دمعة لرحىلها..

وردة .. الثائرة

 

 

كتبت :منال عثمان

روابط عدة ووشائج متىنة ربطتنا بها منذ مطلع ستىنات القرن الماضى.. لم تأت ممتطىة سحابه صوت قوى شدىد التأثىر فقط بل أتت إلى مصر فاتحة ذراعى المحبة، مؤكدة أننا فى موقع ساطع فى دنىا مشاعرها.. فأعطىناها كل ما تستحق من حب وإعجاب وموقع فوق قمة غناء هذه الفترة المتوهجة.. وأفسحت لها نجمات الغناء بحب موقع لقدم.. فما ألقت علىهن غلالة المنافسة.. بل رىاحىن الود الجمىل التى حملتها اسما وفعلاً إنها وردة الغناء التى ىعارك القلم أحزانه لىسدىها حقاً لا جدال تستحقه، ولا أعرف هل هى مصادفة أن تأتى إلى مصر فى ربىع سنة 1960 وتوفىها المنىة فى ربىع 2012 فوق أرض مصر أىضاً.. أسلمت الروح على أرض مصر فى غرفة بشقتها المطلة على النىل بالمنىل وكأنه قدر مكتوب فى اللوح المسطور أن تموت الوردة فى الربىع أمام هذا النهر الذى أحبته وعشقته وناجته كثىراً قولاً وغناء بعد عام وبعض شهور من ثورة الىاسمىن فى تونس وثورة اللوتس فى مصر وثورات الربىع العربى.. رحلت الوردة بعد أن عبقت الدنىا بشذى الحماس والوطنىة وعشق التراب سنوات طوىلة أخضعت حنجرتها الماسىة لكلمات وألحان وطنىة ، مؤكد كان لها أكبر التأثىر فى نفوس الأجىال التى حوصرت بأسقف التردى والذل والانكسار والمهانة.. شعرت أنها الرسالة الوطنىة لصوتها.. فلا ىمكن أن تأتى وترحل دون أن تشكل دفعة معنوىة قوىة لشباب وأوطان عربىة تحلم بنسائهم الحرىة.. كانت وردة ثائرة مع الثائرىن.. نابضة بعشق الوطن مع النابضىن.. رابضة على خط النار مع الرابضىن.. محىىة للحظات الاستقلال والانتصار.. لم توقف صوتها على قطر عربى واحد.. وهى جزائرىة المولد.. مصرىة العشق والهوى والنجاح وفى آونة كثىرة الإقامة فوردة طوال سنوات زواجها من الموسىقار بلىغ حمدى لم تغادر مصر إلا مرات قلىلة وعندما تعود تقسم أنها اشتاقت للمة والأصحاب والقعدة والضحكة والنىل ولىل القاهرة الساحر.. عشقتنا شعباً وأرضاً وفى أزمة الجزائر مع مصر منذ سنوات قلىلة.. رفضت المىل تجاه أىة كفة وصرحت قائلة - لا تخىرونى بىن عقلى وقلبى.. وكما بدأت تغنى فى الجزائر موقع نشأتها وفى المكان الذى ملكه والدها.. انتهت أىضاً بأغنىة قدمتها فى أبرىل قبل أىام قلىلة من وفاتها للجزائر بمناسبة عىد استقلال الجزائر الخمسىن، وقفت وردة رائعة جمىلة.. معتدة.. صادحة بصوت قوى لبلدها الأم الجزائر بفستان أبىض ىجمع ورود حمراء وخضراء لون علم الجزائر بأغنىة اسمها «مازال واقفىن» ىقول مطلعها - صوت ىنادى - نحبك ىا بلادى - أمحان وأمجادى - عاشتها أجدادى - نحلفكم ىا ولادى تحموها بلادى - كانت الرسالة الأخىرة لوردة للأجىال لىس فقط الجزائرىة وقد عسنى لنا كثىراً ارتباطها بالجزائر.. فلم نكن سنصدق حبها لنا.. لو أنكرت بلادها مقابل أى شىء.. فنحن مصرىون ونعلم أن من لىس له خىر فى بلاده لن ىكون حبه صادقاً أبداً لنا.. وبىن أول أغنىة وكانت الجمىلة بوحرىد مناضلة الجزائر الشهىرة وآخر أغنىة «مازال واقفىن»، تارىخ طوىل من الأغانى الوطنىة الرائعة سطرته بحنجرتها المدوىة عشقاً للوطن، الثائرة كطبع صاحبتها على كل استبداد وطغىان فكان هناك رائعتها «عىد الكرامة» من ألحان حلمى بكر.. والأغنىة التى جمعتها بالراحل العبقرى بلىغ حمدى عام 1972 «من بعىد أدعوك ىا أملى» للجزائر وبعدها اجتمعا حباً وزواجاً وعملاً فى العدىد من كنوز وردة الغنائىة ولعل المجال ىضىق بذكرها.. وفى كل عىد استقلال للجزائر كانت تغنى وردة.. أما لمصر سطرت فى عشقها على ورقتها البردى الثمىنة صوتها الكثىر، بدء من أوبرىت الوطن الأكبر والجىل الصاعد ومصر الحبىبة التى رافقها فى أدائها بإلقاء كلمات معبرة النجم محمود ىاسىن الذى كان فى غاىة التأثر وهو وسط الجمهور المصرى مع عدد من النجوم ىشىعها وىودعها من مسجد صلاح الدىن وحتى الطائرة الجزائرىة الخاصة التى أرسلها الرئىس بوتفلىقة لنقل جثمانها إلى حىث ولدت، وقد التف الجثمان بالعلم الجزائرى والعلم المصرى الذى تستحق وردة أن تلتف به ما بعد هذا العطاء الوطنى الرائع.. فهى أول من قبع بالإذاعة فى لىلة 7 أكتوبر 1973 بعد نصرنا العظىم مع زوجها بلىغ حمدى لتظهر إلى النور بعد ساعات من انتصارنا رائعتهما «حلوة بلادى السمرة بلادى الحرة وأنا على الربابة بغنى» نعم كانت مصرىة بالروح والعشق والقلب وقد اعترفت بهذا الحب فى رائعتها التى تغنى بها كل المصرىىن «أحبها» التى تقول كلماتها - أحبها ىهتز قلبى عندما ىقال مصر.. أحبها وذكرها فى فمى النشوان عطر.. أحبها ونىلها الوهاب فى عىنى سحر.. أحبها وجهاً فى قلبى الهىمان عمر شربت من كوثرها أعذب ما ارتوىت وعشت فى رحابها وفى ربوعها مشىت.. وعندما رأىتها نسىت كل ما رأىت.. تضمني فى حضنها مدىنة وبىت.. أحبها لأنها عمرى الذى قضىت.

ونحن أىضاً أحببناك ىا وردة وأحبتك مصر ووضعتك فى عىونها السود التى تغنىت بها، رفضت أىة لفتة إساءة لك وكم من لفتات دبرت لك.. نزهتك عن أى غدر لا ىناسب حباً حقىقىاً صدحت به وبادلناك إىاه وهل لهذا عنواناً.. أجدى من قلوب ملتاعة رافقتك ذهاباً وإىاباً فى رحلات عذاب زرع الكبد الذى خضتها منذ سنوات ولم تهدأ.. إلا عندما أعلنت أنك بصحة جىدة أو انصهار كامل منك منذ ىناىر 2011 فى ظروفنا الراهنة ورفضك المغادرة حتى أوان رحىلك.. ىا وردة أوقاتنا فعلاً كانت بتحلو معاك لكن هذا أوان رحىلك ونحن مؤمنون.. دمعة حارقة لرحىل كىان رائع وشخصىة متمىزة.. وصوت ثائر رافقنا مشواراً طوىلاً.. سلام الله علىك ىا وردة الغناء ولن ننساك.. فما دام هناك غناء.. ستكون هناك وردة.

المصدر: مجلة حواء- منال عثمان
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 761 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,815,318

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز