بقلم : د. هالة يسرى
قديما قال الشاعر "ليست الشراع هى التى تحرك السفن لكنه الهواء الذى لا يراه أحد"، هكذا حال ملايين السيدات المصريات فى الريف والحضر يعملن فى صمتويمثلن مصدرالحياة لأسرهنليسجلن صفحات من الخلود فى سجل التاريخ، يربين أجيالا من عظماءوعظيمات مصرويحفرن بأناملهن الرقيقة ذاكرة الأمة فى وجدان أبنائهن، ويرسخن قيم النبلوالعزة والكرامة وكل عناصر المنظومة الأخلاقية المصرية الأصيلة فى نفوسهم، ويقدمنللوطن سيدات عظيمات ورجالا عظماء يبنون بسواعد قوية وإرادة فولاذية مجد الوطن الغالىمصر.
أتحدث هنا عن ربات البيوت اللائى قدمن ويقدمن الكثير من العطاء والتضحيات لبناء أسرقوية تفرز للمجتمع مواطنين صالحين نافعين لأنفسهم وأسرهم ومجتمعاتهم، ناشطين فى كافةالمجالات فى الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .
ومع كل ما تقدم تعانى بعض ربات البيوت الإهمال والتهميش والتقليل من عطائهن، وعدمقدراتهن على اتخاذ القرار السليم، وبالتالى حصر دورهن فى أعمال المنزل المتنوعة، فبدلامن اعتزاز المرأة بذاتها وبقدراتها وإنجازاتها فى بيتها ومع أبنائها تصاب بعوارض نفسيةمن انزواء واكتئاب وقد تتطور إلى أمراض عضوية تودى بحياتها .
يتزامن مقالى هذا مع استصدار الإستراتيجية الوطنية لتنمية الأسرة والتى تتضمن برامجالتأهيل لما قبل الزواج والتى ناديت بها منذ أكثر من خمسة عشرعاما، وهو الأمر الضرورى لحفظ وسلامة الخلية الأولى فى المجتمع ألا وهى الأسرة بعدما أصابتها الحداثةبالكثير من الشروخ، فتقلصت وظائفها، وتهاوت مسؤلياتها، ولكن كانت الأم فى معظم الأحيانعمود الخيمة التى يبقيها قائمة متماسكة، فما إن اختفت إنهارت الخيمة بمن تحتها .
وفى هذا الصدد أتمنى أن تتضمن ميزانية الدولة قدر إسهامات المرأة الاقتصادية داخلالأسرة على مستوى الدولة، فهى إسهامات غير منظورة، ولكنها تستوجب إلقاء الضوء عليهاحتى تدرك المرأة والمجتمع بأسره قدر إسهاماتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهذانوع من أنواع تقدير الجهود التى تبذلها المرأة داخل وخارج المنزل.
وأخيرا همسة فى أذن كل ربة بيت، عليك بنفسك، يجب أن توجهى جزءا من حبك وعطائكالمتدفق لنفسك، وجزءا من وقتك لعمل شيء تحبيه، أو ممارسة هواية، أو القيام بعمل خيرىأو مشروعك الخاص الاقتصادى أو الاجتماعى أو الثقافى أو السياسى, أى أن تقضىجزءا من حياتك خارج نطاق الأسرة، فأنت تستحقين بالفعل أن تمارسى حقك كإنسانة.
ساحة النقاش