تحقيق:سمر عيد
أدار ظهره لها وتركها ماضيا وهو يقول:"آسف لا أستطيع أن أمضي قدما وأكمل هذه العلاقة"،انهالت دموعها على وجنتيها وهي تسأل نفسها كيف يمكننىاستكمال حياتي بعيدا عن الشخص الذي أحببته بصدق؟ وكيف سأمضي في هذه الدنيا دون توأم روحي الذي كنت أتوق أن أقضى أيام عمرى إلى جواره؟ وهل سأستطيع يوم ما أن أحب شخصا آخر بهذا القدر من العاطفة؟
هذه حالة تعبر عن لحظات انكسار تعيشها ضحية علاقة حب فاشلة، فكيف يمكن لفتاة ترميم قلب تصدعت جدرانهجراء خيانة عاطفية؟
فى البداية تقول جمانة أحمد، سيدة أعمال: تعرفت في العشرينمن عمري على ابن صديق والدي وشريكه،ونشأت بيننا قصة حب وبالفعل تمت خطبتنا،وذات يوم قررت أن أزوره وأبيه في شركته،وانتظرت قليلا خارج مكتبهفاستمعت دون قصد إلى حوار بينهما يتفقان على كيفية سلب أبي ماله وشركته بعد زواجنا,فاسرعت إلى المكتب وأنهيت خطبتي به وكذا شراكته مع أبي، ورغم أننى مررت بفترة صعبة إلا أننى استطعت التغلب على مشكلاتي بالانشعال فى العمل.
وتقول هدى محسن، ربة منزل:لم أدر متى أحببت زوجي الأول فهو ابن عمي وقد نشأنا وتربينا معا، وبعد زواجنا اعتبرته أبي وأخي وحبيبي وزوجي لكن بعد عامين من زواجنا لم نرزقخلالهما بطفل,استشرت طبيبا دون علم زوجى والذى أكدى خلوي من أى موانع لحمل وأن سبب تأخر الإنجاب قد يكون من زوجي، فأخفيت نتيجة التحليل عنهحتى لا أجرحه،وبعد فترة وجيزة علمت أنه قد تزوج من امرأة أخرى رغبة فى الإنجاب, وعندما واجهته بأمر زيجته السرية انهار وقال لي:أنت لاتنجبين وأنا أريد أطفالا، فاضطررت أن أخرج له نتيجة التحليل التي تؤكد أنه لا عيب لدي مطلقا،فذهب زوجي وقام بعمل التحاليل اللازمة وانفصلت عنه وتزوجت بآخر رزقنى الله منه بثلاثة أطفال.
أما سها أمجد، طالبة بكلية إعلام بإحدى الجامعات الخاصة فتقول:التقيت بزميل لي في الكلية وأحببته كثيرا بينما أبدى لي بداية إعجابه بي،وأنا لست من ذاك النوع الصامت من الفتيات،فلقد كنت أكتب فيه أشعار حب وأبوح له عن مشاعري كاملة،لكنه لم يكن صادقا فى مشاعره بل جرح مشاعرى أمام زملائنا،وبعد فترة استشفاء من هذا الحب تعرفت على شاعر كبير من الإسكندرية شجعني على نشر أشعاري وخواطري، واستطعت معه أن أحب من جديد ونحن الآن نستعد للزواج.
الحب الاستهلاكي
ترى الفنانة والكاتبة نادية رشاد أن كلمة الحب أصبحت سلعة استهلاكية، والواجب على حواء قبل الدخول في أية علاقة أن تدرس الشخص جيدا وألا توقف حياتها كلها عليه بل تضع في اعتبارها احتماليةعدم اكتمالها، وتقول: ليس معنى هذا أن تفقد الثقة فيمن تحب أو تتزوج لكنعليها الحذر كي تكون كائنا مستقلا بذاته معتمدة على نفسها ماديا واجتماعيا حتى إذا ماحدثت خيانة أو انفصال تكون مستعدة للتأقلم مع هذه الكارثة والمضي قدما في الحياة.
وتنصح المؤلفة شهيرة سلام الفتاة أو المرأة التى تعرضت لصدمة عاطفية بعدم الاستسلام والتفائل دائما وأن اختيارات الله الأفضل لها وتقول: يمكن للمرأة أن تستعين بالعمل أوالسفر أوالدراسة فى التغلب على صدمتها، مع مراعاة أنه لاينبغي مطلقا أن تلغي الناحية العاطفية في حياتها فلا أحد يستطيع أن يعيش دون حب.
وترى الكاتبة هالة البدري أن نسج أحلام بعيدة عن الواقع وراء الصدمة التى تتعرض لها الفتاة أو المرأة من حبيبها أو شريكها، وتقول: تتطلع الفتاة منذ نعومة أظافرها إلى الحب المثالي،وتضع صورة للحبيب الذي ستلتقي به في خيالها،وعندما تقابل أي شخص سواء كان صادقا معها أم كاذبا فإنها تلبسه تلك الصورة التي قد رسمتها له من قبل،وهذه كارثة بكل المقاييس لأنها تصطدم فيما بعد أن الواقع مختلف كثيرا عما رسمته في الخيال.
نظرة رجعية
تلقى الكاتبة سلوى بكر اللوم فى زيادة جرح المرأة بعد الانفصال على المجتمع قائلة: تضع الثقافة الذكورية للمجتمع الفتاة فى قفص الاتهام دائما سواء كانت ظالمة أو مظلومة، وهو ما يجعل الفتاة تفكر مليا قبل الانفصال حتى لا توصم بالعار من قبل المجتمع وتتهم بسوء الخلق أو عدم قدرتها على تحمل المسئولية، بالإضافة إلى إنكار المجتمع لعيش الفتاة أو المرأة بشكل مستقل فهى دائما يجب أن تكون فى كنف الرجل.
وتقول د. أميمة السيد، خبيرة التنمية البشرية: تختلف قدرة المرأة على التعافي من التجارب العاطفية الفاشلة باختلاف المرحلة العمرية فكلما كانت الصدمة في عمر أصغر أو في سن المراهقة كان التعامل معها صعبا، أما إذا كانت المرأة في العشرينيات أو الثلاثينيات من العمر فإن التعافي يكون سريعا، لذا أدعو حواء إلى عدم البكاء على اللبن المسكوب أو إعادة شريط الذكريات مع الزوج السابق أو الخطيب الذي انفصلت عنه أو حتى الحبيب الذي تعلقت به،لأن ذلك من شأنه أن يزيدها ألما ويجعل الشفاء من هذه العلاقة يستغرق وقتا أطول.
الثقة بالنفس مفتاح للتعافي
تقدم د. اعتماد علام، أستاذة علم النفس عدة نقاط يمكن من خلالها أن تتعافى المرأة أو الفتاة من الصدمة العاطفية قائلة: عليك الثقة بنفسك وجمالك فليس معنى هجر حبيبك أو زوجك لك أنك تعانين نقصا ما، وابتعدى عن مقارنة أى شخص يدخل إلى حياتك بزوجك السابق لأن من شأن هذه المقارنة أن تؤثر على ارتباطك مستقبليا، وإياك والتراجع فى قرار الانفصال حتى إذا طلب الطرف الآخر العودة والسماح، وأخيرا ضعي نصب عينيك دائما أن النماذج السيئة قد تكون كثيرة لكن لاتزال هناك نماذج إيجابية وناجحة فلا تقارني تجربتك بتجربة أختك أو صديقتك فكل شخص مختلف عن الآخر في طبائعه، واحذرى أن تجبري نفسك على علاقة كاذبة إرضاء للمجتمع أو الأسرة لأنك أنت وحدك من ستتحملين عواقب فشلها.
وتحذر د. نورا رشدي، أستاذة علم الاجتماع ووكيلة معهد الخدمة الاجتماعية المرأة من تحيمل نفسها الذنب أو العيش بالشعور أنها كانت سببا فى فشل العلاقة، وتقول بدلا من ذلك على المرأة مراجعة نفسها والبحث عن الأخطاء التي ارتكبتها حتى فشلت هذه العلاقة، لأن الشعور بالذنب قد يدفع الضحية إلى الانتحار، وهذا ما عايشته مع إحدى تلميذاتى بالجامعة والتى حاولت الانتحار بسبب علاقة عاطفية فاشلة لكننا نجحنا كأساتذة علمى اجتماع ونفس في إنقاذها وتعافيها من تلك الحالة السيئة التي كانت عليها، لذا لاينبغي عليكالاستسلام للفشل العاطفيفأنت إنسانة مستقلة بذاتها ولم يخلقك الله مجرد تابعا لآدم, وأنا أقول دائما"الوحدة خير من جليس السوء".
ساحة النقاش