كتب : سماح موسى
رغم تباين اللغات واختلاف الثقافات والعادات وتباعد الحدود بين بلدان العالم الإسلامى إلا أن الفرحة بقدوم شهر رمضان واحدة ففرحته تجمعهم وكذا صلاة التراويح وامتلاء الأسواق بالمأكولات الرمضانية، لكن يبقى لهذا الشهر بريقه وطقوسه التى تختلف من بلد لآخر والتى نتعرف عليها من خلال مجموعة من المصريين الذين عايشوا شهر رمضان فى بقاع مختلفة من العالم..
البداية مع دينا الجندي، عضو لجنة المشاركة السياسية بالمركز القومي للمرأة التى قضت شهر رمضان بالمملكة العربية السعودية أثناء أداء مناسك العمرة داخل الحرم المكي، وتقول: كان الإفطار على لبن وربع رغيف عيش سعودي "التميس" وتمر وقهوة عربي، وكانوا يسمون التمر والماء "فكوك الريق" لكن ما جذبني هو اجتماع مجموعات دون معرفة بعضهما البعض على مفرش واحد لتناول الإفطار معا، وكانت الوجبة الرئيسية الكبسة وطواجن اللحوم والسمبوسك باللحم والكنافة بالجبن والمكسرات وجلاش بالعسل والمكسرات "ملفوف"، وبطاطا بالمكسرات، وكوكتيل فواكه، وقد تأثرت بتلك العادات فتعلمت تناول القهوة العربي مع التمر وأصبحت عادة أمارسها بمصر في شهر رمضان.
الدول الأجنبية
يرى د. أسامة عزمي، أستاذ باحث الصحة الإنجابية بالمركز القومي للبحوث أن عادات الدول العربية فى رمضان متشابهة حيث قضى الشهر الفضيل فى العديد من الدول، ويقول: يختلف طقوس رمضان فى الدول الأجنبية ففي إنجلترا قضيت أربع سنوات كنا نجتمع كمصريين بعائلتنا على الإفطار وإذا كان أحد زملائنا مشغولا في عمله كنا نستضيف عائلته على الإفطار حتى يشعر أبناؤنا بجو رمضاني مصري، حيث نتناول الأكلات المصرية التي تم تخزينها أثناء وجودنا بمصر مثل الملوخية والبامية، وكذا الحلوى الشرقية، لكن للأسف لا يوجد هناك إقامة لصلاة التراويح في إنجلترا رغم احترم الدولة كل الديانات وعادات كل إنسان، وقد تعلمت منهم كيفية تقديس العمل والجدية فهم لا يتوقفون عن التفكير في المكسب حتى في المناسبات حتى أنهم اخترعوا عيدا كل شهر وكان الهدف من ذلك تسويق المنتجات خلال تلك المناسبات.
لا نظير لمصر
تؤكد د. نادية رشاد،........... أن الأجواء الرمضانية بمصر لا نظير لها بدول العالم، وتقول: سافرت كثيرا لمعظم الدول العربية والأجنبية لكن لا أشعر باجواء رمضان إلا في مصر حيث البهجة والمحبة وتزيين البيوت وإنارة مساجد آل البيت وأولياء الله الصالحين والمساجد بصفة عامة.
فى تنزانيا
يقول أحمد رامي، مهندس معماري: سافرت إلى تنزانيا وقضيت بها شهر رمضان وقد اعتاد هذا الشعب على الاستعدادت للشهر الكريم منذ حلول نصف شهر شعبان عن طريق تزيين الشوارع والمحال التجارية والمساجد بالأنوار ويعتبرون الجهر بالإفطار في نهار رمضان من أكبر الذنوب، ولديهم طقوس خاصة في تناول التمر وكذلك الماء المحلي بالسكر إلى جانب طبق الأرز المليء بالسعرات الحرارية والخضراوات والأسماك التي يصطادونها بأنفسهم من سواحلهم المطلة على المحيط.
إيطاليا
تحكى د. ثريا أحمد، أستاذة في الفلسفة عن الطقوس الرمضانية فى إيطاليا قائلة: هاجرت مع زوجي إلى إيطاليا منذ خمس سنوات، وكنا ننتظر حلول رمضان من العام للعام من أجل إحياء الشعائر الدينية التى نقصر فيها بسبب العمل وغياب التشجيع المجتمعى الذى نلمسه فى مصر، ونحرص على تناول الأطعمة المصرية والحلويات الشرقية، وأتردد وعائلتي على الدروس الدينية التي ينظمها المركز الإسلامي في المساجد الإيطالية ونعتبرها فرصة لتقوية علاقتنا بإخواننا المسلمين ومصادقة أبنائنا لأبنائهم حتى يخفف الشعور بالغربة.
الفلبين
عن أجواء رمضان بالفلبين يقول عبدالحليم محمد، مدرس لغة عربية: سافرت إلى الفلبين للعمل وعشت أجواء رمضانية مختلفة عن مصر حيث يحرص الفلبينيون على تقديم الخدمات الاجتماعية للمحتاجين، ويستضيف الأغنياء الفقراء على موائدهم دون أية حساسيات، وتوزع الصدقات خلال الشهر في ليلة النصف منه، كما يزينوا موائد رمضان بالأكلات المحلية الخاصة بهم مثل طبق"الكاري كاري" وهو اللحم بالبهارات ومشروب السكر والموز وجوز الهند، هناك بعض الحلوى تشبه القطائف وعصير قمر الدين.
فى العراق
يقول آسر عبدالله، عامل مغترب: يستعد العراقيون للشهر الفضيل مع آخر أيام شهر شعبان فالبداية من سوق الشورجة حيث شراء كل ما يلزمهم في الشهر الفضيل، كما تمتاز مائدة العراق بأصناف عدة أهمها الدورمة "أحد أنواع المحاشي"، والكبة الحلبية، أما الحلوى فيشتهرون بعدة أصناف منها "الحنينية البغدادية، المعمولة بالتمر والسمن أو الزيت، والبقلاوة والزلابية"، بعد الإفطار ينتشر الأطفال في الحارات ليلعبوا ويرددوا الأغاني حتى تتجول فرقة المسحراتي آخر الليل عند موعد السحور بين البيوت لتعزف أناشيدها الدينية.
طقوس وعادات جديدة
عن مدى تأثير معرفة عادات وسلوكيات جديدة تختص بها كل بلد على الإنسان يقول د. جمال شفيق أحمد، أستاذ علم النفس الإكلينكي بجامعة عين شمس: أثناء فترة إعارتي بجامعة الملك سعود بالرياض كان شهر رمضان يتخلل العام الدراسي وكنت أعتبر أن أهم ما يميزه هذه المملكة أنها تفرض الالتزام بآداب الصيام وعدم الجهر بالإفطار في نهار رمضان، وكانوا يفطرون على التمر والشوربة، ثم يصلون المغرب والتراويح بعدها يتناولون الإفطار، وقبل منتصف الليل يجتمع الجيران والزملاء لأداء صلاة القيام والتهجد بأحد المساجد القريبة وبعد أن يفرغوا منها يتناولون وجبة السحور، وتختلف السعودية عن مصر فى انعدام الاحتفالات حتى الدينية برمضان.
ويتابع: يعد اكتساب أنظمة وطقوس وعادات جديدة شيء إيجابي خاصة إذا طبقها المغترب عند عودته إلى وطنه الأصلي مثل الالتزام بالصلاة وعبادة العمل والنظافة لتصبح جزءا من سلوكه وشخصيته ويكون نموذج جيد يحتذي به لأسرته وعائلته ومجتمعه ككل.
أما د. سامي محمود أبوبيه، أستاذ علم النفس التربوي وعميد كلية التربية الأسبق جامعة المنوفية فيقول: كل إنسان لديه جماعة مرجعية فمهما شاهدنا عادات دول أخرى تكون من باب العلم بالشيء فقط أو من باب الدراسة فلا نتطبع بها ولا نمارسها فلدينا عاداتنا المتأصلة بداخلنا.
ثقافة متأصلة
تقول د. آية صلاح، أستاذى علم الاجتماع: لكل إنسان بيئة مجتمعية وعندما يسافر إلى بلد آخر يكون محملا بثقافة مجتمعية وفي نفس الوقت يكون لديه فرصة تاريخية لمعرفة ثقافات أخرى جديدة من الممكن أن يستمد منها شيئا إيجابيا تتناسب معه ويحدث له تطورا ثقافيا وسلوكيا.
وأخيرا يقول د. وائل الكميلي، خبير التنمية البشرية:يتميز شهر رمضان في أي دولة إسلامية بروحانيات عالية تتسبب فيها العبادات الدينية فضلا عن سماع صوت الأذان والتواشيح الدينية، وقد قضيت شهر رمضان من قبل في أمريكا فلم يكن له اى أجواء فلم أسمع الأذان ولم أجد اللمة التى اعتدت عليها فى مصر.
ساحة النقاش