم للتعامل معه؟

د. نادية الحسينى أستاذ علم النفس التعليمى وعميد كلية تربية نوعية بجامعة عين شمس. تحدثت معنا قائلة:

- ارتفاع معدلات العنف ظاهرة عالمية تعكس وبوضوح الخلل المنتشر فى المجتمعات الإنسانية. وإذا ركزنا على العنف فى المدارس بكل جوانبه سنجد أنه وببساطة نموذج للعنف الموجود فى المجتمع ففى الماضى كان المجتمع أكثر هدوء وتسامحا وأقل عنفا أما الآن فالمجتمع كله يمارس العنف الأقوى على الأضعف بدءا من داخل الأسرة مرورا بكل المجتمعات التى يعيش بداخلها الفرد من هنا يمكننا القول أن العنف فى المدارس انعكاس لعنف المجتمع الذى نعيشه. وأضافت: إن العنف فى المدارس يمر بمراحل حيث يبدأ بالصوت المرتفع ثم الشجار ثم الضرب والضرب نفسه يختلف ما بين الضرب بالأيدي أو باستخدام الأسلحة البيضاء التى للأسف أصبحت منتشرة وسط طلاب المدارس وأذكر أننا وجدنا خلال بحث ميدانى أن الطلاب يحملون «سنجاً» فى المدرسة وأن المدرسين لا يتدخلون فى الأمر خوفا على أنفسهم من المسئولية ، لذا نجد أن السلبية وعدم وجود رقابة حقيقية داخل المدارس ساعد على زيادة معدل العنف سواء بين الطلاب أو بين الطلاب والمدرسين، وأضافت أن الحد من العنف يحتاج لتعاون أكثر من جهة ويبدأ الأمر بالبيت فإذا قامت الأسرة بدورها فى التنشئة وحاولت تنمية أى موهبة لدى الطفل واذا اهتمت المدرسة بالنشاط سواء فنياً أو رياضاً فإن ذلك سيحد من العنف وسيعلم التلميذ أشياء مفيدة تنمى مهاراته العقلية والرياضية والفنية وأكبر دليل على أهمية ممارسة الأنشطة المختلفة أن معدلات العنف تزايدت بعد أن تم إلغاء الحصص المخصصة للأنشطة وحرم التلاميذ من ممارسة الرياضيات فى الحوش فالطفل طاقة إذا لم نحسن استغلالها فإنها تظهر بشكل ضار على الطفل والمحيطين به. ونصحت بضرورة إعداد المعلم بشكل جيد تربويا ونفسيا ليكون قادرا على استيعاب التلاميذ وليس مجرد متخصص فى المادة التى يقدمها لهم لأنه فى الآونة الأخيرة أصبح ممارسا للعنف سواء اللفظى أو البدنى. وختمت حديثها مؤكدة أن المجتمع كله مسئول عن المساهمة فى القضاء على العنف وذلك بالتخلى عن حالة اللامبالاه والسلبية التى أصابت الجميع، فالناس الآن ترى حالة شجار ولا تتدخل خوفا من أن يصيبها مكروها وهذا ساعد على ارتفاع معدلات العنف بدلا من أن نقف لها بيد من حديد وأكدت أن التعامل مع العنف بقسوة من قبل إدارة المدرسة ربما يحل الأمر جزئيا لكن القضاء على العنف المدرسى يبدأ بإحياء الأنشطة فى المدارس.

 

 

المصدر: نجلاء أبو زيد - مجلة حواء

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,852,360

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز