بقلم : سالى عاطف
صح المثل حين قال نشعر بالنعم إلا حين تزول وهذا ما حدث للعالم أجمع حين انتشر فيروس )كوفيد ١٩ ( أو ما سمي بكورونا فأصبحنا نترحم على حياة كانت مليئة بالنعم الاعتيادية التي أخيرا أدركناها فتبدلت الأحوال بالعالم وتغيرت الحياة من صاخبة منفتحة سريعة متلاحقة إلى حياة لم تعشها البشرية من قبل، فتوقف التجوال حول العالم وأغلقت المطارات وأطفأت كافة مظاهر الحياة لنعيش في عالم افتراضي جديد أصبح من قواعده التباعد والفوبيا والوسواس من التقارب والمشاعر الأخوية. وتبدلت الحياة بكافة جوانبها ولكن ماذا عن الحياة الأسرية التي كانت من قبل قد ماتت إكلينيكيا بفعل وجود التطور التكنولوجي الرهيب و الذي جعل الأسرة الواحدة صامتة منفصلة الروح والفكر مرتبطة بالهاتف الجوال فقط، كما كانت الحياة سريعة لا مجال للمنزل والحياة الأسرية والأبناء وماذا عن الزواج وعاداته.
ضحكت مع صديقتي منذ أيام حين قالت لي جملة واقعية على سبيل السخرية: لو حد كان حكي لي عن اللي هيحصل سنة ٢٠٢٠ مكنتش هصدقة وهقول ده خيال علمي، وكانت صادقة، فقد حدث لنا منذ بداية عام ٢٠٢٠ الكثير مما لا يصدقه عقل، ولكن دعونا دائما ننظر للجانب المشرق من المحنة أو ما أسماها العالم جائحة، فقد تبدل حال الأسرة وأصبحت أكثر ترابطا، فهناك وقت للأبناء وتوجيههم، كما أن هناك أيضا إقبالا غير مسبوق على الارتباط والزواج دون تكلفة أو صخب، فقد أدرك العالم أن لا شيء يستحق العناء وعلينا الحياة ببساطة مع مراعاة الأسرة وحقوقها، والترابط كظاهرة صحية مفيدة تفرز للمجتمع جيلا واعيا من الأبناء في مختلف المجالات. وبعد انتهاء أزمة الكورونا بإذن الله سندرك أنه كان اختبارا قاسيا من الله ولكنه ليجعل حياتنا أفضل، فقد كان وقتا لمحاسبة النفس ومراجعة أخطائنا لتداركها، فالله لم يخلق شيئا إلا ليكون خيرا لنا.
لذا علينا أن ندرك ما كنا نعيش من نعم ولا ننسى فضل الله بعد عودة حياتنا لطبيعتها، فالأسرة أصبحت تخاف فقدان العزيز ليس ذلك فقط بل أصبحت أكثر حرصا على النظافة والحياة الصحية التي ربما غابت عن البعض، وأصبح للفرد مزيد من الوقت بعد أن أغلقت المقاهي والحياة التافهة عديمة القيمة، فعلى الفرد أن يستغلها في اكتساب أو تعلم أشياء جديدة لتوجيه حياته بشكل أفضل لتعلم اللغات المختلفة أو القراءة أو الرياضة وغيرها الكثير. وأخيرا أتمنى ألا ننسى هذه الفترة الصعبة من حياتنا ونخرج منها بحياة جديدة تكون للكورونا مكسب وليست خسارة.
ساحة النقاش