الملف إعداد : سمر عيد -منار السيد - أميرة إسماعيل - سماح موسى- هايدى زكى

في كل مجال وعصر وأوان تثبت المرأة المصرية أنها صانعة الأجيال ومصدر الإلهام والإبداع والتفوق والقوة التي يقهر بها المجتمع كافة الصعاب، ومنبع الحنان والسند الذي يلجأ إليه المرء إذا ما أتعبه الدهر وحاصرته الكروب، هذا ما تؤكده المهندسة انتصار أمير محمد خليل، مدير إدارة الأنفاق والكباري بهيئة قناة السويس سابقا ورئيس مجلس إدارة نوادي الأسرة بالإسماعيلية للهيئة، والتى تحدثنا معها عن كيفية وصولها إلى هذا المنصب المرموق، وتأثير والدتها في تحقيق ما حققته من نجاحات.

نود التعرف أكثر على خلفيتك العملية والمناصب التى توليتها؟

أنا مهندسة وامرأة مصرية ولدت بالسويس وتربيت بالإسكندرية وحصلت على ماجستير الهندسة من جامعة الإسكندرية ثم عدت إلى السويس مرة أخرى كي أعمل في هيئة القناة، وكان أبي رحمه الله يعمل بشركة بترول في السويس، وكان أبي رجلا محافظا جدا يتمسك بالتقاليد والأعراف لكنه كان يؤمن أن كل إنسان قد خلقه الله وهيأه كي يعمل عملا يناسبه، ومنذ طفولتي وأنا أعشق الهندسة والرسم والتصاميم فشجعني والداى على تنمية هذه الموهبة بالتحاقى بكلية الهندسة، وكنت أنوي استكمال حياتي كأستاذة في كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية وقمت بالفعل بالحصول على الماجستير حتى قرأت إعلانا  بالصدفة بجوار الجامعة ذات يوم عن طلب مهندسين للعمل بقناة السويس، وقتها وقعت في حيرة بين استكمال الدكتوراه والعمل في المجال الأكاديمي بالجامعة وبين التقدم للعمل مهندسة موقع بالقناة، وعندها ذهبت واستشرت والدتي رحمها الله فقالت لي: أنت أعلم بمصلحتك وأدرى بالمجال الذي ستبدعين فيه ففكري جيدا وأنا سأكون سعيدة بأي قرار تتخذينه، أما والدي فقال لي: السويس هي أصلنا وجذورنا ولو أردت أن تعودي إلى جذورك وتخدمي بلدك فأنا سأكون سعيدا جدا بذلك، وبالفعل قدمت للالتحاق بقناة السويس في شهر ديسمبر 1980م وتسلمت عملي فورا في مارس عام 1981م.

 

- وكيف استطعت التوفيق بين عملك بالهيئة وأداء مهامك الأسرية؟

عندما يتزوج الإنسان سواء كان رجلا أم امرأة من نفس مجال عمله يكون الطرف الآخر متفهما جدا لحياته وعمله ومهامه وبالتالي يدعمه بشكل كبير وهذا ما حدث معي ومع زوجي، فزوجي مهندس ميكانيكا وأنا مهندسة مدنية وقد ارتبطت به بعد عملي بقناة السويس بفترة وجيزة وأنجبت ابناى ياسمين وطارق، وكانت والدتي رحمها الله تؤكد لي دائما أن المرأة مهما علا شأنها وتبوأت من مناصب عليها أن تقوم بواجباتها الأسرية والزوجية كاملة وأن تحقق المعادلة الصعبة التي لا تستطيع أن تحققها الكثير من النساء ومع الأسف يضطررن إما لترك العمل من أجل الأسرة أو لتدمير حياتهن الأسرية من أجل العمل، ووالدتي رحمها الله علمتني أن أحتوي كل من في المنزل، وشاركتني كثيرا في تربية ابني وابنتي، وكانت ترى أن تربيتي وإخوتي كانت أسهل بكثير من تربية ابناي.

 

- ما أكثر الصفات التي ورثتها من والدتك؟

أكثر صفة أثرت بي هي تدبير المنزل وفن إدارة ميزانية الأسرة، فقد كنا 8 إخوة ولم يكن لدينا مال سوى راتب والدي، وأنا تعلمت منها ترشيد الإنفاق وعدم صرف المال إلا في أوجه إنفاقه الصحيحة، وقد حصلت والدتي رحمها الله على لقب الزوجة المثالية، وأنا أردت أن أصبح مثلها امرأة جادة وعصامية وفي نفس الوقت مهندسة ناجحة، كما ورثت عنها الحكمة القائلة "صدر العاقل صندوق سره" فأنا من النوع الكتوم جدا الذي لا يخرج أسرار بيته أو عمله ولا يخبر أحدا عن خصوصياته الأسرية والعملية وهذا الأمر ساعدني كثيرا في نجاح علاقتي بزوجي وطفلي وعملي أيضا.

 

- وما المناصب التى توليتها خلال مسيرتك العملية؟

توليت مدير الإدارة الهندسية بقناة السويس لمدة 4 سنوات، ومدير إدارة الكباري، وحصلت على دبلومة في الهندسة من السويد، ورشحتني هيئة قناة السويس لأمثل مصر في أكثر من بلد، وعلى الرغم من كل هذا فلم أقصر مطلقا في حق زوجي وطفلي وكنت زوجة مثالية وأما يحتذى بها.

 

وهل فكرت يوما فى السفر إلى الخارج والعمل بأحد الدول الأوروبية؟

لدى أخ يعمل مهندسا بولاية فلوريدا الأمريكية وعاد إلى مصر كي يعمل مستشارا لوزير البترول ثم عاد إلى الولايات المتحدة مرة أخرى، وفي الحقيقة نحن ورثنا عن والدتنا رحمها الله حب الأرض وعطاء الوطن وألا نفكر مطلقا في العائد المادي لأن ثروتنا الحقيقية هي تقدم البلاد، وإذا ما سافر كل المبدعين المصريين إلى الخارج فإننا لن نجد من يبني ويشيد ويخترع ويعلم الأجيال الجديدة.

 

- ما شعورك عندما افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي قناة السويس الجديدة؟

افتتحت قناة السويس القديمة عام 1869، وأممها الرئيس جمال عبد الناصر عام 1956، وكان تأميمها أحد الأسباب الرئيسية للعدوان الثلاثي على مصر، وبعد حرب 1967 أغلقت قناة السويس لمدة 8 سنوات حتى عاد وافتتحها الرئيس أنور  السادات عام 1975، وعندما جاء الرئيس عبد الفتاح السيسي وافتتح قناة السويس الجديدة في 6 أغسطس 2015، أعادني إلى ما كانت تحكيه لي والدتي رحمها الله عن الرئيس جمال عبد الناصر وتأميم القناة، وبكيت فرحا أن الرئيس السيسي يعيد لنا أمجاد الماضي وشعرت بالتفاف الشعب المصري حول سيادة الرئيس كما التف من قبل المصريون حول جمال عبد الناصر عام 1956 وهو يؤمم القناة، ووقفنا وقتها كمهندسين في هيئة قناة السويس نحي سيادة الرئيس ولا نصدق أن مشروع قناة السويس الجديدة الذي عكفنا نخطط له أعواما كثيرة مضت ونحلم بتحقيقه قد أصبح حقيقة على أرض الواقع.

 

وأخيرا ما النصيحة التى تقدمينها لأمهات هذا الجيل؟

أود أن أهمس في أذن كل أم مصرية أن تربي أبناءها على الانتماء وحب الوطن والتضحية في سبيله، وأن الغد لن يتحقق إلا بعزيمة وإصرار وكفاح وعرق، وأن تحديات العصر الحديث أكبر بكثير من التحديات التي كانت تواجه جيلنا والأجيال التي سبقتنا، فعلينا أن نكون جادات نتحمل المسئولية كى نربي جيلا صالحا يبني ويعمر ويتحدى كل الصعاب من أجل العبور بالوطن إلى بر الأمان والرخاء.  

المصدر: الملف إعداد : سمر عيد -منار السيد - أميرة إسماعيل - سماح موسى- هايدى زكى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 305 مشاهدة
نشرت فى 25 مارس 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,750,817

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز