جلبــاب أبـى
كتب :حسين محمد
الولاء للآباء والأمهات والعرفان بأفضالهما من معانى الطاعة الراقية والنبيلة، لكن أن تدفع الطاعة الأبناء إلي تقمص شخصية الآباء، فى تصرفاتهم تجاه الكثير من المواقف، وأن يقلدون تلك التصرفات لمجرد أنها صدرت منهم.. فهذا ما يحتاج أن نتوقف عنده مع آدم في ما يلى من سطور..
كان والده يرى فيه الولد الذي يستجيب للتوجيهات وما يطلب منه يقوم بتنفيذه حسنا وطواعيه دون جدال ، بدأ يكلفه الأب بمهام لا يقدر عليها إلا كبار السن، انعكس اعتماد الوالد على الولد بأن اشتد عوده ونضج عقله، لكن الولد لم يوجه هذه الاعتمادية لبناء شخصيته وتقويتها بها ، إنما جند حواسه ومشاعره لمجرد الانسياق وراء الأوامر وتلبيتها آليا، كبر الابن وتوفى الوالد وتطور الأمر إلى أن أحب الشاب والده لدرجة تقمص فيها شخصيته وبدأ يسير وفق تصرفات والده تجاه بعض المواقف بشكل لا إرادى، مما عرضه للكثير من المواقف الحرجة التى يكون فيها شخصاً لا يتصرف وفق شخصيته هو ، إنما اتباعاً لطبيعة الأب واعتزازه به ، وكثيراً ما قابل الشاب من المواقف المخجلة تجعله رهن استدعاء شخصية والده كى يتصرف ويتعامل مع ما يتعرض له ، ولم يكن الأمر مقصوراً على ذلك فحسب ، بل اتباعه وتقمصه لشخصية والده تجعله يسئ فيها إلى غيره ويتحامق معهم نتيجة لفهمه الخاطئ لما يقصدون.
استمر معه حاله حتي تزوج ، طلبت منه زوجته العيش بشخصيته ، وأن لا يظلمها بتربية أبنائهما على نفس منوال والده معه - مع احترامها تقاليد تربية الآباء والأمهات للأبناء لكن هناك أموراً تحتاج شخصية ذاتية سلوكها نابع منها، حيث إن تصرفاته تربكه وتغشى بصره عن طبائع وشخصيات كثيرة تحتاج منا لرحابة واتساع فى الفكر والمنطق.
آدم هذا لا يزال مصراً على نفس المسلك ، يؤمن بوالده، يطبق انفعالاته وتصرفاته وردود أفعاله فى محل عمله ومع المحيطين به. مع العلم بأن والده كان شخصية قيادية ، وحازمة وحانية، وعلى قدر عال من الثقافة والفهم مما لا يجعل اتباع الولد له شيئاً كارثياً، عاراً ومعيباً، لكن الأمر هنا يتعلق بنظرته للأمور والمواقف التى يتعامل معها، وأن عليه أن يدرك إلى جانب شخصيته وما تربي عليه، وإلى جانب شخصية والده وما رباه هو عليه، أن يدرك تماما أن ابناءه يعيشون فى زمن غير الذى عاش فيه مع والده، وأنهم تحيط بهم كثير من المتغيرات التى لم تكن موجودة أصلاً فى الزمن الذى تربى هو فيه من وسائل اتصال وغيرها. ليت آدم يستجيب بأن يستدعى مواطن الايجابية والقوة بداخله، وتذكره دوماً أنه مسئول عن أناس كثيرين يحبونه «هو».
فعليك يا .. هذا .. أن تتعرف على نفسك، وتسألها ، وتأخذ وترد معها فى تصرفاتك اليومية؛ وانك وبقدر ما تجلس مع أشخاص كبار فى السن، ايضاً حاول أن تقيّم تصرفاتهم، وترى جيداً من من صدرت وإلى أين، ومداها، وشكل تأثيرها وصداها على الآخرين، وقتها ستكتشف نفسك وترى أن لها حكمها على الأشياء وطبيعة التصرف تجاهها، وأن شخصيتك فى حاجة إلى رعاية واهتمام.
ساحة النقاش