هل من شك فى أن كثيرا من مشكلات مجتمعنا التى تنغص علينا حياتنا إنما هى بسبب هؤلاء الذين يفعلون أشياء يرونها في ظاهرها أعمالا إيجابية بينما هى عين الشر والظلم والأنانية.. وذكرهم الله تعالى فى سورة البقرة بقوله: "وإذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض قالوا إنما نحن مصلحون"، ينطبق ذلك على أفراد لا مكان لهم فى إدارة شئون الناس، لكنهم يعيشون بيننا ومعنا ويضاعفون من معاناتنا.. ونظرة واحدة للكون من حولنا ستؤكد لنا أنه خلق على أحسن حال ويظل على حسنه طالما لم تصل له  يد الإنسان فإن تدخل الإنسان فيه فغالبا ما يبدأ الفساد فى الظهور، فليت تدخله ليزيد الصالح صلاحا أو على الأقل يتركه على حاله لكنه للأسف الشديد عندما يتدخل يبحث أولا عن مصلحته ومنفعته بغض النظر عن الصالح العام الذى يفسد بطبيعة الحال!

فى القرآن الكريم أمثلة عديدة لأناس من هذا النوع قال تعالى عنهم: "قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا"، ورغم أن هذه الآية الكريمة تتحدث بشكل خاص عن الكافرين والمشركين إلا أن المفسرين أجمعوا على أن حكمها عام على كل البشر الذين يفعلون الشر ويظنون أنه خير، وأن الخالق جل وعلا يحكم على الذى يعمل الباطل بأنه ليس خاسرا فقط.. بل من الأخسرين أعمالا، ذلك أن من يفعل الشر وهو يراه شرا، ويفعل الباطل وهو يدرك أنه باطل قد يأتى عليه يوم يفيق فيه من غفلته ويتوب عن شره وضلاله، أما الذى يظلم ويضل ويقترف الذنوب والمعاصى معتقدا أنه من المحسنين الطيبين، فهذا لا يُرجى منه خير، ولا تنتظر منه توبة.. حيث قال فيهم الخالق العظيم: "أفمن زُين له سوء عمله فرآه حسنا" وقال فى موضع آخر من كتابه العزيز: "كذلك زُين للمسرفين ما كانوا يعملون".

ليت كل منا يقف مع نفسه وقفة لمراجعة أفعاله بشكل موضوعى يضع فيه ردود أفعال المحيطين به موضع اعتبار لمعرفة ما إذا كانوا سعداء أم تعساء بسبب أفعالنا معهم وعدم المكابرة فى تبرير ما نفعله والعودة عن طريق الضلال والفساد والظلم قبل فوات الأوان، مع فلترة الحقائق والمواقف والناس التى تدور حولنا وفى فلكنا لنعرف من منهم يشجعنا على الإصلاح أو ينافقنا فى فسادنا لتحقيق غاية ينشدها.. قبل أن يأتى يوم نقف فيه أمام الخالق العظيم ساعة الحساب.

المصدر: بقلم : أمل مبروك
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 414 مشاهدة
نشرت فى 27 فبراير 2019 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,693,593

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز