أنين النفس البشرية
كتبت :نبيلة حافظ
إلي كل نفس مهمومة ومتعبة تبحث عن ملجأ آمن لتلقي فيه بأدق أسرارها .. إلي من يبحث عن مكان للراحة والهدوء النفسي، يتوقف فيه ليتأمل ذاته ويراجع خطواته ويواجه أخطاءه .. نقدم استراحة نفسية لننفض عن النفس همومها ومتاعبها .. فإذا كانت لديك مشكلة نفسية تحيرك .. أرسليها لنا .. نحن في إنتظارك
كما أن لنا طاقة جسدية تستطيع أن تتحمل إلى حد معين بعدها تخور قوانا ونقع .. فإن لنا طاقة نفسية لا تستطيع أن تتحمل إلا قدر معين .
والجسد معاناته واضحة .. أى ظاهرة للعين المجردة عين الطبيب والإنسان العادى .. وكلنا تعودنا أن نعبر عن آلام جسدنا بأن نقول «آه» فيسمعنا الآخرون ويشعرون بنا ويتعاطفون معنا ويهبون لمساعدتنا فلا عيب ولا حرج .
وعندما يضغط إنسان على إنسان آخر ويرهقه جسدياً أو لم يستمع لأنين جسده فإننا نتهمه بالظلم وغلظة القلب . فكل هذه الحقوق التى منحناها للجسد انكرناها على النفس .. لأسباب كثيرة منها :
- أن النفس شىء غير مرئى .. أى أننا لا ندركها بأعيننا وإنما نحتاج لأن ندركها بمشاعرنا .. فعندما تتألم النفس البشرية فأننا نلجأ إلى آذاننا الداخلية لكى نسمعها وهذه الآذان معلقة فى الوجدان .. وهذا يتطلب أن تكون لنا القدرة على أن نضع أنفسنا فى مكان هذا الإنسان حتى نتخيل كيف يشعر .. ثم نشعر كما يشعر أى أننا نتألم كما يتألم هو .. وذلك ما لا يستطيعه أى إنسان لأن كل إنسان له شخصية خاصة به . له مشاعر وافكار مختلفة .. له ظروفه واحتياجاته المختلفة .
ومن المؤكد علميا أن الإنسان غير مدرب وغير مؤهل لأن يستمع إلى أنين نفس إنسان آخر .. ولأننا أحيانا نكون متحملين مسئولية معاناة هذا الإنسان فإننا نرفض أن نشعر به ونرفض تحمل مسئولية الإحساس بألآمه ولا نبالغ إذا اعترفنا بأننا احيانا نكون انانيين ولا نبحث إلا عن مصلحتنا وما يرضينا لذلك نرفض آلام هذا الإنسان وقد نتمادى فى الضغط النفسى عليه فتزداد آلامه إلى حد لا يتحمله وهنا لا يكون أمامه إلا أحد ثلاثة سبل .. هذا ما يؤكده طب النفس .. وهذه السبل هى : أما أن يتخلص من حياته بالانتحار .. وأما أن يصاب بالجنون فيستريح لانفصاله الاجبارى عن واقعه المؤلم وإما أن ينفصل بجزء من وعيه فيظل مرتبطا بواقعنا بخيوط غير مرئية ولكنه يبدو وكأنه منفصل تماماً .
كيف يحدث ذلك ؟ علم النفس ارجع ذلك إلى العقل الباطن للإنسان .. فهو الذى يقوم بعملية الانفصال هذه .. إنه دفاع عن النفس وحماية لها من الجنون أو الانتحار إنها إجازة من الواقع المؤلم .. أو راحة اجبارية يفرضها العقل الباطن .. فالأمر لم يعد محتملاً وحل المشكلة مستحيل والفرار منها غير ممكن .. إذن لا حل .. وهذا معناة اليأس والآسى .. والألم .. معناها أن الحياة نفسها لم تعد تحتمل .. والناس لا ترحم .. لا أحد يريد أن يشعر بفداحة مشكلة هذا الإنسان وصعوبة موقفه .
لا أحد يريد أن يرفع عن كاهله بعض الضغوط .. بل هم يضغطون عليه أكثر وأكثر .. لا حب .. ولا تعاطف ولا تقدير .. ولا مشاركة .. ولا حل مجدى مع هذا الإنسان المريض سوى الهروب إلى اللاوعى .. إلى أفاق أخرى بعيدة عن الناس المحيطين به .
هذا الإنسان الذى يعانى نفسياً هو فى حاجة إلى يد تمتد إليه لتنقذه من الحالة التى يعيشها .. حالة اللاوعى وبداية المساعدة تكون أن يتفهم المحيطون به ظروفه واحتياجاته ويتفهموا قدراته .. وهذا معناه أن يشعروه بالحب .. فبالحب يستطيع أن يتخذ قراره ويواجه ظروفه دون خوف ودون صراعات نفسية تفتك به .. لذلك يكون الحب هو أعظم دواء لهذه الحالات المريضة .
ساحة النقاش