كتبت : منار السيد

على الرغم من كفاح سنوات طويلة في توعية المرأة من الموروثات التى تدعو لكثرة الإنجاب لكن ما زال هناك من يتمسك بالعادات والتقاليد التى تعزو القوة والعزوة إلى كثرة البنون ما يدخلهم في دوامة زيادة عدد الأبناء وقلة الموارد وعدم القدرة على توفير حياة كريمة لأبنائهم الذين سارعوا إلى إنجابهم، لتصبح المرأة وكذلك الأسرة هى الخاسر الأكبر بسبب تدهور الأحوال الاقتصادية كما نتعرف على هذا فى جولتنا التالية..

فى البداية تقول أميرة صبري،أم لأربع أبناء: ندمت كثيرا على عدم تنظيم النسل والاستماع لكلام والدتي وحماتي عن "العزوة" وكثرة الأبناء والرزوق الذي سيأتي من وراء كثرة الإنجاب، ولكن الندم دائما يأتي بعد فوات الأوان, فمع أول طفل كنت أهتم به اهتماما كاملا وكنت أحلم بتعليمه تعليم جيد ولكن بعد إنجابي لأبنائي الأربعة لم نستطع توفير الحياة الكريمة لهم، وفي هذا العام لم نتمكن من توفير الملابس ومستلزمات الدراسة, لم نستطع توفيرها لأولادي هذا العام وذلك بسبب ارتفاع الأسعر وضيق الحال الذي مررنا به بعد أزمة كورونا, بالإضافة إلى التزامات بدفع إيجار المنزل، فحتى الاحتياجات الأساسية من طعام لانستطيع توفيرها بشكل كاف، وتأكدت بأن الأسرة كلما كانت كبيرةنقصحقها في الحياة الكريمة، فمع الأوضاع الاقتصادية السيئة التي نعيشها كان يجب التفكير في مستقبل أبنائنا قبل إنجابهم، فنحن من ظلمنا أبناءنا بعدم التفكير في مستقبلهم جيدا قبل التفكير في إنجابهم.

توفير الوقت

أما ريهام عبد الحميد, موظفة, وأم لأربعة أبناء أيضا, فبجانب مشكلتها الاقتصادية مع كثرة الإنجاب فأيضا هي تعاني مشاكل أخرى تعرضت لها بعد الإنجاب فتقول: لم أعد أقدر على توفير وقت كاف لمساعدة أولادي ومتابعتهم حتى في العملية التعليمية ومراجعة ما يدرسونه ومتابعتهم أين يذهبون أو أين يقضون بقية وقتهم لانشغالي عنهم بالعمل والعودة لتدبير شئون المنزل وتلبية طلبات كل منهم، فلم يتوفر لي وقت لأستطيع الجلوس مع كل منهم بمفرده لمذاكراتهم خاصة وهم في مراحل تعليمية متتالية, وحتى الدروس الخصوصية والمجموعات الدرسيةلم أستطع إلحاقهم بها لأننا لم يتوافر لدينا أي فائض بسبب زيادة الإنفاق،فأنا وزوجي موظفان نحصل على راتب شهري محدود نحاول منه تدبير نفقات الطعام والملابس والتعليم ولا يتوفر أي فائض لدينا.

معركة "الولد"

سالمة حسن، موظفة فلديها خمسة أبناء وتقول: مثلي كالكثيرات من الزوجات اللاتي اضطررت للإنجاب حتى تحصل على "الولد" ولكني اكتشفت أنني بعد إنجابي للولد لم أستطع أن أوفر له البيئة والحياة الكريمة التي يعيش فيها هو أخواته، فنحن نعيش في منزل إيجار ندفع كل شهر جزءا كبيرا من راتبنا مقابل هذا الإيجار، ولم أستطع إلحاق أبنائي بمدارس لغات ولم نجد أمامنا سوى المدارس الحكومية بالرغم من أنني كنت أحلم بإلحاق أبنائي بمدارس لغات ولكن لم أستطع حتى تحقيق جزءمن الحلم وإلحاقهم بتجريبي لأننا لم نستطع توفير ذلك، ولامجال للدروس أو للمجموعات الدراسية فكيف أوفر لكل منهم مبلغاشهريا للدروس والمجموعات، وأشعر دائما بظلمي لأبنائي وكنت أتمني أن أوفر لهم الحياة الكريمة ولكن تأكدت أنه لاسبيل لحياة كريمة في ظل كثرة عدد الأبناء.

مظاهر الترفية

وإيمان إبراهيم لديها 4 أبناء تقول: منذ إنجابي لأبنائي وأعيش أنا وزوجي على سياسة الاقتراض والسلف لنستطيع توفير الاحتياجات الأساسية وحرمنا أنفسنا وأبناءنا من أي مظهر من مظاهر الترفيه، فنحن طوال الشهر نعمل ونسدد مااقترضناه لنستطيع فقط استكمال الحياة وهذا له تأثير سلبي على أبنائنا, ولكن ماذا نفعل في ظل كثرة احتياجاتهم وعدم وجود فائض للدخل،فهم لهم أحلامهم ونحن نقف عاجزين أمام مطالبهم وأحلامهم بسبب قلة الإمكانيات التي نعاني منها،ولكن هذه هي ضريبة كثرة الإنجاب الذي يدفع ثمنها أبناؤنا.

 

التفكك الأسري

تتحدث راوية محمد, سيدة منزل, عن أزمتها مع زيادة الإنجاب فتقول: تزوجت منذ 14عاما وأنجبت ثلاث فتيات في أعمار متتالية, ومع كل ولادة لبناتي تحدث العديد من المشاكل بيني وبين زوجي وأهل زوجي لعدم رغبتهم في إنجاب البنات، لذلك أضطر للحمل مرة أخرى حتى أصبح لدي 4 بنات وزوجي ليس لديه عمل ثابت, ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية لم نستطع تلبية احتياجات البناتمما زاد الأمر اشتعالا بيني وبين زوجي لعدم قدرته للإنفاق علينا، حتى مصروفات التعليم لم نستطع تدبيرها, لذلك لم تنتظم ابنتي الكبري في الدراسة وزادت الخلافات حتى وصل الأمر للانفصال والطلاق, واتهمني زوجي أنني السبب في مايمر به من أوضاع اقتصادية سيئة بسبب كثرة الإنجاب،وحاليا اضطررت للعمل حتى أستطيع الإنفاق علي وتلبية بعض مناحتياجاتهن الأساسية بعد ترك زوجي لنا، فكل ماجنيته من كثرة الإنجاب هو ضيق الحالوحرمان بناتي من التعليم والتفكك الأسري.

 

زيادة الإنفاق

وعنالرأي الاقتصادي حول تدهور الأوضاع الاقتصادية للمرأة في ظل زيادة عدد الإنجاب فتقول الدكتورة هالة محمد,الخبيرة الاقتصادية بمركز الدراسات الاقتصادية عندما نتحدث عن الزيادة السكانية يأتي في مقدمة الحديث عن زيادة الاستهلاك لدى الأفراد، وبالتالي تقليل مدخراتهم التي يدخرونها لأغراض استثمارية مما يؤدي إلى الحد من إمكانية رفع مستوى الدخل القومي للأفراد، إذ يصبح الدخل القومي أقل من معدلاته السابقة، وهذا يؤدي إلى انخفاض مستوى المعيشة للأفراد في الدولة، ولو تحدثنا عن أكثر المتضررين من زيادة الإنجاب داخل الأسرة هي المرأة, فبالإضافة إلى تدهور الصحة الإنجابية لهاولكنها تتضرر بشكل كامل اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا، ولو تحدثنا عن الجانب الاجتماعي فنجد أنه مع الزيادة السكانية يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدلات الأمية خاصة بين النساء، والزواج المبكر للإناث وبالتالي الإنجاب المبكر، وعدم حصول  الفتاة على حقها الطبيعي في التعليم وتستطيع أن تساهم في اختيار شريك عمرها وحتى يصبح الإنجاب في سن مناسبة.

وتضيف قائلة:ليست الزيادة السكانية في حد ذاتها مشكلة إذا كان هناك نمو اقتصادي يواكبها إلى جانب نظام تعليمي وسوق عمل تستوعب الكفاءات الشابة وتدفع بالاقتصاد إلى مزيد من النموحيث إن النمو الاقتصادي ينبغي أن يكون ثلاثة أضعاف معدل النمو السكاني كي يكون قادرا على خلق الوظائف اللازمة للجيل الجديد, وما يعنيه ذلك أن نسبة النمو السكاني بين 2,5 إلى 3 بالمائة سنويا في مصر تحتاج إلى نسبة نمو اقتصادي من 7,5 إلى 9 بالمائة سنويا للسيطرة على الوضع, وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن نسبة النمو الفعلي لا تزال بعيدة عن النسبة المطلوبة.

 

سياسة الحرمان

وتؤكدبسمة صبري,أستاذ علم الاقتصادأن المرأة هي الخاسر الأكبر في معركة الزيادة السكانية, فهي تدفع الثمن من صحتها وحقها في الحياة الكريمةلأن زيادة عدد الأبناء يقابلها زيادة في الإنفاق ويقابلها التنازلات التي تقدمها الأم من أجل أبنائها, فهي تحرم نفسها من حقها في الحياة بشكل كامل وتدخل في معركة قلة الموارد مع زيادة الإنفاق لتكون هي الخاسرالأكبر، فتمنع نفسها وأبناءها من الترفيه والتنعم بمظاهر الحياة, فبجانب مع مايجنيه الأبناء من إهمالوقلة حقهم في كلنواحي الحياة، فالمرأةلاتستطيع أن تلبي متطلباتها ومتطلبات أبنائهاحتى مع اتباع سياسة الترشيد لأنه لايوجد موارد لترشيدها لذلك تلجأ للحرمان لها ولأبنائها.

وتضيف قائلة:ولعلنا نلقي الضوء على المشكلة الأكبر والآثار السلبية للزيادة الاقتصادية فيما يخص الجانب الاقتصادي للأسرة وهياعتمادالأسر الفقيرة علىأطفالها في زيادة دخلها نتيجة دفعهم إلى سوق العمل في سن مبكرة, فالمشكلة السكانية هي نموذج صارخ للمشكلة الاجتماعية التي تعوق التنمية في هذا المجتمع.

المصدر: كتبت : منار السيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 427 مشاهدة
نشرت فى 4 ديسمبر 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,767,637

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز