<!--

<!-- <!-- <!-- [if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

 

 

لبعض الناس قدرة فائقة فى توظيف الأمور، وغالبا ما يكون ذلك التوظيف بقصد الوصول إلى مصلحة من أجل تلك الأمور، وغالبا ما يكون ذلك التوظيف بقصد الوصول إلى مصلحة دينوية، كمن يتظاهر بالتعبد والتسمت الدينى حتى يثق الناس فيه ويأتمنوه على أموالهم وأعراضهم، أو من يتطلع إلى الطمأنينة على ما ينتظره فى قابل الأيام بسبب تصرف يريد أن يقوم به ويرغب فى الاطمئان على نتيجته قبل أن يفعله حتى يكون الغنم هو غايته، وإذا ما توسم رائحة الخسارة فيه فإنه سرعان ما يفر منه ويعدل عنه.

وقد وقع لصلاة الاستخارة ودعائها قدر كبير من ذلك التوظيف الخاطيء لمعرفة نتائج التصرفات التى يريد أصحابها أن يعرفوا نتائجها حتى يفعلوها أو لا يفعلوها، فتحولت فى نظر البعض من عبارة مطلوبة لذاتها اقتداء  بسنة النبى – صلى الله عليه وسلم- الذى كان إذا أقدم على عمل استخار ربه وطلب معونته وتوفيقه فيه بصلاة الاستخارة ودعائها إلى وسيلة يراد بها معرفة الغيب فيما يريد الإنسان أن يفعله، وهذه الصلاة ركعتان يصليهما من يريد الاستخارة، ولا تختلفان عن بقية النوافل إلا فى النية المصاحبة لهما زيادة على نية الدخول فى الصلاة، وهى نية الاستخارة، أو صلاة هاتين الركعتين بقصد الاستخارة وقراءة الدعاء المأثور عن النبى -صلى الله عليه وسلم- فيها ونصه:"اللهم إنى استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر وهو (كذا) خير لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى أو عاجل أمرى  فاقدره لى ويسره لى، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر وهذا(كذا) شر لى فى دينى ومعاشى، وعاقبة أمرى أو عاجل أمرى وآجله فاصرفه عنى واصرفنى عنه وأقدر لى الخير حيث كان". ويسمى حاجته التى استخار الله على تلك الهيئة من أجلها، ومقصود التعبد بالاستخارة أنها تمثل نوعا من الأدب مع الله، وإظهاراً اللتذلل له وطلب هدايته وتوفيقه فى أمر لا يعلمه إلا هو، لأن ما يقع للإنسان فى مستقبل أيامه غيب عنه، وهو دائما يخاف من غيب الأيام وما تضمره له، ولذلك فإنه يستعين على هذا الخوف بطلب الأمان من ربه الذى يعلم ما يضر المرء وما ينفعه علما لا يعتريه أدنى شك، فهى دليل على ضعف العبد وعلى طلاقة قدرة الرب، ولهذا شرعت الاستخارة.

ومفاد هذا المقصد، أن عمل الاستخارة لا يجوز أن يثنى الإنسان عن عمل ما يفكر فيه، طالما أنه قد ظهر له من خلال البحث والتحميص العقلى المقتدى بهدي الشرع ومظلة أحكامة التى كلف بها، إن جانب المصلحة يغلب فى الأمر الذى يريد أن يفعله على جانب المفسدة، فان الإنسان مكلف بخطاب الشارع الذى يكلفه بأن يفعل الفعل أو لا يفعله، ولا يجوز أن يترك هذا الخطاب الواضح انتظاراً لرؤيا منامية أو إلهام قلبى يفعله، وقد استقر فى فهم الكثيرين عن الاستخارة ما يخالف ذلك، فهم لا يفعلونها خضوعا لله والتماسا لعونه وتوفيقه فى أمر لا يعلمون عاقبته، وأن عليهم أن ينفذوا ما سبق أن عزموا النية عليه واستخاروا من أجله دون ترقب لما تسفر عنه الاستخارة من الرؤى المنامية المبشرة أو المنفرة أو غير ذلك من الهواجس أو الإلهام، ولكن بناء على النصوص الشرعية المبنية لحكم ما يريدون فعله، وما إذا كان حلالاً فيفعلونه، أو حراما فيقلعون عنه، وجدت أن فتاة جميلة كانت كلما تقدم لها خاطب استخارت، وتجيء الرؤيا على غير ما ترتاح نفسها له فترفضه إلى أن بلغت ستين عاما ولم تتزوج، إنهم يصلون الاستخارة وينتظرون المنامات أو الرؤى المنامية، فإن كانت مريحة  لهم فعلوا ما عزموا عليه، وإن كانت مريبة تركوه وفروا منه، وهذا مكمن الخطأ، بل الخطر فى الاستخارة، حيث تحولت من غاية مطلوبة لذاتها قصدا، إلى وسيلة تنافى مقصود الشارع وتخرج على  أحكامه، وهى معرفة الغيب فيما يتعلق بنتائج الأفعال التى يريدون فعلها مع أن الغيب لا يعلمه إلا الله، والله لم يشرع الاستخارة ليعلم الناس بها الغيب ومكمن الخطر فى ذلك أنها تحول الالتزام بنصوص الشارع ومصادر أدلة الاحكام التى كلف الله بها عباده من دائرة التفعيل إلى دائرة التعطيل، وتجعل الالتزام بالفعل أو تركه بناء على الرؤى المنامية وهى ليست من مصادر الأحكام الشرعية،  حيث لم يقل أحد من أهل العلم أن الرؤيا المنامية مصدر من مصادر تشريع الأحكام، وإنما هى من المبشرات التى لا تفيد علما قاطعا يدعو إلى الالتزام بالأمر وعدم الالتزام به، ذلك بالنسبة لغير الأنبياء أما الأنبياء فإنهم مكلفون بالرؤيا لأنها حق فى شأنهم، وقد نفذ أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام ما رآه فى المنام من ذبح ولده الصغير إسماعيل الوحيد والأثير لديهن وهو فى سن تقتضى وجوده بجواره ليكون عصاه التى يتكيء عليها، ولما هم بتنفيذ الرؤيا تدخلت إرادة السماء وحولت السكين عن عنق الوليد الغالى إلى رأس الفداء العظيم.

والناس جميعا ليسوا بأنبياء فلا يجوز لهم التعبد بالرؤيا أو العمل بها، ولأنها قد تكون من الهلاوس العقلية أو التخيلات الشيطانية أو التمنيات القلبية التى تدور فى العقل الباطنى، وإن صدقت فى بعض الحالات فإنها قد لا تصدق فى حالات أخرى، ومثل هذا لا يصلح دليلا للعمل به شرعا.

 إن الاستخارة  آدب مع الله، وليست آداة لاستراق السمع أو منافسة الله فى معرفة الغيب، أو تحويل العمل بالأدالة الشرعية المعتبرة، إلى العمل بالرؤى المنامية الملتبسة، وعلى المسلمين أن يتقوا الله فيما يفعلون

المصدر: عبدالله النجار
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 909 مشاهدة
نشرت فى 26 نوفمبر 2014 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,130,646

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز