بقلم : إقبال بركة

في الأسبوع الماضي قصصت عليكم ملخصا سريعا لرواية قرأتها وأعجبتني فرأيت أن أشرك بها قرائي، وهي رواية "فيرونيكا تقرر أن تموت" للكاتب البرازيلى الشهير "باولو كويلهو"، وترجمة "ظبية خميس"، لقد غضبت بطلة الرواية من إهانة لحقت بلادها عندما تساءل صحفى: أين تقع "سلوفينيا"، كان سؤلا غريبا، بينما العالم يتابع الحرب الأهلية بين الجمهوريات التى كانت تسمى يوغوسلافيا واستقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي نهاية 1991، صحيح" سلوفينيا" تعدادها يزيد عن مليونين نسمة فقط، لكنها تقع وسط أوروبا ولها حدود مشتركة مع خمس دول أوروبية. والرواية تحاكى تجربة الكاتب في الكثير من تفاصيلها، فقد خالف رغبة والديه اللذين أراداه أن يتخرج مهندسا، ولكنه أصبح ممثلا وصحفيا ومخرج مسرح ثم تفرغ للكتابة، وهو أيضا أدخل مصحة نفسية أكثر من مرة، وفى المصحة تتخلص فيرونيكا من إلحاح والديها وتمارس هوايتها القديمة وتعزف البيانو ببراعة، لقد كانت تأمل منذ الطفولة أن تكون مهنتها هي عزف البيانو، وفي المصحة حققت حلمها الكبير، أن تعزف بالقلب والروح، للمدة التى ترغبها والوقت الذي يناسب مزاجها، ويتعلق بها "إدوارد"، شاب من نزلاء المصحة مصاب بفصام قيل إنه غير قابل للشفاء، والده سفير، ويرغب في أن يلتحق ابنه بالسلك الدبلوماسي مثله، ولكن إدوارد كان يرغب في أن يصبح رساما، وبعد صراع طويل بينهما، وبعد بداية الحرب الأهلية يقرر الأب إيداع إدوارد المصحة العقلية، ينجذب إدوارد بشدة إلي عزف فيرونيكا على البيانو ويقع في غرامها ويشعر بالرغبة في العودة إلى العالم، أما الشخصية التالية فهى "ماري" التى جاءت المستشفى لتعالج من نوبات الذعر، وهو ما يعاني منه أغلب الناس، ولكنهم لا يعترفون بذلك حتى لا يتهموا بالجنون، والذعر كما يرى د. أيجور مجرد خلل كيميائي في الجسم، مثل الاكتئاب، لم ترغب مارى أبدا في الانتحار، وبعد أن كبر أبناؤها وصاروا يشقون طريقهم في الحياة، تركت عملها كمحامية حتى تكرس بقية حياتها للعمل الإنساني، وفي المصحة عولجت، واختفت أعراض المرض تماما، ولكن رئيسها رفض إعادتها للعمل، وزوجها طلب الطلاق، فتقرر العودة إلي المصحة لتقضي بها بقية العمر، ولكنها بعد أن تعرفت إلى فيرونيكا ونشأت بينهما مودة تقرر الخروج إلي الحياة والسفر إلى سراييفو التى انتهت للتو من الحرب الأهلية لتعمل مع الأطفال، وتترك ماري رسالة لزملائها في المصحة تشرح لهم أنها ترفض الهروب من مواجهة الحياة والانعزال داخل المصحة، وأن الحل الأمثل هو العمل من أجل الآخرين، وأخيرا تقرر فيرونيكا مغادرة المستشفى لكي تعيش الأيام القليلة المتبقية من حياتها، فيقرر إدوارد الخروج أيضا لكي يعيش معها، ولكن مدير المستشفى يرفض، ويعالجه بصدمة كهربائية، وتبلغه فيرونيكا أنها لم يبق لها في الحياة سوى أيام معدودة، ويهربان معا من المصحة إلى الحرية والاستمتاع بالجنون، الجنون هو عدم القدرة على توصيل أفكارك كما لو كنت في بلد لا تتحدث لغته، هكذا يرى د. إيجور الذي يكتب أطروحة حوله "فيتيرول" السم المسبب للجنون ليقدمها إلي الأكاديمية السلوفينية للعلوم للتدقيق والإجازة، لقد كذب على فيرونيكا ولكنه تركها تهرب إلى الحياة مع من تحب، إذن فالحكمة من الرواية هى: المهم من هو أنت، وليس ما يحبه إياك الآخرون.

المصدر: بقلم : إقبال بركة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 599 مشاهدة
نشرت فى 6 أغسطس 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,848,406

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز