سمر عيد
مثلت المناطق العشوائية على مدار عقود طويلة بيئة خصبة لتفريخ أجيال جديدة من البلطجية والخارجين على القانون كنتيجة منطقية للمجتمع الذى يعيشون فيه والثقافة التى ينهلون منها،
ولأن أطفال اليوم هم شباب الغد والسواعد التى تبنى المستقبل كان من ضمن أولويات القيادة السياسية انتشالهم من هذه المناطق وتوفير حياة كريمة لهم والاهتمام بصحتهم وتعليمهم لضمان نشأتهم بطريقة سوية وصحيحة تسهم فى تخريج جيل محب للوطن وداعم له.
وحول التأثير النفسى لانتقال أطفال المناطق العشوائية إلى أخرى حضارية تضم سبل الحياة الكريمة التقت "حواء" مجموعة من خبراء النفس والاجتماع فكان هذا التحقيق..
فى البداية تقول د. شيماء إسماعيل، خبيرة التنمية البشرية وتطوير الذات: ساهمت تطوير العشوائيات بتعميق الانتماء لدى أبنائنا؛ حيث شعر الشباب بالاستقرار، وأصبحت هناك ثقة متبادلة بينهم والدولة، وإحساس بالاطمئنان لدى كل شاب أنه سيجد سكنا آدميا وكريما وحضاريا سيمكنه من الزواج وبناء أسرة، وهذا ما دفعهم للمضي قدما والعمل نظرا لشعورهم أنهم كما يقومون بواجبهم تجاه هذا الوطن سيجدون حقوقهم الآدمية محفوظة ومصانة، وأهم حق هو السكن الكريم.
ويوضح د. أحمد البهي، أستاذ علم النفس التربوي المتفرغ بجامعة المنصورة والعميد الأسبق لكلية التربية النوعية أن إسكان محدودي الدخل بالذات جعل الأسر المصرية تشعر بالأمان والكرامة حيث أصبحت تربي أبناءها في بيئة مناسبة وصالحة بعيدا عن العشوائيات التي كان ينتشر بها الإرهاب وتجارة المخدرات، فضلا عن إشعار المراهقين والشباب أنهم ليسوا مهمشين؛ لأن إحساس الإنسان بالتهميش وأنه لا قيمة له يولد لديه الإحساس بالكراهية والرغبة في الانتقام من المجتمع.
ويقول د. البهى: توفير سكن آدمى للشباب جعلهم ينخرطون بالعمل الاجتماعي التطوعي، كما أن توفير مساحات خضراء وسكن يراعي الحدود الشخصية أثر على الصحة العامة للأفراد وقلل من انتشار الأمراض المعدية الأمر الذي جعل الناس يتمتعون بصحة جيدة ونفسية سوية.
تحقيق الاستقرار
تؤكد د. ريهام عبدالرحمن، استشاري الصحة النفسية والإرشاد الأسري أن شعور الإنسان بالاستقرار في بيئة آمنة يؤثر على إنتاجه وعمله، وتقول: مقومات حقوق الإنسان الطبيعية التي ينبغي أن تكفلها كل الدول لأبنائها الأمان والصحة والطعام والسكن، ومنذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم وهو يدرك ذلك؛ لذا خصص سيادته أموالا طائلة لبناء سكن لكل المصريين، وأطلق مبادرات صحية كثيرة للارتقاء بصحتهم، ومشاريع اجتماعية توفر لقمة العيش لمن لا عائل لهم ولا وظيفة ولا معاش، خاصة مشاريع الإسكان الاجتماعي التي حققت نقلة حضارية نوعية للمجتمع المصري؛ فبدلا من العشوائيات أصبح الناس يعيشون في مجتمعات سكنية محترمة ومخططة ونظيفة وبها كل الخدمات، الأمر الذي خلق فرص عمل للشباب وحقق مردودا ماديا على الأسر المصرية وطمأن كل شاب على حياته المستقبلية، ولم تكتف المشروعات السكنية بتقديم الشقق فقط، فقد تأسس بها حضانات للأطفال وملاعب ومراكز لتحفيظ القرآن ومدارس ومناطق ترفيهية، وهذا بدوره يجعل الشباب يطلقون طاقتهم فيما يفيد، ويؤثر ذلك فيما بعد في رؤيتهم للحياة وللمجتمع، ويشعرون بأهمية الحفاظ على سلامة وأمن هذا الوطن بل ويتصدون لكل من يحاول المساس به، ومما لاشك فيه أنه كلما زاد رضا الفرد عن حياته ومستواه الاقتصادي شعر بالرضا والسعادة وحافظ على البلد التي قدرته واحترمته وشعرت به، وقدمت له كل ما يحتاجه من طعام وسكن وعمل فيزداد انتماؤه، ويتعمق شعوره بالوطنية ويبذل كل جهده كي يحافظ على وطنه ويجعله في مصاف الدول المتقدمة.
حماية اجتماعية
يقول د. هندواي عبداللاهي حسن، عميد كلية خدمة اجتماعية بجامعة بني سويف: مشاريع إسكان الشباب هي أمان نفسي واجتماعي لهم؛ حيث تمكنهم من الحصول على شقق سكنية متميزة بعيدا عن استغلال المقاولين الآخرين الذين يبالغون أحيانا في أسعار الشقق السكنية، وإحساس الشاب بالإنصاف والعدالة في حصوله على سكن كريم يعمق انتمائه لهذا الوطن، وهذه المجتمعات العمرانية الجديدة غيرت خريطة المجتمع المصري من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والحضارية وأصبحنا الآن نسير في أماكن كانت تعد من العشوائيات فنجدها مجتمعات عمرانية محترمة وبها طرق وكباري وبنية تحتية، وأفضل ما في هذه المشاريع أنها في جميع محافظات الجمهورية الأمر الذي يعد أيضا نوعا من العدالة الاجتماعية والقضاء على المركزية.
أما د. منار عبدالفتاح، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية فترى أن الإنسان وليد بيئته ومحيطه، وتقول: كانت العشوائيات تطغى على ساكنيها قبل أن يقرر الرئيس عبدالفتاح السيسي القضاء عليها، وإعادة خارطة المجتمعات العمرانية، ويقوم بعمل مشاريع الإسكان الاجتماعي التي نقلت أحياء كثيرة من حالة الفوضى والعشوائية وعدم الإحساس بالأمان إلى بيئة أكثر أمانا، وقدمت شققا سكنية فاخرة كاملة المرافق لسكان العشوائيات، وهذا أدى بدوره إلى تغيير سلوكيات أشخاص كثر كانت سلوكياتهم وألفاظهم وحياتهم قد تأثرت بسكن العشوائيات، فأصبحت ألفاظهم مناسبة للأماكن الراقية التي يعيشون فيها، يحرصون على تعليم أبنائهم، وتتابع: الأسرة هي نواة المجتمع، فكلما كانت الأسرة مستقرة امتد استقرارها إلى المجتمع ككل، وكما قللت هذه المشروعات نسبة العنوسة فإنها حدت من الطلاق؛ حيث كانت تضطر بعض الأسر تزويج أبنائها في بيت العائلة، وكان لذلك تداعيات توصل الزوجين إلى الطلاق في كثير من الأحيان ؛حيث كانت تتدخل الأسرة الكبيرة في حياة الزوجين وكانا يلجآن للطلاق في النهاية، لذا حققت هذه المجتمعات العمرانية الجديدة حلم كل عريس وعروس في الاستقلال عن العائلة الكبيرة.
ساحة النقاش