كتب :محمد الحمامصى

ستظل الإرادة الشعبية لمصرية قادرة على التحدى والصمود وخوض الحرب تلو الأخرى ضد أعدائها، الأعداء الجهلاء الذين لم يقرأ أحدهم تاريخها، إن مصر لم تكن مصر التي نعرفها ويعرفها العالم إلا بفضل إرادة شعبها، الشعب الذي قدم للبشرية جمعاء حضارة لم يقدمها شعب آخر من يخالف إرادته ـ أقصد الشعب المصري ـ فقد كتب على نفسه الموت قهرا وحقدا وإهمالا وأن تطارده اللعنات حيا وميتا، إنه صانع مقابر الغزاة والمحتلين والحكام الظالمين والخارجين على توافقه.

لا أحد مهما أوتي من قوة أو امتلك من عناد وصلف طغى إلا كسرته إرادة المصريين، العنف آخر ما كانت تلجأ إليه الإرادة المصرية، تبدأ بالسخرية والتهكم وتمر بالكراهية والحنق ثم الغضب وصب اللعنات، فإذا لم يفلح ذلك رفعت صوتها لعل العدو المناهض أو الحاكم الظالم أن يفيق من غفوته ويعرف أن الله حق ويسير سيرا صحيحا يتوافق معها، حتى إذا لم يأت ذلك بنتيجة كانت النهاية، تصاعد طوفان الغضب العنيف منفذا الإرادة بالقوة.

من يظن أنه يستطيع تحدي مصر وإرادة شعبها، فهو جاهل أحمق لم يطالع لها تاريخا قديما أو حديثا، وقد كتب على نفسه اللعنة والطرد من رحمة المصريين حتى لو "أوقد لهم أصابعه شمعا"، نعم إرادة المصريين لا تعرف الرحمة إذا اجتمعت وأجمعت على عدو سواء كان خارجيا غريبا أو داخليا قريبا أجهزت عليه، فلا يخرج من بين يديها إلا مكللا بالعار والخزي.

هذه الإرادة التي كانت على مدار تاريخها صعبة المراس، قادرة على الافلات والهروب من قبضة الظلم والطغيان ـ "كماء خانته فروج الأصابع" ـ تحت أي ظرف، يتوهم المرء أنه ملكها فيفاجأ بأنها ملكته، إذا أحبت أعطت وحمت وحفظت وضحت، وإذا كرهت قلبت المائدة بما عليها دون انتظار لحسابات أو مصالح.

فاتعظوا يرحمكم الله، واذهبوا من حيث جئتم غير مأسوف عليكم وعلى أيامكم، اذهبوا بتخلفكم ورجعيتكم، اذهبوا بإرهابكم وتاريخكم الأسود، فإرادة المصريين لن تنكسر أمام الصلف والكبر والغباء، ولن يفلح معها إرهاب أو عنف، وستمضى في طريقها إنفاذا لتصحيح مسار ثورتها العظيمة التي قامت في الـ 25 من يناير، وتحقيق العدالة والحرية والكرامة