كتبت :سمر عيد

طالعتنا الصحف بحادثة غريبة من نوعها حيث أضرمت امرأة عراقية النار فى زوجها وأحرقته لأنه يشاهد المسلسل التركى ويقارنها بالنساء التركيات،وإّذا كان هذا هو حال المرأة العراقية فإن المرأة المصرية حالها أشد سوءا وغيرتها أكبر بكثير من كل هذا ،فكل يوم نسمع شكاوى من نساء كثيرات أنهن يعانين من مقارنة أزواجهن لهن بفتيات الفيديو كليب ونساء المسلسلات التركية.. فهل أهملت النساء مفردات جمالهن أم أن الرجال قد أصيبوا بداء زوغان العيون المزمن؟>>

 

بداية التقينا بماجدة جورج صاحبة محل كوافير والتى حدثتنا قائلة:فى السبعينيات والثمانينيات وحتى فى أوائل التسعينيات كانت المرأة تهتم بنفسها كثيرا فلم يكن يخلو يوما إلا وزارتنى العشرات من النساء لتصفيف شعورهن وعمل تسريحات مختلفة وعمل البادكير والمانكير وتنعيم الجلد وخلافه ،الآن لا تأتى إلى الكوافير إلا من لديها مناسبة فقط إما كتب كتاب أو خطوبة أو حفلة ونادرا ماتأتينى امرأة تريد تصفيف شعرها من دون مناسبة كى تتزين لزوجها فى المنزل .

الأزمة الاقتصادية

وتضيف ع.أ صاحبة مركز تجميل شهير: لقد كان الحال أفضل قبل قيام الثورة أما هذه الأيام فلقد قل جدا عدد النساء اللواتى يرتدن المركز ،لعل السبب فى ذلك قلة الموارد المالية للنساء ،أو تعطل العديد من الرجال عن العمل وخصوصا من يعملون فى السياحة.

وتقول دعاء عبد الرحمن مدرسة تربية رياضية بإحدى المدارس الخاصة:المرأة المصرية لاتهمل فى جمالها بإرادتها ،فمن المعروف أنه كلما زاد دخل المرأة المادى كلما زاد اهتمامها بجمالها ،والمرأة المصرية امرأة مكافحة "وحمالة آسية" فهى تستيقظ كل يوم لكى تجهز الإفطار لأبنائها ثم تأخذهم إلى المدارس ثم تذهب إلى عملها ثم تعود لأخذ الأولاد من المدارس وتعود مهلكة لتجد أمامها الطبخ والتنظيف ينتظرونها بالمنزل،فأين الوقت كى تتزين لزوجها .

ومن الملاحظ أن النساء فى الطبقات الثرية يقمن بالاهتمام بجمالهن أكثر من النساء فى الطبقات الفقيرة ،لأن المرأة فى الطبقة الثرية تستطيع الاستعانة بشغالة أو مربية فتجد وقتا لنفسها وللاهتمام بجمالها. الدجاجة أولى

وتقول رباب محمود ربة منزل: لا أعمل وعلى الرغم من ذلك لا أهتم بجمالى وأناقتى ،وهذا يعود إلى ضعف الدخل فزوجى رجل موظف ومستحضرات التجميل غالية الثمن وبدلا من أن أشترى أدوات التجميل أفضل شراء دجاجة لأولادى.من منا يمكن أن تترك أولادها دون طعام أو دون دروس خصوصية وتذهب كى تتجمل لزوجها هذه المرأة ليست موجودة فى مصر.

سدة نفس

وترى مريم محفوظ مدرسة رياضيات أنه توجد مستحضرات تجميل رخيصة الثمن في كل مكان لكن المشكلة أن المرأة المصرية أصيبت بـ "سدة نفس" نتيجة لتداعيات الثورة ناهيك عن التحرش الذى زادت نسبته فى كل مكان فأصبحت النساء تخاف من أن يتجملن أو يظهرن بمظهر لائق.

