كتبت: شيماء أبو النصر

 بعد أن كانت الخلافات الزوجية وطرق مواجهتها محلها البيوت والغرف المغلقة أو اللجوء إلى أحد الحكماء من الأسرتين، انتقلت إلى ساحات العالم الافتراضي، فهذا يطلب مشورة فيسبوكية سريعة لمشكلة زوجية يحكى تفاصيلها فى بوست يطلب فى نهايته مشاركة ذوى الخبرة و"أصحاب السوابق" فى التجربة، وتلك تحكى مشكلتها مع زوجها أو موقف مع حماتها وفى نهاية البوست تطلب معرفة حل المشكلة وكيف تدافع عن حقها ضد من ظلموها ويتم اتباع أكثر الردود التى حصدت "لايكات" أكثر من غيرها.

فهل العالم الافتراضى هو الملاذ الآمن لمواجهة وحل خلافاتنا الزوجية؟

تقول حنان إبراهيم، ربة منزل: بعد أى مشكلة أحرص على الحديث تليفونيا مع والدتى لأحكى لها المشكلة وأطلب نصيحتها، مؤكدة أنها تكتفى بالحديث مع والدتها أو أختها فقط ولا تحكى مشكلات حياتها للصديقات أو الجيران لكنها فى نفس الوقت إذا استشارتها إحدى صديقاها لحل خلاف أو طلب المشورة فتحاول التهدئة ولا تقول آراء حادة حفاظا على استقرار الأسرة.

"كتبت مشكلتى على أحد صفحات الفيس البوك بدون نشر اسمى" هكذا قالت منى، ربة منزل، والتى أكدت أنها مشتركة فى اكتر من صفحة لعرض المشكلات والخلافات الزوجية وتتابعها دائما كنوع من التسلية، وكثيرا ما تشارك بالرأى فى حل المشكلة من وجهة نظرها، وذكرت أنه فى أحد المرات بعد مشاجرة مع زوجها بسبب تدخل أهله فى حياتها قررت أن تكتب مشكلتها لكن بمنشور مجهول حتى لا يتعرف عليها أحد، وكانت الآراء بعضها حاد مثل "اقطعى علاقتك بأهل جوزك تماما"، مضيفة: وهناك الآراء طالبتنى بالانفصال مادام زوجى لم يدافع عن حقى أمام أهله.

وتحرص وفاء موظفة وقت الخلاف على التزام الهدوء وتجنب الحديث مع زوجها لبعض الوقت، ثم تعاود مناقشة المشكلة بعيدا، وتؤكد أن هذه الطريقة تقوم بها منذ زواجها الذى دخل عامه العشرين، وتلك كانت نصيحة والدها لها عند الزواج بألا تتسرع فى الشكوى لأى طرف خارجى حتى لا تتعقد المشكلة. 

اللجوء للحكماء

عن كيفية حل المشكلات الزوجية تقول د. سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: أي خلاف ينشأ بين الزوجين يجب أن يتم التعامل معه بهدوء بعيدا عن العصبية والتسرع، ومحاولة التعرف على المشكلة من جميع أطرافها وحسن الاستماع لوجهة نظر شريك الحياة، وفى حالات يمكن اللجوء للأهل ولكن فى حدود، وبشرط توافر الحكمة وليس التعصب والانحياز لطرف على حساب الآخر.

وترى أستاذ علم الاجتماع أن عرض المشكلات الزوجية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى هو من قبيل عدم احترام خصوصية الحياة الزوجية، لافتة إلى أن الأصل فى حل أى مشكلة هو الاستماع للطرفين ثم يأتى دور المتخصص وهو ما كان يقدم فى الإعلام من استضافة متخصصين وعرض المشكلة والحل بشكل عقلانى بعيدا عن الترند الذى يتصدر صفحات التواصل الاجتماعى حتى أصبحت المشكلات الزوجية وعرضها يتم بصورة فجة ولا تهدف إلى تقديم حلول لكن تحقيق الانتشار فقط، وتقديم آراء ينتج عنها هدم للأسرة وهى جريمة، ويجب التوعية دائما بأهمية الحفاظ على قوام وتماسك الأسرة، وكيفية حل كل مشكلة فى إطار من العقلانية والهدوء والصبر فالهدف هو تحقيق الاستقرار والحفاظ على الأسرة.

استشاريين أسريين

من جانبها تقول د. إيمان الريس، مستشار أسرى وتربوى ومدرب مهارات ذاتية: يمكن اللجوء للأهل فى بعض الخلافات وذلك لتوافر القرب العاطفي والحرص على مصلحة الزوجين، ووجود خبرة حياتية، ولكن توجد بعض الآثار السلبية نتيجة انحياز الأهل مما يزيد الخلاف بدلا من الحل، وقد يلجأ البعض لطلب المشورة من الأصدقاء، وهنا قد يقدمون دعمًا نفسيًا ومساندة، لكن من سلبيات اللجوء للأصدقاء أنهم يفتقدون الخبرة الكافية، وقد ينقلون أسرار الحياة الخاصة للآخرين، كما أن تدخل طرف ثالث وخاصة الأهل والأصدقاء قد يكون سلاحًا ذو حدين إذا كان شخصًا حكيمًا ومحايدًا ويتقي الله سيساعد على التهدئة والحوار ووجود حل مناسب لجميع الأطراف، أما إذا كان متحيزًا أو يفتقد الحكمة ويزيد المشكلة تعقيدًا ويولّد مشاعر غضب وعداء للأسف أحياناً تصل إلى الانفصال. 

وتتابع: الأفضل لحل الخلافات الزوجية التوجه للمتخصصين "الاستشاريين الأسريين"، وذلك لأنهم سيكونون أكثر حيادية مع الحفاظ على السرية، واتباع أسلوب علمي لحل المشكلة، لكن ما زالت الثقافة المجتمعية ضعيفة تجاه اللجوء للمتخصصين وأحيانًا تُعتبر وصمة أو رفاهية، والمطلوب هو زيادة التوعية فى هذا الاتجاه لكن مع التوعية سيتم استشارتهم ويصبح لكل أسرة مستشار أسري لها، أما عرض المشكلات الزوجية على فيس بوك قد يجلب تعليقات كثيرة، ونسبة مشاهدة وتفاعل سطحي، لكنها غالبًا آراء سطحية أو غير مناسبة، وغالبًا الهدف الأساسي جمع تفاعل ولايكات دون النظر للمشكلة وأحيانا من يعطي النصيحة يكون غير مؤهل أو انتقامي أو لديه سخط على حياتها.

وأكدت استشارى العلاقات الأسرية أن النصائح فى العالم  الافتراضي قد تكون مضللة لأنها تفتقد معرفة التفاصيل الدقيقة والخلفية الخاصة بالزوجين، لذلك لا يُنصح بالاعتماد على هذه الصفحات كمرجع لحل الخلافات، فضلا عن أن الكثير من الخلافات يمكن حلها داخل إطار الزوجين عبر الحوار الهادئ، والاحترام، والاستماع المتبادل، مع التزام بقليل من الحكمة والصبر والتفاهم والتغافل فى بعض الأحيان، أما التدخل الخارجي يكون عند وصول الخلاف إلى طريق مسدود أو تكرار المشكلات بشكل مؤذٍ للطرفين أو للأبناء، ويفضل استشارة متخصصين. 

المصدر: شيماء أبو النصر
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 39 مشاهدة
نشرت فى 30 سبتمبر 2025 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

27,533,609

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز