على الرغم من تعدد الحملات التى تستهدف مواجهة الزيادة السكانية والتى تتبناها أجهزة حكومية ومؤسسات مدنية، إلا أن التعداد السكانى فى تزايد مستمر حتى تحول إلى غول يلتهم موارد الدولة ويحد من قدرتها على النمو فى مختلف المجالات، فماذا عن الأسباب وراء سلبية نتائج تلك الحملات؟ وكيف تؤتى ثمارها المرجوة؟

فى السطور التالية نستعرض عددا من حملات تنظيم النسل، ونتعرف على آراء المهتمين بالشأن حول مردودها المجتمعى وسبل نجاحها..

البداية من حملة "2 كفاية" التى تنفذها وتشرف عليها وزارة التضامن الاجتماعي، بالتعاون مع وزارة الصحة وصندوق الأمم المتحدة للسكان والجمعيات الأهلية والهيئة العربية للتصنيع التى تجهز العيادات الخاصة بتنظيم الأسرة، وتستهدف الحملة المستفيدات من برنامج تكافل وكرامة داخل 10 محافظات باعتبارها الأعلى خصوبة والأكثر فقرا، ويشارك فى تنفيذها 100 جمعية أهلية، وينقسم المشروع إلى توعية وندوات اتصال مباشر مع الفئة المستهدفة وتطوير وتجهيز عيادات أهلية لتوفير خدمات تنظيم الأسرة بالمناطق المحرومة من تلك الخدمات، فيما تنفذ إحدى المؤسسات الأهلية حملة «إنتى الأهم» التى تنظم عدة قوافل طبية للقرى الفقيرة.

وهناك مبادرات عديدة تنفذها الدولة لمواجهة الزيادة السكانية بمختلف المحافظات  وذلك بالتعاون مع وزارات القوى العاملة والتنمية المحلية والأوقاف والتعليم والتضامن الاجتماعى والشباب والرياضة، حيث أطلقت وزارة الصحة مؤخرا عددا من الحملات لتوفير أحدث الوسائل لتنظيم الأسرة، وعملية "طوق النجاة" التى تستهدف خفض معدل المواليد إلى 2.4 ما يوفر للحكومة 200 مليار جنيه بحلول 2030، كما تتيح الوزارة فحوصات مجانية للراغبات فى تنظيم الأسرة، إلى جانب نشر 12 ألف رائدة ريفية فى 18 محافظة، إضافة لتدشين حملة "تنمية مصر فى طفلين وبس".

أسباب واقعية

يعلق د. صلاح سلام، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان على ما تقوم به الدولة من جهود لمواجهة الزيادة السكانية فيقول: على الرغم من تعدد الحملات إلا أنها لم تحقق أهدافها لعدة أسباب موجودة في الشارع المصري يجب أن تعالج أولا، فعلى سبيل المثال هناك إحصائية رسمية تقول إن 20% من السيدات تحتاج إلى خدمات صحية ونسائية ولا يحصلن عليها، بالإضافة إلى معتقدات الريف التى تؤصل أن كثرة الأبناء عزوة وكذا الصعيد الذى يعتبر أفراده كثرة الأبناء مصدر جيد للدخل، إلى جانب الحالة الاقتصادية والتعليم الإلزامي غير الإجباري وعدم حصول البنات على فرصهن في التعليم الكافى، لذا مهما كانت الحملات وتغيرت أسماؤها فلا جدوي منها إلا من خلال اعتبار الملف السكانى مسألة أمن قومى تتكاتف جهود مؤسسات الدولة لمواجهتها.

قضية ليست فردية

يقول النائب محمد أبو حامد، عضو لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب: لا شك أن استمرار تزايد السكان رغم الحملات التى تدعو للحد منه تعد أزمة تتطلب توحيد الجهود من جانب جميع المؤسسات باعتبار أن تداعياتها لا تقل خطورة عن الإرهاب وذلك من خلال وضع خطط واستراتيجيات وسياسات واضحة صالحة للتطبيق، وضرورة زيادة مخصصات وزارة الصحة التى لا تتعدى 150 مليون جنيه التى ينفق معظمها فى رواتب الموظفين وليس فقط لوسائل تنظيم الأسرة، مع رسم خريطة لتوزيع السكان ونسبة الزيادات بالحضر والقرى لتوجيه الرعاية والدعم والتوعية لهذه الأسر بخطورة الزواج المبكر وضرورة الاهتمام بالتعليم والصحة لرعاية المرأة والطفل وتوفير الرعاية للمواليد، ووضع مناهج دراسية خاصة بتنظيم الأسرة والتوعية وحل مشكلاتها، تنفيذا للمادة 41 من الدستور المصرى التى تلزم الدولة بتنفيذ برنامج سكنى يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكانى والموارد المتاحة وتعظيم الاستثمار فى الموارد البشرية وتحسين خصائصها.

الرائدات الريفيات

أما د. لمياء محسن، الأمين العام السابق لمجلس الطفولة والأمومة، فترى أن الحملات والمبادرات لن تغني عن التواصل المباشر، داعية إلى ضرورة الاعتماد على الجمعيات الأهلية المتمثلة فى الرائدات الريفيات باعتبارهن أكثر وسيلة فعالة فى الريف والصعيد.

وتقول: لا أنكر دور وسائل التواصل الاجتماعي لمخاطبة الشباب بصورة سريعة لكن الجمهور المقصود في هذه القضية أغلبهم لا علاقة له بالفيس بوك والوسائل الأخرى، لذا فوسائل التواصل النمطية منذ بدء الحملات كانت مهمة عندما كان عدد السكان أقل بالإضافة إلى أنها مكلفة، ما يجعل التواصل المباشر الوسيلة الآمنة والإيجابية لكى تحقق أهدافا حقيقية ".

توعية عامة

من جانبها أرجعت الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشى، سلبية نتائج الحملات التوعوية التى تستهدف مواجهة الزيادة السكانية إلى تحريم بعض رجال الدين وسائل تنظيم الأسرة خاصة داخل المجتمعات الريفية، رغم إصدار العديد من الفتاوى الدينية بجواز استخدامها والتى صدرت من جهات مختصة فى مقدمتها دار الإفتاء المصرية ومشيخة الأزهر، داعية إلى تكثيف الجهود فى نشر التوعية بين المواطنين  بدور تنظيم الإنجاب فى ضمان حياة آدمية للفرد والمجتمع.

أرقام مخيفة

تشير الإحصائيات الصادرة من الأجهزة التابعة لوزارة الصحة أن نسبة انخفاض معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة بلغت 58,5 %، فيما وصل معدل الانقطاع 30% ونسبة الحمل غير المرغوب فيه إلى 16%، كما كشف الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أن معدل النمو السكاني الحالى فى مصر المقدر بـ2.4% هو أكبر خمسة أضعاف المعدل بالدول المتقدمة، وحوالى ضعف معدل الدول النامية، وثماني أضعاف معدل النمو السكاني بكوريا الجنوبية، وخمسة أضعاف الصين.

وقال الجهاز فى التقرير الصادر عنه: إن معدل الزيادة أهم وأخطر التحديات التى تواجه المجتمع المصرى حيث يؤثر بشكل كبير على تحقيق تقدم محسوس فى مستويات المعيشة رغم الجهود الحثيثة التى تبذلها الدولة فى مجالات التنمية الاقتصادية المختلفة، نظرا لآثاره السلبية على تحـقيق التنمية المستدامة بكل أبعـادها الاجتمـاعيـة والاقتصادية والبيئية، إضافة لما تسببه من رفع حجم الإنفاق الحكومى المخصص لبند الخدمات، وتزايد الضغط على المرافق العامة، وانخفاض مستوى الأجور بالنسبة لغالبية العاملين، خاصة الموظفين بالقطاعات الحكومية.

المصدر: كتبت : هدى إسماعيل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 491 مشاهدة
نشرت فى 6 ديسمبر 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,460,850

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز