كتب : عادل دياب

 يعشن معنا بأفكارهن وأعمالهن العظيمة، فلا ننسى أن المصرية كانت قديما ملكة متوجة بينما العالم يعيش في الكهوف، وظلت حديثا في المقدمة تسبق غيرها بخطوات. إنهن نساء رائدات نتذكرهن ونفخر بهن.

[email protected]

 آلاف السنين مضت واسمها يتردد أغنية على ألسنة الصغار والكبار، الغالبية العظمى لا يعرفون المعنى الحقيقي للأغنية، ولا يعرفون من هي السيدة الجليلة المجاهدة الملكة العظيمة الجميلة، التي يردد اللسان اسمها بكل فرح وحب.

كلنا سمع أغنية "وحوي يا وحوي إياحا" وكلنا رددها يوما، أما إياحا فهي تدليل أو تحريف شائع لاسم الملكة العظيمة من الأسرة المصرية القديمة السابعة عشرة "إياح حتب"، أما وحوي فهي ترحيب بها، وكأننا نغني أهلا إياح وهو نفس ما غناه المصريون القدماء عندما عادت هذه الملكة الجليلة بصحبة ابنها أحمس البطل طارد الهكسوس، بعد الانتصار العظيم وطرد المحتلين لتخرج جموع الشعب بالمشاعل تهتف "واح واح إياح" والتي تعني في المصرية القديمة أهلا أهلا بالقمر، وقد كان معنى اسم إياح حتب القمر راضي.

وإياح حتب ملكة ابنة ملكة، استشهد أبوها الملك تاعا الأول وهو يدافع عن تراب مصر، واستشهد زوجها الملك سقنن رع متأثرا بطعنة خنجر غادرة في أرض القتال، حيث تسلل مجموعة من الجبناء في ظلام الليل وبينما هو نائم، طعنه أحدهم بخنجر طعنة نافذة خلف أذنه، لينهال عليه الباقون بالفؤوس والبلط، فكانت عملية اغتياله عملا دنيئا، للتخلص منه بعد أن عجزوا عن هزيمته في ساحة القتال.

عندما وصلت أخبار استشهاد زوجها، قالت لها أمها الملكة ابنة الشعب تتي شيري "لا تبكي على أبيك ولا على زوجك، ابك على بلادك، وقولي لابنك لست ابني حتى تحرر البلاد من الهكسوس"، ولم تكن إياح حتب في حاجة إلى وصية؛ لقد كانت ككل بنات مصر، امرأة أصيلة يسري حب الوطن في عروقها مسرى الدم.

تولت إياح حتب تربية ابنها الأمير كاموس وإعداده للحرب، إلى جانب إدارة شئون البلاد، لبست الملابس العسكرية وساعدت في إعداد الجيش للقتال وتزويده بالمعدات الحديثة، ويقول المؤرخون إنها أول من فكر في استخدام العجلة الحربية التي دخل بها الهكسوس إلى مصر، والتي تم تطويرها لتصبح أصغر حجما وأكثر خفة ورشاقة، وكان من أهم ما قامت به رفع الروح المعنوية للمصريين، وجمع الشعب والحفاظ على وحدة الوطن فى مرحلة كان من الممكن أن تنهار فيها الدولة، كما قادت معارك وحملات حربية بنفسها.

بعد أن أصبح كاموس جاهزا خرج بجيشه إلى الشمال حتى بلغ نفروسي شمال أسيوط حاليا وأخضعها، ثم واصل زحفه إلى الأقاليم الوسطى فخلصها من الغزاة حتى منف، وارتد الهكسوس متراجعين أمامه إلى الشمال يحتمون بعاصمتهم فى أواريس، ولم يبق أمامه سوى أن يسوقهم وراء الحدود المصرية، لكنه استشهد قبل أن يتم الأمر، لتعود الملكة إياح حتب من جديد للوصاية على العرش، وبكل صبر وقوة وصلابة وإيمان بالوطن تستكمل المسيرة بإعداد ابنها البطل أحمس لطرد الغزاة الهكسوس.

قالت إياح حتب لابنها أحمس "لن تسمع مني كلمة ابني ولن أسمع منك كلمة أمي حتى نحرر أرضنا المقدسة"، وأعطته خنجرا وقالت له "هذا الخنجر لأبيك مات وهو يدافع عن الأرض وحمله أخوك من بعده ومات مدافعا عن الأرض، وستحمله وأنت تحرر الأرض"، وارتدت ملابس الفرسان وخرجت تساند ابنها وهو يقاتل من أجل مصر، حتى تحقق له النصر وقضى نهائيا على الهكسوس فلم يظهر لهم بعد ذلك أثر أو وجود في التاريخ، وأسس الأسرة الثامنة عشرة وعصر الإمبراطورية الذي ستبلغ معه مصر القديمة أوج عظمتها ومجدها وتوسعها.

اكتشف مقبرتها عالم الآثار ماريت باشا فى منطقة أبو النجا بالقرنة عام 1859 ووجد فيها أوسمة ونياشين، منها الذبابة الذهبية والفأس الذهبية، وهي أوسمة عسكرية مصرية قديمة، لا يحصل عليها إلا الأبطال الذين يقدمون أعمالا عظيمة في أرض المعركة.

المصدر: كتب : عادل دياب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 362 مشاهدة
نشرت فى 12 فبراير 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,678,992

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز