ابتسام أشرف

في إطار الاهتمام المتزايد بدور الثقافة في بناء الوعي الوطني وتعزيز الهوية المصرية، التقت "حواء" د. حنان موسى، رئيس الإدارة المركزية للدراسات بالهيئة العامة لقصور الثقافة، التي تحدثت عن جهود وزارة الثقافة في حماية التراث المصري، ودور المتحف الكبير كصرح حضاري يجسد تاريخ الأمة، إلى جانب أهمية التعاون بين المؤسسات الثقافية والإعلامية في تشكيل وعي الأجيال الجديدة.

في البداية كيف ترين أهمية الملتقى الثقافي "على خطى نصر أكتوبر" الذي نظمته مجلة حواء؟

جاء تنظيم ندوة "على خطى نصر أكتوبر" بالتعاون بين المجلة والهيئة العامة لقصور الثقافة، في إطار الاحتفال بانتصارات أكتوبر المجيدة، ليعكس التكامل بين الثقافة والإعلام في غرس القيم الوطنية لدى النشء، وقد شكل الملتقى الإعلامي الثقافي للطفل المصري تجربة ثرية للأطفال، خاصة طالبات المدارس وأبناء حي الأسمرات، من خلال ما تضمنه من أنشطة متنوعة مثل الندوات التثقيفية وورش الرسم والأعمال الفنية، إلى جانب عروض مسرح العرائس التي قدّمت رسائل وطنية مبسطة، هذا التعاون أسهم في ربط الأجيال الجديدة بتاريخ بلادهم، وتعزيز روح الانتماء والفخر الوطني لديهم بأسلوب تفاعلي يجمع بين المعرفة والإبداع.

ما دور وزارة الثقافة في حماية الهوية المصرية والحفاظ على عناصر التراث الثقافي؟

تؤدي وزارة الثقافة اليوم دورًا محوريًا في حماية الهوية المصرية وحفظ وصون مكونات التراث المادي وغير المادي، من خلال استراتيجية شاملة توازن بين حفظ الأصالة ومواكبة العصر، مع استخدام التقنيات الحديثة في عملية حفظ التراث، كما تعمل الوزارة على توثيق الموروث الشعبي والفنون والحرف التراثية والتقليدية، وتنظيم الفعاليات التي تُعيد تقديم التراث في قوالب معاصرة تُخاطب الأجيال الجديدة، وتولي الوزارة اهتمامًا خاصًا بالمناطق الحدودية والنائية لضمان العدالة الثقافية ووصول الخدمة الثقافية إلى كل مواطن، ويُعد التعاون مع المؤسسات الإعلامية، مثل مجلة حواء، جزءًا من هذا الجهد لنشر الوعي بأهمية الهوية الوطنية ودور الثقافة في ترسيخ قيم الانتماء.

المتحف الكبير يُعد أحد أبرز المشروعات الثقافية التاريخية في العصر الحديث، برأيكِ ما الذي يميّزه عن غيره من المتاحف؟

يعد المتحف المصري الكبير إنجازًا وطنيًا غير مسبوق، يجسّد رؤية مصر الحديثة في الحفاظ على تراثها وتقديمه للعالم، وما يميزه عن غيره من المتاحف أنه أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، إذ يضم أكثر من مائة ألف قطعة أثرية تغطي مختلف العصور المصرية ما قبل التاريخ حتى العصرين اليوناني والروماني، بينها كنوز الملك توت عنخ آمون المعروضة كاملة لأول مرة منذ اكتشاف مقبرته عام 1922، ويتفرد المتحف بموقعه المطل على أهرامات الجيزة، بما يخلق امتدادًا بصريا وزمنيا بين الماضي والحاضر، ويعزز من رمزيته كأيقونة ثقافية عالمية، كما يعتمد في تصميمه على أحدث تقنيات العرض التفاعلي والوسائط الرقمية التي تتيح للزائر تجربة معرفية ممتعة، تنقل التراث من كونه مادة للعرض إلى وسيلة للتعلّم والتفاعل، ومن خلال القاعات التعليمية والمراكز البحثية وبرامج الزيارات الموجهة، يضطلع المتحف بدور فاعل في تعريف الأجيال الجديدة بتاريخ مصر العريق بطريقة حديثة تنمي الوعي والانتماء، وتربط بين الأصالة والابتكار، ليصبح المتحف منصة ثقافية حية تسهم في بناء الهوية المصرية وتجديد الوعي الوطني.

