كتبت هايدى زكى

رغم اختلاف أسباب استئساد بعض الأطفال على بعضهم البعض وهو ما عرف مؤخرا بـ"التنمر" إلا أنه بات ظاهرة يعانيها الكثير من أطفالنا فى المدارس وحتى بين أسرهم وذويهم، فما الأسباب التى تدفع الطفل إلى ممارسة ذلك السلوك؟ وما الآثار النفسية التى يعانيها الأبناء جراء تعرضهم لتصرفات عدوانية من زملائهم؟ والأهم كيف يمكن الحد من هذه الظاهرة، ودعم الطفل الذى تعرض لها؟

تساؤلات عديدة تطرحها قارئات "حواء" على عدد من المختصين فى علوم النفس والاجتماع والتربية..

 

البداية مع هبه محمد، موظفة وأم لطفلين وتقول: يتعرض ابنى لسخرية زملائه بسبب وزنه الزائد على الرغم اأن زيادة وزنه لسبب مرضى فهو يعاني من مشاكل فى الغدة الدرقية وفي محاولة مني لمساعدته قمت بتوزيع حلوى على جميع زملائه فى الفصل فتوقفوا عن السخرية منه لفترة قصيرة وأصبح يكره الذهاب للمدرسة لهذا السبب.

أما  نهال الحسينى، مهندسة كهرباء فتقول: ابنى تعرض للتنمر فى النادى ورفض من بعدها ممارسة الرياضة، فالتنمر يدمر الشخص سواء كبير كان أو صغير، وهو ما عانيت منه مع ابنى حتى الآن، فتأثير تنمر أصدقائه عليه أثناء اللعب كان سببا فى عدم استمراره فى ممارسة الرياضة وإصابته بأمراض نفسية، لذلك ذهبت إلى بعض المتخصصين لإنقاذ ابنى من آثار التنمر النفسية المدمرة.

التقليد الأعمى

تقول د. سوسن فايد، أستاذه علم النفس الاجتماعى بالمركز القومى للبحوث: يؤثر التنمر بكل أشكاله وأنواعه على الأفراد باختلاف أعمارهم، فمقولة "لسه صغير" لن يفهم ما يحدث خاطئة لأن الصغير يفهم كل شيء ويتأثر ويؤثر فيما حوله، لذلك علينا مراعاة ماذا نقول وماذا نفعل لأن المشكلة أنه أحيانا كثيرة يأتى التنمر من الأهل بدافع الضحك، وهو ما يتعلمه الطفل دون أن يعلم بأن هذا من قبيل المداعبة ويكون تأثيره كبير للغاية عليه، فعلينا كآباء وأمهات مراعاة ذلك الأمر، فإذا أردنا تجنيب أطفالنا ذلك السلوك فيجب أن يتوقف الكبار عن التنمر لأنه يتعلمه من المحيطين به، كما يجب أن نمنح ضحية التنمر المزيد من الثقة بنفسه من خلال مدحه والحديث عن مميزاته، وقد يتطور لعواقب نفسية شديدة إذا عانى الطفل من التنمر داخل وخارج الأسرة فهناك أمهات تسخر من أطفالها أمام الناس وهذا هو الخطر الحقيقى.

وتقول د. نورا رشدى، أستاذ الأسرة والطفولة وعميد معهد الخدمة الاجتماعية سابقا: تعدد أنواع التنمر فمنها ما يكون فى المنزل بين أفراد الأسرة الواحدة، إلى جانب المؤسسات الأخرى التعليمية والترفيهية، كالتنمر فى النادى والمدرسة، وكذلك عبر صفحات التواصل الاجتماعى، ولا يختلف تأثير نوع عن آخر، فالتنمر من أصعب أشكال العنف النفسى الذى يتعرض له أولادنا، وقد يبدأ التنمر فى المدرسة من المعلم عندما يسخر من الطالب عند تراجع مستواه الدراسى فيصفه بالغباء أمام زملائه ما يتسبب في مزيد من التراجع في مستواه الدراسى فنجد الطفل يقلد ما فعله المعلم، لذا فنحن بحاجة لمعرفة الآثار الإيجابية التى تنتج عن التشجيع، بجانب حملات التوعية عن مخاطر التنمر فالطفل الذى يسخر من زميله لا يعلم ما تفعله الكلمة السلبية فى الحالة النفسية والصحية ويجب أن نوجه المعلمين لدعم الأطفال الذين يعانوا من مشاكل صحية أو نفسية حتى يتعلم الأطفال من المعلمين كيفية تقديم الدعم النفسى لزملائهم.

وتضيف: كثيرا ما يسال الأهل عن كيفية معاملة أولادنا فى حالة تعرضهم للتنمر، وهنا يجب أن يقف الأهل بجانب الابن المتعرض للتنمر واحتضانه وعدم التعامل معه بقسوة وتثقيف جميع أفراد المجتمع والأسرة حول طبيعة التنمر وحقيقته، وفهم سلوكيات الشخص المتعرض للتنمر لمساعدته على الخروج من هذه الحالة، وعلى الأهل مساعدة الطفل في التعبير عن مشاعره بشكل صحي، سواء عن طريق الحديث معه أو الأنشطة الإبداعية، ومساعدته في بناء علاقات إيجابية مع زملائه في المدرسة ومحيطه المجتمعى، وتشجيعه على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية لحمايته من أن يصبح شخصا متنمرا، فالشخص المتنمر غير سوى لا يجيد العلاقات الاجتماعية، غير محبوب من أصدقائه، دائم الشجار معهم، لا يشعر بالآخرين، لذلك يجب التعامل معه بطريقة مختلفة، وعلى الأهل توعية الطفل بأضرار التنمر، سواء على المتنمر أو على المتنمر عليه، ومساعدته في التعبير عن مشاعره بشكل صحي سواء عن طريق الحديث معه أو عن ممارسة الأنشطة الإبداعية، مع ضرورة توفير بيئة آمنة ومحفزة للطفل حيث يمكنه التحدث عن مشاعره دون خوف.

صفات المتنمر

عن طرق التعامل مع الشخص المتنمر تقول د. وفاء الشاطر، خبيرة التنمية البشرية: للشخص المتنمر عدة صفات يمكن التعرف عليه من خلالها فهو شخص دائما مكتئب ويعانى اضطرابات فى الشخصية، سريع الغضب يستخدم القوة ويميل الى السلوكيات العدوانية، ودائما يتوقع سوء الفهم من الآخرين ويشعر أنه لا  أحد يقدره أو يهتم به، قلق متوتر عنيف، لذا يجب البعد عن أى شخص يحمل هذه الصفات.

وتتابع: أما عن انواع التنمر منها الجسدى واللفظى والمعنوى والتكنولوجى، وأخطرهم الأخير لأنه يسبب العديد من المشكلات النفسية، لذا يجب حماية أبنائنا وتعريفهم الصواب من الخطأ والحفاظ على معلوماتهم وصورهم الشخصية وعدم الانسياق وراء العالم الافتراضى لأنه فخ به العديد من السلوكيات الخاطئة وأهمها التنمر.

المصدر: هايدى زكى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 238 مشاهدة
نشرت فى 16 يونيو 2025 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

26,040,736

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز