جمال العربى وزير التربية والتعليم فى حوار لـ «حواء»:
النظام الجامعى سبب أزمة التعليم
كتبت :ماجدة محمود
نظراً لصعوبة ذهابه وإيابه يوميا من القاهرة محل عمله، إلى القليوبية موطن رأسه ومكان إقامته وأسرته، آثر أ.جمال العربى وزير التربية والتعليم ألا يثقل عل الوزارة بتوفير مسكن عائلى مكلف، وفضل الإقامة بمفرده فى حجرة وحمام مستقلين باتحاد الطلبة بالعجوزة، مصرا على دفع نفقات الإقامة من جيبه الخاص، على أن تتحمل الوزارة إيجار الحجرة فقط، وهو شىء يحسب له، على أن يذهب نهاية كل أسبوع لأسرته التى صارت صغيرة ومكونة من زوجته، ونجله عمر «12سنة» بالفرقة السادسة الابتدائى، بعد زواج أبنائه، كل من محمد - محاسب - متزوج ولديه لوچين، مهندسة إليكترونيات أميرة متزوجة ولديها أحمد، ونوران صيدلانية ولديها محمد، نهاية الأسبوع كافية للوزير للاستزادة من الدفء العائلى مع أولاده وأحفاده، غير متناسٍ القاء الأسبوعى الذى يجمعه وأشقاؤه، وهو تقليد لم يتخلوا عنه منذ وفاة الوالدة عام 2009م، والتى لنا حديث عنها فى حوارنا، حيث أنها تنبأت له أن يكون وزيراً، لكنها رحلت قبل أن ترى حلمها يتحقق، ولكن فى البداية دعونا نفتح ملفات التعليم الشائكة بكل مراحلها، بداية من الثانوية العامة وما يحيط بها من تصريحات تثير القلق والتوتر فى نفوس الطلبة وأولياء الأمور، وانتقالاً للتعليم الفنى، كنز الكنوز المهمل منذ فترة طويلة، ومروراً بالمرحلة الإعدادية، نهاية التعليم الأساسى والمظلومة وسط المنظومة التعليمية، لكونها تسبق الثانوية وسباق الجامعات، وختاماً بالتعليم الابتدائى صاحب البصمة الأولى على وجدان وفكر الغالبية من أبناء الشعب، حوارنا مع الوزير يتوقف عند نقطة مهمة وفاصلة تتلخص فى رؤيته للدروس الخصوصية التى تلتهم ثلث ميزانية الأسرة المصرية وخطته لتحجيمها وصولاً للقضاء عليها، نقاط الحوار مع أ.جمال العربى طالت الكثير من المشاكل التعليمية، فتابعونا >>
الثانوية . رالى الجامعة
> فى حوارنا لسيادتك ورداً على صعوبة الثانوية العامة ذكرت «الأسرة المصرية تختزل العملية التعليمية فى الامتحان»، أريد أن أبدأ حوارى من هنا وأسأل من الذى دفع الأسرة لذلك، أليست هى العملية التعليمية العقيمة، المناهج المكدسة، وخلافه؟
- النظام الجامعى هو سبب اهتمام الأسرة بذلك ، فهى لم تنظر للتعليم والثقافة وجعلت تحصيل المعلومات الطريقة الأسهل، وبالتالى تساعد الطالب على عدم الحضور للمدرسة، والتركيز فى الامتحان لأنها حريصة على الدرجة التى تؤهله للالتحاق بالجامعة، المناهج الموجودة ورغم الاعتراف بعدم جودتها لو طبقت بشكل صحيح سوف تؤدى لمنتج صحيح، ولكن مناهج ضعيفة وطالب لاينتظم وأداء ضعيف، كلها عوامل تجمعت لتتخلف عن الدور الحقيقى، تراجع دور الأسرة التربوى حيث لا تدعم النصح بالتواجد فى المدرسة.
> المشكلة ليست فى الأسرة، بل فى أسلوب التعليم الخاطىء، قد تكون الأسرة معذورة، فإذا توافر المدرس الذى يراعى ضميره، والمنهج غير المكدس بالتأكيد سترحب الأسرة، وتتغير النظرة؟
- أؤكد أنه متوافر، فليس كل المعلمين سيئين، بل يعملون بجد، ولكن الظروف تجبرهم بعدم العمل، فهو لايجد قبولاً من قبل الطالب فى الفصل الذى يأخذ دروساً منذ شهور الصيف، مما يسبب مشاكل للمعلم، ويؤدى بطريقة غير جيدة، والمفروض أن العملية حلقة متصلة.
> ومتى تتخلص الأسرة من كل هذا ومن بعبع الثانوية العامة؟
- عندما يتغير المنهج، وطريقة التعليم والنظام المدرسى.
> كيف؟
- الخطط موجودة ومعدة من أجل تعديل المنهج، يبقى النظام والمعلم، الأكاديمية بصدد الانتهاء من ترقية المعلمين.
> ولماذا لم يتم عمل هذا سابقاً؟
- أنا مسئول عن القادم وليس الماضى.
> وهل تضمن أن من يأتى من بعدك سيستكمل المشوار؟
- إن أكمله فله الشكر، وعليه وزر عدم الاستكمال.
عصف ذهني
> هناك تصريح على لسانك بإضافة سنة رابعة للثانوية العامة ما صحته؟
- غير صحيح، الصحيح أن الثانوية العامة ثلاث سنوات كما هى، والحكاية الصحيحة أنه رداً على سؤال، إذا غيرت نظام دخول الجامعة للقبول بدون مجموع، فاقترحت سنة فاصلة بين الجامعة والثانوىة «تأهيلية» وكان ذلك عصفاً ذهنياً وقتها، وقلت فاصلة نطرحه على المسئولين، فاعتبروه وكأنه مشروعاً، وعلى العموم لدى خمس أو ست أفكار ربما يصلح منها شىء وربمالا، وعندما تعقد اللجنة لها أن تختار ما تختار، فبطبيعتى لا أميل لفرض رأى على أحد، وليس رأى الوزارة، أقول للناس اجلسوا وفكروا وكل من أجل راحة الأسرة وسحب البساط من الدروس الخصوصية.
> إذا لماذا لايؤخذ بنظام الـ «I.G» بطرح المواد على ثلاث سنوات بدلاً من اثنتين لراحة الأسرة والطالب؟
ولماذا I.G هناك أيضاً النظام الأمريكى، الألمانى والدبلومة الدولية، وأى نظام دراسى له مميزاته وله عيوبه، مثله مثل النظآم المصرى، علينا أن نبحث أى من الأنظمة أقل ضرراً وأكثر نفعاً، وعندما قلت 4 سنوات كنت أبحث عن راحتهم من خلال طرح حل..
> صرحت أيضاً بأن القضاء على الدروس الخصوصية يتطلب إغناء المعلم وتأهيله وتأهيل الأسرة كيف ستحقق ذلك؟
- المعلم يتألم فى الدروس كما الأسرة، فإذا تم إصلاح أحواله المادية سوف ينصرف عن إعطائها، إعطاء الدروس لطالب ضعيف ليس عيباً ما دامت فى أضيق النطاقات، ولكن ممارستها هى الخاطئة، المعلم يريد راتباً محترماً ليتفرغ لأولاده ورعايتهم بدلاً من الإنهاك طوال اليوم.
> ولكن مهما أعطينا من حوافز، فلن يتساوى الراتب مع الدخل الرهيب الذى تحققه الدروس الخصوصية، والدليل انصراف المعلم عن الإعارة للبلاد العربية؟
- هذا المعلم عندما يتوقف عن الدروس، سيتوفر له ثلث دخله لأن أبناءه آيضاً يحصلون على الدروس الخصوصية، وسيعود للأسرة ثلث دخلها، وبالتالى تنصلح الأحوال.
> ولكنك صرحت بـ «أنه سيتم شطب من يتأكد تمرسه فى الدروس الخصوصية»، كيف سيتم ضبط ذلك؟ وماذا عن المراكز المنتشرة بكثرة الآن، والبعيدة من الضرائب ومستحقات الدولة؟
- لم أقل ذلك، وكيف أشطب، وأنا أعلم أنه محتاج، أما المراكز، فتعمل بترخيص تجارى للكمبيوتر وخلافه وليس من أجل الدروس وبالتأكيد ستكون هناك وقفة معهم.
تكنولوجيا التعليم
> ألم يأن الآوان لنظرة شاملة وجادة للتعليم الفنى بمعنى تعظيمه بحيث تجد فنياً متعلماً؟ ولماذا لا نوفر له فرصاً بالجامعة؟
- سأكتفى بجملة واحدة، قريباً سنسمع جديداً مختلفاً ومهما للتعليم الفنى بكل تخصصاته تجارى، صناعى ومعمارى، وهو ملف مهم كما ذكرتِ ولا يجب أن نتركه، وتعظيمه سيقدم لنا طالباً مختلفاً وإيجابياً بدلاً من السلبيات التى نراها فى التعليم الفنى الآن.
> المرحلة الإعدادية مظلومة، رغم أن التعليم الأساسى ينتهى عندها إلا أن المناهج وعدم الانتظام فى المدرسة، وتكدس الفصول أمور تؤثر عليها، فما رأيك؟
- هذه المرحلة أساسية جداً فى التعليم، لأنها كما ذكرت نهاية التعليم الأساسى فهى تخلق مواطناً صالحا، ولكن ليست لديه الملكات الأكاديمية، وللأسف فكرة الإلزام فى أولى ابتدائى وحتى الإعدادية لا نفصل الطالب لأنه ملزم تعليمه، ولهذا استغلها أولياء الأمور بتوفير دروس خصوصية فى المنزل وتغيبه عن المدرسة أسوة بزملائه أو أشقائه فى الثانوية العامة، ولكن أؤكد أن أكثر من 95% من المدارس منتظمة جداً، ومن جانبنا نبحث عن الآليات لنعيد الانتظام للإعدادى والثانوى، والتقويم الشامل إذا طبق بشكل صحيح لن يتغيب أحد من التلاميذ، وشرائح المعلمين بها الملتزم وغير الملتزم.
> صرحت قائلا «أنه سيتم إدخال التكنولوجيا إلى 13500 فصلاً دراسياً بالمرحلة الابتدائية» كيف سيتعامل الطفل مع أجهزة الكمبيوتر وما إلى ذلك فى ظل تكدس الفصول وقلة المعامل؟
- إدخال التكنولوجيا ليس رفاهية، ولكن ما نصبو إليه من هذا هو تخفيف العبء عن المعلم، اطلاع التلاميذ على التكنولوجيا والتعامل معها، توصيل المعلومة بشكل أفضل وأعمق، وإذا أعطينا الطالب جهازاً فى حجم الكتاب يكون بديلاً عنه فما المشكلة إذن، بالإضافة إلى أننا نطمح فى مدارس أكثر عدداً، وفصولاً دراسية أكثر آتساعاً، وعلى فكرة إدخال التكنولوجيا للمدارس سوف يجذب الطالب ويجعله أكثر انتباهاً وتركيزاًَ.
إدارة للموهوبين
> وهل هذا أيضاً يمكن أن يكون مدخلاً لاكتشاف المواهب، خاصة وأن مصر ولادة؟
- بالتأكيد، هناك آليات، لكن التنفيذ كان متراجعاً، وهناك إدارة للمواهب، تعمل فى جو غير صحى، فى القليوبية مفعلة، وقدمت مجموعة طلاب، علماء.
المشكلة أن ميزانيتها كانت متشابكة مع ميزانية «ذوى الاحتياجات الخاصة» حيث كانوا يعتبرون هؤلاء مميزين بالسلب، والآخرين بالإيجاب ومن هنا حدث التشابك، ولهذا قررت فصل الميزانيات، ووضع الخطط وتوفير كل الصلاحيات لتقوم بدورها كما ينبغى، وعلى فكرة علمت بوجود طالب بالإعدادية وآخر بالثانوى لديهما اختراعات، اتصلت بالدكتورة نادية زخارى وزيرة البحث العلمى لتحديد موعد لنلتقى معا ونتبنى هذه المواهب.
> بمناسبة المواهب والتفوق .. أين مدرسة المتفوفين، ولماذا لا نسمع عنهم ضمن أوائل الثانوية العامة؟
- لأنها كانت مهملة، الوزارة لم تهتم بها لسبب تافه وهو من المسئول عنها المديرية أم الوزارة، حتى الصيانة لم تقدم لها، والآن أبذل الجهود لإعادة رونقها، خبراء يعدون مناهج العلوم والرياضيات، ومدربين من الخارج، هدفنا دعم هذه القاطرة لتجذب التعليم إلى الأمام.
> والقرية الكونية ماذا ستقدم للتعليم؟ وهل سيتم افتتاحها 26 يناير؟
- لن يتم افتتاحها رسميا، ولكن سوف يسمح فيها لزيارة المدارس والأهالى بشكل تجريبى من يوم 26 يناير، هذه الزيارات كالبث التجريبى، نعرف من خلاله الآليات وما يحتاجه الزائرون، وعلى فكرة هذا ليس مشروعى، والفكرة أن مصر كلها تجمعت فى هذه القرية الكونية، «السد العالى، قلعة صلاح الدين، الهرم، قلعة قايتباى بالإسكندرية، والبر الغربى موجود له نموذج»، بحيث أن الأسرة إذا دخلت إليها شاهدت مصر كاملة فى يوم واحد، تجربة جميلة أدعو الجميع للتعرف عليها.