ثقافة الزحام

وتقول رنا محمد مدرسة خدمة اجتماعية:نحن نعانى من ثقافة الزحام وفى الزحام لايلاحظ أحد جمال أحد ففى الماضى كانت الفتيات يتجملن من أجل الحصول على زوج مناسب أما الآن وبعد أزمة الزواج والعنوسة أصبحت الفتيات يدركن ويعرفن جيدا أنهن مهما تجملن لن يجدن فارس أحلامهن ،ولن يلاحظ جمالهن أى شخص ناهيك عن أن الرجل المصرى نفسه أصبح لايبحث عن الجمال بقدر مايبحث عن فتاة موظفة كى تساعده فى المعيشة أو ذات المال والنفوذ التى يمكن أن تدعمه فى الحياة ،لقد أصبح الزواج زواج مصالح فقط لاغير ،والجمال أصبح لايؤخذ بعين الاعتبار .

تقدير الجمال

وترى د. ناهد نصر الدين عزت أستاذة الفلسفة وعلم الجمال وخبيرة التنمية البشرية بجامعة القاهرة أن هناك مجموعة عوامل قد تسببت فى فقد المرأة المصرية لجمالها وتقول:أول الأسباب الملل حيث تمل المرأة من أن تتجمل كل يوم ولاتجد من يقدر هذا الجمال وخصوصا الزوج فلا يوجد من يثنى عليها أو يمتدح شكلها..

ثانى هذه الأسباب الروتين والتعود فلقد تعودت أن تصحو كل يوم لتذهب إلى عملها وتعود لتراعى أبناءها ولم تتعود على الاهتمام بنفسها.. أما ثالث هذه الأسباب أننا لانربى فتياتنا على الجمال فمن المفروض أن نعلم الفتاة أن تكون جميلة لذاتها ولنفسها وألا تتجمل من أجل الرجل فقط ،فعلينا أن نربى فتياتنا على الاهتمام بالشكل والاستحمام والاهتمام بالعطر والرائحة الجميلة ،ومع الأسف تغرس المرأة الأوروبية والأمريكية حب الجمال فى بناتها وأبنائها من الصغر بينما تفتقد ذلك المرأة المصرية.

رابع هذه الأسباب هى إدخار المرأة للنقود التى تتجمل بها لأولادها ومع الأسف تنفق النقود فى أى مكان آخر وتخسر المرأة شكلها الجميل ،أما خامس هذه الأسباب هى تقليد المرأة لزوجها فالزوج يجلس يوم الإجازة فى المنزل ولايحلق ذقنه ولايتجمل لزوجته وبالتالى لا تتجمل له هى الأخرى وتستغل يوم الإجازة فى تنظيف المنزل على سبيل المثال..

ومن الأسباب أيضا أن شركات التجميل لا تساعد المرأة فى أن تصبح جميلة فهى لاتقوم بعمل يوم مفتوح للإعلان عن منتجاتها ولا عمل عروض فى عيد الأم مثلا ويخفضون أسعار هذه المنتجات.

ثقافة الأربعين

وأخيراً تؤكد د. ناهد نصر الدين أنه لايوجد اهتمام بالمرأة الناضجة ،فلدينا ثقافة تؤكد أن المرأة طالما بلغت الأربعين من عمرها فلابد لها أن ترتدى الملابس المخصصة للعجائز،والمرأة فى ذات نفسها ترى أنها طالما بلغت الأربعين من عمرها فعليها ألا تتجمل .

والاهتمام بالجمال من شأنه أن يغير الحالة المزاجية للمرأة لأنها تغير من نفسها ولو على الأقل يوم فى الأسبوع الأمر الذى ينعكس بشكل إيجابى على معاملاتها مع الآخرين وعلى التفاعل معهم،ومهمة شركات ومراكز التجميل أن تشجع المرأة على الاهتمام بنفسها وبتكلفة مناسبة.

 

 

المصدر: مجلة حواء- سمر عيد

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,826,690

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز