<!--
<!-- <!-- <!-- [if gte mso 10]> <mce:style><!-- /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} --> <!-- [endif]---->
لم أندهش على الإطلاق وأنا أسمع نجل شقيقتي"مصطفى" الذي لم يتجاوز عمره الثمانى سنوات وهو يقول: "ماما مش رايح المدرسة، مش بأحبها"، وذلك لأسباب كثيرة دفعت به لترديد هذا الكلام ودفعت بى شخصيا لعدم الدهشة، فالمدرسة لم تعد المكان الجاذب للصغار بأنشطتها ومناهجها وطرق تدريسها، منذ نعومة أظفاره كان يبكى بمجرد أن يبدأ كتابة الواجب المدرسي الـ "home work"، عضلات يده الصغيرة لا تحتمل كل هذا الكم من الكتابة داخل الفصل وفى المنزل، والأم مثلها مثل كثيرات تريد ابنها شاطراً ومتميزاً بين أقرانه فتبدأ الضغط على الصغير من أجل إنجاز الواجبات الكثيرة التى لا تترك له فرصة للعب أو اللهو، ومن هنا تصبح المدرسة عقاباً يومياً للتلميذ وولى الأمر معا، وفي الغالب تكون الأم التى تؤدى أدوارا لا طائل لها.
ورغم أن مدرسة مصطفي من مدارس اللغات المميزة إلا أنها تتبع نفس منهج التعليم العقيم المتمثل فى الحفظ والتلقين، لا الشرح
والتوضيح، الصغار بحاجة إلى الحركة البدنية والذهنية معا، والدليل أن أى جهاز الكترونى حديث لا يحتمل بين أيديهم سوى
لحظات ويكون تحت السيطرة، هم بحاجة إلى تشغيل العقل بكل طاقاته وقدراته، ولهذا يملّون من الحشو غير المفيد أو المبرر التى
تمتليء به المناهج، لا يستطيعون التعاطي معه والامتثال له، يلفظونه، ومن هنا تبدأ الكراهية للمدرسة التى لا تضم بين جدرانها
سوى أوامر بإنجاز الواجبات المدرسية والامتحانات الأسبوعية والشهرية، وعقاب إذا تحرك الطفل خارج مكتبه، والمدرسة هنا
مظلومة فهى أم وزوجة ومدرسة لأولادها بعد انتهاء اليوم الدراسي، ولكل هذه الأسباب مجتمعة لا تريد سماع صوت أو نفس أو حتى أسئلة خارج المنهج، بل تريد إنجاز مهمتها داخل المدرسة لتلحق بالمهام الأخرى الملقاة على عاتقها خارجها.
الأغرب من ذلك عدم وجود أنشطة ترفيهية بالمدارس الحكومية، وحتى مدارس اللغات أصابتها عدوى إلغاء النشاط المدرسي، فأصبح الأمر يقتصر على الرسم فقط، لا وجود للموسيقي أو التربية الرياضية التى تذهب حصتهما إلى المواد المكدسة لإتمام المنهج قبل نهاية الترم، التلاميذ صغارا وكباراً أنهكهم التعليم بصورة وقوالبه الجافة، صخور تبث فى العقول ثم نطالبهم بالتفوق، إنهم يتفوقون فى الحفظ والحفظ، وبمجرد انتهاء الترم لا وجود لأي معلومة داخل عقول الأبناء، تتبخر مع آخر كلمة فى ورقة الامتحان، ويصير لدينا طالب فى كل مرحلة بلا معلومات أو خبرات تراكمية، لا تاريخ ولا نحو ولا كيمياء ولا أى شيء اللهم إلا اللغة الأجنبية، فقط التى تعلمها واستخدمها فى التعامل مع الموبايل واللاب توب! وهنا تكمن سر الخلطة، لغة طبقت عمليا فأصبحت لصيقة بالعقل لا تفارقه، وهذا ما يجب أن يكون فى التعليم، التطبيق العملي للأشياء، كل الأشياء، من ناحية نحبب ونرغب الطفل فى التعلم والإقدام على النهل من العلم، ومن ناحية أخرى ننمي قدراته العقلية ونكتشف مهاراته إن وجدت، لا نرهبه من المدرسة والدروس، وهنا يجب أن نستخدم أسلوباً شيقاً مضمون النتائج، فلنعلم صغارنا الحروف الأبجدية مستخدمين الأدوات المختلفة والأشياء الطبيعية ورود، فواكهه، خضراوات، حيوانات وأشكال جذابة، نصحبهم إلى الحدائق والمتنزهات ليروا بأعينهم الطبيعة ويدركون بفطرتهم قدرة الخالق في خلقه، حتى لا نفاجأ بأسئلة صعبة نقف أمامها عاجزين، قدموا للطفل أصعب وأدق معلومة من خلال اللعب والمشاهدة الواقعية للأشياء، فبهذه الطريقة نعطيه فرصة الاستيعاب والابتكار بسلاسة ودون تعقيد، وقتها لن يهرب طفل من المدرسة، ولن يكره طفل التعلم أو المذاكرة.
و لمصطفى أقول: اذهب إلى المدرسة، فقد وعدني د. محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم، وهو صادق الوعد بأن هذا العام
بلا مناهج مكدسة، ولا طرق عقيمة للتدريس، وأن الأنشطة المدرسية جزء لا يتجزأ من العملية التعليمية، وأن أجهزة المتابعة والرقابة بالوزارة مسئولة عن تطبيق كل هذه الأمور، على المدارس الحكومية والخاصة على السواء، وأباح لي بكثير من المفآجات السعيدة للطالب والمدرس وقبلهما ولي الأمر فى حديث ينشر الأسبوع القادم إن شاء الله، وأنا على ثقة بأنه صادق الوعد،
فاذهب لمدرستك وردد أغنيتى الجميلة التى طالما تغنيت بها وأنا صغيرة .
مدرستي يا مدرستي، ما أحلا كى يا مدرستي
أقضي فيكِ طول الوقت، مع أصحابي مع أحبابي
بين الدرس والألعاب، يا مدرستي .
ولكل أم أقول: ليس بالضرورة أن يصبح ابنك متفوقا، يكفيه النجاح والموهبه لينطلق إلى عالم التميز والمعرفة، فكم من متفوق ضل الطريق ولم يصب الهدف، وكم من موهوب حفر اسمه بحروف من نور فى عالم العلم و..
ساحة النقاش