الشرعية الثورية
.. أدخلتني الوزارة
> مدرس رياضة، ثم مدير مديرية، فوكيل وزارةومسئول عن امتحانات الثانوية العامة العام الماضى والتى مرت بسلام، هل من هذه الأشياء من أهلك للوزارة أم أسباب أخرى؟
- لولا ثورة يناير لما حصلت على منصبى، شرعية الثورة هى من أتت بى فالأسر المتوسطة أمثالنا، والتى لا وساطة لها، أو من يدعهما من المعروفين، لم تصل لهذا إلا بمكسب ثورى، ومن خلال مطالبة زملائى من المعلمين بوزير منهم.
> ولبساطتك لم تثقل الوزارة، بالمطالبة بمسكن عائلى بالقاهرة لأن موطنك القليوبية، وآثرت الإقامة بحجرة باتحاد الطلبة بالعجوزة، هل هذا صحيح؟
- صحيح جداً، فالاتحاد مقر لتدريب الطلبة، وبقية العام خال، ولهذا قررت الإقامة فى مكان أشعر وكأنه بيتى، الوزارة تدفع فقط إيجار الحجرة أما نفقات الإقامة أتحملها من جيبى الشخصى.
> مدرس الرياضة العقلية العلمية، كيف تولد بداخلها الشعر؟
- هواية منذ الصغر، وعمرى 14 سنة، أحببت اللغة العربية، واستهوانى الشعر، فبدأت مرتجلاً، ثم انتظمت فى أدائه، وأفضل أوقات نظمت فيها الشعر فى أفراح أولادى..
> وقصة الزواج، تقليدية أم عن حب؟
- تقليدية جداً، ترشيح من الأسرة، وبعد الخطبة بدأت قصة الحب الكبيرة وهو الأفضل، لأن الحب قبل الزواج قد يفشل فيما بعد، تزوجت عام 1982، وعندى من الأولاد محمد «محاسب، وطفلته «لوجين»، أميرة «مهندسة إليكترونية» وطفلها محمد، ونوران «صيدلانية» وطفلها أحمد، أما أصغر أبنائى عمر بالفرقة السادسة الابتدائى.
أمى .. كل النساء
> هذه رؤيتك للحب والزواج.. فكيف ترى المرأة؟
- احترمها لأننى أحترم أمى، وأرى أمى رحمها الله فى كل امرأة، لأننى أرى سماتها «الحق، الحنان، والحب» فى النساء، لقد نجحت فى أن تجعلنا وأشقائى متماسكين متحابين، وتنبأت بأن أكون وزيراً، وكانت تتمنى ألا تموت قبل أن ترانى هكذا، وبالفعل رحلت 2009م وتحققت النبوءة 2011م، الأهم إنها لم تمت بداخلنا ولا نزال نذكرها حتى اليوم.
> هل هذا يرجع لأن الأمهات أنصاف المتعلمات وغير المتعلمات يربين الأبناء بالفطرة، وهى أفضل من أسلوب التربية الحديث؟
- فعلاً .. بالإضافة إلى أن الأم الآن ، هناك أمور تشغلها حتى ولو بقدر غير كبير، لكن زمان الأم كانت متفرغة للأبناء طوال الوقت، ولا تنام إلا بعد أن تطمئن على الجميع، أمهات اليوم لا تعلم أين الأبناء وعند من يبيتون، الفطرة والطبيعة تؤديان إلى كل ما هو جميل.
> بمناسبة التربية، متى تهتم الوزارة بالتربية قبل التعليم؟
- عندما يدرك المعلم دوره الحقيقى داخل المدرسة، وعندما تعود العملية التعليمية لأصلها، وعندما يدرك الطالب أيضاً أنه طالب، وأن المعلم معلم، ستعود المدرسة لدورها الطبيعى فى التربية إلى جانب التعليم وبالتالى ستستقيم الأمور..
انتهى حديثى، ولكن بقى إحساس لم يفارقنى حتى كتابة هذه السطور، وهو أن أقدر من يتحمل المسئولية فى أى مكان صغيراً كان أم كبيراً، أن يكون من قلب المكان، لأنه سيكون ملما بكل الأشياء مهما كانت بساطتها، وسيقدم الحلول المنطقية، المتوائمة مع الواقع وظروفه، وهذا ما لمسته من خلال تفكير، وحديث وزير التربية والتعليم، مدرس الرياضيات سابقاً أ.جمال العربى
ساحة النقاش