حوار: أماني ربيع
"الحب هو اللي بيخلي لكل كلمة معنى.. الحب هو كل حاجة يا شيخ زهّار، كل حاجة، الحب هو اللي بيخلي البلد فيها أخلاق وعلم وفن"، تلك هي فلسفته في الحب الذي احتل مكانة كبيرة في أعماله الدراميةبداية من "الرحايا" و "الخواجة عبد القادر" و"دهشة" ومؤخرا مسلسل "أهو ده اللي صار" وفيلمي"الكنز"، و "خيال مآتة"،التى استخدم فيها الحب كخيط يجمع بين شخصياته وموجة رقيقة تحمل الغارقين إلى بر الأمان، لتصبح كلماته التى يرددها أبطال أعماله حاضرة على ألسنة الجمهور الذي يبحث عن الكلمة الحلوة والمعنى الصادق وسط بحر الحياة.
"حواء" التقت الكاتب والسيناريست عبد الرحيم كمال لتشاركه وقارئاتها الاحتفال بعيد الحب،
تعرفنا على فلسفتك فى الحب من خلال أعمالك، لكن دعني أسألك أين يقع الحب في حياتك؟
الحب هو الإنسان نفسه، وهو ما يجعل للحياة معنى،فعندما وقع آدم في حب حواء استشعر عند ذلك بمعنى وجوده، كما أن تلك المشاعر هى ما تجعلنا نتحمل مرارات الحياة، بل هىكالخيط السحري الذي يحرك كل الشخصياتحتى الكره أراه صورة من صور الحب.
ما قصة الحب أو الرواية التى أثرت في حياتك ودفعتك لتبنى الحب بطلا أساسيا فى أعمالك؟
لا أستطيع أن أحدد قصة أو كتاب معين أثر فيّ، أو شكل مفهوم الحب لديّ، فالحياة نفسها مدرسة كبيرة للحب، وأنا أعتبر كل شيء في حياتي قصة حب بشكل أو بآخر، فحتى الكتابة حب، وأعتبر أن علاقة القلم بالورقة نوع من الحب، فالكتابة فيها تحدي وملاطفة أحيانا يحدث غضب ومقاطعة يليها مصالحة وود وهذا يشبه قصص الحب.
وما طبيعة الحب الذى ترغب فى التعبير عنهمن خلال أعمالك؟
فكرة الحب ذاتها هي التي تشغلني، الحب المجرد، مثل حب شمس التبريزي لجلال الدين الرومي، وبوصفه متمثلا فى"رفقة الروح"، وأعكسه في أعمالي بكل تجلياته، حب الأم لأبنائها والأخوة لبعضهم، وكذا الأصدقاء، وأفضل التعبير عن الحب الجارف الذي يجعل القلب يبوح واللسان ينعتق من رق الصمت وليست المشاعرالتى تشبه الروتين.
وكيف عكست صورة الحب الذي تؤمن به في أعمالك؟
في أعمالي الحب موجود بكل أنواعه، العلاقات متشابكة ودائرة الحب هي الرابط بين الشخصيات، ففي مسلسل "الرحايا"، كان الأب يقول لابنه "ياريت يا ولدي ما كنت بحبك"، وكأن هناك عقوبة ثمنا للحب الكبير.
وكيف تؤثر القصص الرومانسية التى نسمع عنها من الماضى فى نظرتنا للحب؟
الحب غير المكتمل مثير دراميا، قصص قديمة كثيرة سمعنا عنها لم تكتمل وجمالها يكمن في أنها لم تكتمل ولهذا كتب لها الخلود، مثل قصة يوسف الأول وعلي بحر ونادرة،فعلى الرغم من أن تلك القصص لم تكتملإلا أنها ظلت باقية، هذا الحب غير المكتمل تحول إلى علة في جسد يوسف حرمته السعادة، وتحول إلى إلهام وإيمان لدى بحر صاغ منه الأشعار والألحان، وإلى أمل عاشت به نادرة عمرها وواقعها المر.
وهل ترى اختلافا بين الحب في الماضي وقصصه الحالية؟
الحب لن يختفي أو يختلف، لكن إيقاع اليوم نفسه يتغير، أصبح هناك ضغطا على الناس لم يعد يسمح بتلك المساحة لتختمر المشاعر ويتغذى الحب بالبعد والشوق، حيث أصبح هناك بدائل للقاء عن تطريق التواصل الإلكتروني الذي صنع تواصلا ظاهريا، مشاعر كثيرة يتم التعبير عنها أحيانا بكلمات جوفاء مستعارة من قصص أخرى، والحب لا يتم اختباره بتجارب حقيقية تشحذه وتجعله أكثر قوة واحتمالا لعواصف الحياة.
في مسلسل "أهو ده اللي صار" كانت البطلة سلمى من العصر الحالي لكنها صنعت حالة حب جميلة ومختلفة وحقيقية.. هل هذا يعني أننا مازلنا نملك القدرة على الحب؟
سر جمال حب "سلمى" هو الصدق الذى منحها جرأة في التعبير عن مشاعرها، كما أنها كانت تركيبة روحانيةيحركها الحب فتعترف وتبوح بمشاعرها دون خوف، كانت خارج مؤامرات الماضي وحكايات الأولين، لكن عندما ظهرت خبايا الإرث القديم بدأت المشكلات في العودة إلى السطح فإرث الماضي ومخاوف المستقبل يؤثر فى الحب، لكن المشاعر الصادقةتعرف كيف تنقذ المحبين.
تتميز أعمالك بالجمل الحوارية الجميلة التي تنتشر بين الشباب وترفع مستوى ذوقهم، فكيف تتخير جملك؟
أكثر شيء أحببته هو انتشار كلمات أعمالي بين الشباب هذا يعني أن الناس تبحث عن الصدق والكلمة الحلوة، وأن الجمهور ذكي فهناك البعض ممن يروجون للتفاهات والأعمال السطحية باعتبار أن الجمهور "عايز كده" وهذا غير حقيقي، الجمهور يبحث عن المحبة الحقيقية وعندما يجدها تؤثر فيه ويتأثر بها ويصبح هناك تواصل بين الفن والمشاهد.
ولماذا لم يعد هناك حبا قويا يصمد أو حكايات في عصرنا الحالي يمكن أن يكتب لها الخلود؟
الحب الحقيقي يخطوا فوق كل المحن، الحب الحقيقي يجعل القلب يتكلم بعيدا عن حسابات العقل والتفكير، وكلما قلت درجة الحب ويبدأ العقل في الحضور يصبح تأثير العقبات أقوى، والظرف الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيش فيه المجتمع الآن يجعل حسابات المصلحة تعلو على حسابات القلب، وسيتحول الحب إلى معادلة مكسب وخسارة.
وكيف يمكن تحقيق ذلك؟
الحب يستطيع التصرف وسط كل هذه الثرثرة والضجيج والصراعات سيجد له مكانا، كل زمن له طبيعته وله أسلوبه في الحب، الحب يتأقلم وإذا قلنا أنه انتهى سيصبح هذا إجحافا، الحب موجود في بلدنا وهو الذي حماها في أصعب الأزمات، أنا موقن أن الحب هو الذي حمى مصر، الحب هو طوق النجاة.
وما شكل الحب الذي تريد أن تعبر عنه في عمل جديد؟
أريد أن أكتب عن قصة حب نستطيع أن نشعر من خلالها بحب الناس للوطن، يعني حبيبين تتجسد من خلالهما مشاعر انتماء الإنسان لبلاده وحبه لها ومن خلال حبنا لهما نحب البلد التي صنعتهما وجمعتهما.
ساحة النقاش