إلى أي مدى يمكن للمتحف الكبير أن يشكّل نقطة جذب ثقافي وسياحي تعزز من الصورة الذهنية لمصر عالميًا؟

يمثل المتحف واجهة ثقافية عالمية جديدة لمصر، إذ يجمع بين العمق الحضاري والحداثة المعمارية، ما يجعله مركزًا متكاملًا للسياحة الثقافية، كما أن موقعه بالقرب من الأهرامات يمنحه قيمة رمزية واستراتيجية، فضلا عن أن تصميمه المبتكر وبرامجه التعليمية والمعارض الدولية تجعله وجهة دائمة وليست موسمية للزوار من مختلف دول العالم، بالإضافة إلى إسهامه في تحسين الصورة الذهنية لمصر كدولة تمتلك رؤية معاصرة لإدارة تراثها، ويعزز من مكانتها كعاصمة للثقافة والحضارة الإنسانية.

وضحي لنا الدور الذي تقوم به قطاعات وزارة الثقافة المختلفة لدعم وتفعيل البرامج الثقافية داخل المتحف الكبير؟

من المتوقع أن تسهم وزارة الثقافة في دعم البرامج الثقافية داخل المتحف المصري الكبير، فمن الممكن أن تقوم الهيئة العامة لقصور الثقافة بدور فاعل في تنظيم الندوات واللقاءات التثقيفية التي تعزز الوعي بالأهمية الثقافية للمتحف والتراث الثقافي الخاص بالمصري القديم، إلى جانب تنفيذ "أتوبيس الفن الجميل" للرحلات إلى المتحف وورش الفنون التفاعلية المتنوعة للأطفال، فضلًا عن تنظيم زيارات موجهة لأبناء مشروعات مثل أهل مصر وبديل العشوائيات لتعزيز الوعي الأثري لدى الأطفال والشباب والفتيات من المحافظات الحدودية والمجتمعات العمرانية الجديدة.

في ضوء التحولات الرقمية، كيف تستفيد الوزارة من التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تطوير الأنشطة الثقافية وجذب فئات الشباب؟

تعمل وزارة الثقافة على تعزيز التحول الرقمي في العمل الثقافي بما يواكب التطورات التقنية العالمية، ويتيح الوصول إلى المحتوى الثقافي بشكل أكثر شمولًا وتفاعلية، وفي هذا الإطار تعمل الوزارة ضمن الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي على استكشاف آفاق استخدام التكنولوجيا في أرشفة التراث غير المادي، وتحليل البيانات الثقافية لفهم أنماط المشاركة وتطوير السياسات المستقبلية، كما تستخدم الوزارة تقنيات الواقع الافتراضي في بعض المتاحف والمواقع الثقافية لتقديم تجارب تفاعلية جاذبة لفئات الشباب، تجعل الثقافة أكثر قربًا من حياتهم اليومية، وقد أطلقت الوزارة مبادرة "صُناع المهارة"، وهي مبادرة وطنية تهدف إلى تحويل قصور الثقافة والمكتبات العامة إلى مراكز تدريب وتنمية مجتمعية مفتوحة، تتيح لكل صاحب خبرة أو مهارة تقديم ورش تدريبية معتمدة، بما يسهم في تمكين الشباب والنساء وخلق حركة ثقافية إنتاجية مرتبطة بسوق العمل، وبالتوازي، تم إطلاق البث التجريبي لمنصة "المركز الثقافي الإداري"، التي تعد خطوة نوعية فى مجال تطوير الكوادر البشرية وتعزيز الأداء المؤسسي داخل وزارة الثقافة، وهي أول منصة رقمية متخصصة تهدف إلى تحقيق التنمية الإدارية المستدامة، وبناء كادر ثقافي حديث قائم على التميز والابتكار، وتسعى الوزارة إلى أن تكون التكنولوجيا أداة تمكين معرفي وثقافي تحفظ التراث وتدعم الإبداع، وتُعيد صياغة العلاقة بين المواطن والثقافة في عصر الرقمنة.

كيف يمكن للثقافة أن تكون وسيلة فعالة لمحاربة التطرف وبناء وعي مجتمعي مستنير يقوم على الانتماء والهوية الوطنية؟

الثقافة هي خط الدفاع الأول في مواجهة التطرف، لأنها تبني الوعي وتعزز التفكير النقدي وترسخ قيم التعدد وقبول الآخر، وتعمل وزارة الثقافة على ذلك من خلال نشر الفنون والإبداع في القرى والمناطق الحدودية، وتنفيذ برامج توعوية تستهدف الشباب عبر المسرح والفنون التفاعلية مثل مسرح المواجهة والتجوال، بما يرسخ مفهوم المواطنة والانتماء، كما تُسهم مشروعات مثل أهل مصر وابدأ حلمك في تمكين الأفراد ثقافيًا وفكريًا، وإعادة الاعتبار للهوية الوطنية بوصفها مصدر قوة ووحدة، الثقافة الواعية لا تكتفي برفض التطرف، بل تبني بديلاً إيجابيًا يقوم على العقل والمعرفة والإبداع.

المصدر: ابتسام أشرف
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 34 مشاهدة
نشرت فى 3 نوفمبر 2025 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

27,779,827

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز