أبطال صنعوا الثورة..وحكايات الأمهات

 

كتبت :ايمان عبد الرحمن

«أحداث ساخنة ، والدقائق تمر بطيئة كأنها ساعات ، أبناء ضرب نار وقتلي وجرحي ، وثوار في الميدان ، وعلي الجانب الأخر أمهات ينتظرن بفارغ الصبر أي خبر يطمئنهم علي أبنائهن ، ودعاء وإبتهال إلي المولي يرجوعهم سالمين ، أمهات قررن النزول أيضاً إلي الميادين ، عقولهم مع الثوار وقلوبهم مع أبنائهن ... وحكايات ترويها أمهات الثوار عن أحداث مصر وأبنائهن الذين بكل فخر كما يقولن سطروا تاريخ مصر من جديد» 

السيدة نادية سعد والدة محمود طالب بالفرقة الثالثة كلية الحقوق تقول :

محمود هو إبنى الوحيد وبناتى مها فى الصف الثالث الثانوى وإنچى فى الصف السادس الابتدائى ، ومن أول يوم وأنا أشجعه على النزول إلى المظاهرات ، والكل كان يستغرب تصرفى وأخواتى وجيرانى فلا ولكننى مؤمنة بأن أى شاب لابد أن يؤدى دوره فى الثورة لنسطر تاريخ مصر من جديد واعتبرت أن من لاينزل المظاهرات خيانة للوطن ، هذه الظروف الحرجة لدرجة أننى عندما كان يأتى متأخراً من المظاهرات ويتأخر فى النوم كنت أوقظه لينزل المظاهرات.

وتضيف : لا تستغربى أنا مثل أى أم تقلق وتخاف على أبنائها فما بالك محمود إبنى الوحيد ولكن الكل يعلم كنت «أموت من الرعب عليه ولكننى كنت مسلمة أمرى لله ، إبنى مش أغلى من الشهدا إللى ماتو ومش أحسن من الشباب اللى كان بينزل المظاهرات وحياته على كفه ، فى لحظتها الوطن أغلى من كل شىء ولا كل أم خافت على إبنها ومنعته من النزول إلى الشارع لم يكن سيحدث أى تغيير فى مصر .

وكنت أنزل أنا وبناتى أيضاً إلى المظاهرات عند مسجد القائد إبراهيم وكنت أصطحب بناتى معى ، وهذه أقل حاجة ممكن كنت أقدمها لمصر ، نعم كان هناك ضرب نار وقنابل مسيلة للدموع ولكننى كنت مفوضة أمرى لله .

في قلب ميدان التحرير:

وتكمل حديثها بأن محمود لم يكتفى بالنزول فى الإسكندرية وإنما قرر النزول إلى ميدان التحرير وليلتها اتصل به أحد أصدقائه «وكان ذلك قبل التنحى بثلاثة أيام وقال له «أنا عرفت إنك رايح تستشهد فى ميدان التحرير فرد عليه محمود أنا اللى مستنيه بشىء أعظم من الشهادة وكنت أعلم أن ميدان التحرير فيه ضرب نار وهناك حصار بقصر العروبة وحصار لمبنى الإذاعة والتليفزيون ولكنه صمم على النزول «يوم الحسم» فقلت له «اللى ماتوا مش أغلى منك» وتوكلت على الله ونزلت أنا أيضاً فى مظاهرات قصر رأس التين .

وتضيف هذا واجب وطنى وفترة عظيمة من تاريخ مصر وأى تقدم لابد له من ثمن ، ودفع الشهداء حياتهم ثمنا لكرامة مصر وسطروا تاريخ مصر ومصر تستاهل مننا أكثر من كدة بكتير ، ولكننا نعلم أننا وصلنا لدرجة لايتحملها أحد ، مصر إتولدت من جديد وإن شاء الله ما سيأتى سيكون أفضل بكثير ، ماحدث معجزة بكل المقاييس وستحصل مصر على مكانها اللائق بين الدول بإذن الله .

السيدة سناء والدة حسين بالفرقة الثالثة كلية التجارة تعمل موجهة فى الإدارة التعليمية تقول:

إبنى حسين نزل المظاهرات فى أول يوم 25 يناير لم يخبرنى أنه فى المظاهرات وظللت أبحث عنه كثيرا طوال النهار وقلبى أحس أنه فى المظاهرات وظللت أتصل بزملائه حتى استطاعوا الوصول إليه ، وتتذكر قائلة :

حسين منذ صغره وهو «متعلق بالأحداث السياسية» وهو صغير وكانت أحداث الإنتفاضة الفلسطينية واستشهاد «محمد الدرة» وكان يريد منشورات وساعدته فيها وكنت أظن أنها مظاهرة داخل أسوار المدرسة ولم أكن أعلم يومها أنه سيخرج بها إلى الشارع .

وتضيف : كان حسين ينزل أمام المنزل يحمينا ضمن اللجان الشعبية وبعدها عندما كان ينزل إلى المظاهرات كنت أخاف عليه طبعاً ولكننى كنت فخورة به جداً ، ربنا يحميهم ويجعل شهداءنا فى الجنة وربنا يصبر أهاليهم ، كانت الحياة دوامة عايشين فقط لنبحث عن الدروس كنا نمشى فى طريق مختلف وتفكيرنا مختلف ولم نحمل أبناءنا المسئولية فهذا الجيل أسرته تساعده فى تكوين نفسه ففجروا لنا المفاجأة التى لم نكن نتوقعها ليثبتوا لنا «نحن هنا وتفكيرنا مختلف» وأحسوا بذاتهم واستطاعوا تغيير مالم يستطع جيلنا تغييره ، ويارب صبر أهالى الشهداء وأرحمهم والفمروض ألا ننسى دماء الشهداء العمر كله .

وشريف محيى حالة أخرى فهو طالب بالفرقة الرابعة كلية سياسة واقتصاد فى الأساس من إسكندرية يقيم مع خالته ، بالقاهرة بحكم دراسته أيام الثورة كان عند خالته فتحدثت مع الأم والخالة .

السيدة عايدة عبدالرحيم والدته تقول :

كنت أعلم أن شريف ينزل المظاهرات فى أول الأمر كنت قلقة عليه ولكن بعد ذلك أحسست أنه ليعمل حاجة وفخورة به جداً وأيدته فى كل مايفعله «موقعة الجمل» وأنا أفكر إبنى ، إبنى معهم ربما يكون أصيب أو حدث له مكروه ، كان إحساس فظيع ، ولكن الحمد لله ربنا سلم ومع الوقت بدأت النزول أنا ووالده وأخوته إلى المظاهرات وكنت دائماً مع اتصال به والحمد لله الحمد لله استطاعوا أن يفعلوا شيئاً .

وعن أمهات الشهداء تقول :

قلبى معاهم وربنا يرحمهم ، فهو شفيع السبعين من أهله ، أنا لى أخ شهيد فى حرب 73 وأعلم أنه إحساس صعب فقد مررت به من قبل ، ربنا يصبر أهاليهم ومفيش «حاجة بتيجى ثمنها سهل» ولو كل أم منعت إبنها من النزول ما كانش فيه حاجة هاتحصل .

أما السيدة فتحية خالة شريف تقول :

الحمد لله على كل شىء ربنا يبارك فى شبابنا ويصلح حالهم ، شريف كان عندى أيام المظاهرات وكنت أشجعه على النزول ولم يكن فى يدى غير الدعاء أنهم «يروحوا ويرجعوا بالسلامة» وتضيف معلقة على الأحداث التى تحدث خارج مبانى أمن الدولة أن الشباب عليهم دور كبير فى حماية هذه المبانى وكل المستندات التى بها حتى لايضيع حق أحد .

ويختم شريف الحديث قائلاً :

كان لزاما علينا النزول ، وعندما رأيت أصحابى يقتلوا أمام عينى ويصابون لم تعد فارقة معى ، فى الأول كان معى منحة من جامعة جورج تاورن وبصراحة كنت مخنوق من البلد وحالها وكم الفساد الذى بها وكنت قررت السفر بعد التخرج مباشرة أما الآن فقد مزقت هذه المنحة وقررت البقاء حتى لو عملت عامل نظافة فى مصر. 

 

المصدر: مجلة حواء- ايمان عبد الرحمن

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,727,595

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز