على جسر الأمانى عانس
فى انتظار «عزبنجى»
كتبت :أميرة اسماعيل
كالنقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان، فمحال أن يجتمع السكون والحركة، أو أن يغيب أحدهما .. إنهما العانس والشاب المتعثر اللذان يقفان على مسافة متساوية ينتظر كل منهما الآخر ليحل مشكلته ، فالعنوسة ليست شأناً أنثوياً كما أن العزوبية ليست ميراثاً ذكورياً .
وبإعادة النظر نجد أن لقب «عانس» يقابله «عازب»عجزت إمكانياته عن إتمام الزواج، ليبدو الطرفان على طرفي جسر منهار لا يمكنهما من الالتقاء .
كيف يري كل طرف الآخر ، وما رؤية كليهما لدواعي ومبررات تأخر زواجهما ؟!
ولنبدأ مع فاطمة أحمد 30 سنة طبيبة تقول: يعتبر المجتمع الفتاة التى تتعدى الـ 25 متأخرة فى الزواج وعانساً بعد الثلاثين، فى الوقت الذى يقبل المجتمع فيه تخطى الرجل سن الأربعين دون زواج بل يقدم له الأعذار التى يرفضها من المرأة هذه ثقافة المجتمع..
وتخالفها نهى عبد الستار 28 سنة قائلة: إن المجتمع كما يتهم الأنثى بالفشل عندما يتأخر زواجها كذلك يخشى الرجل الذى تجاوز الثلاثين متهماً إياه باللهو والعبث خاصة إذا كان مقتدراً مادياً.
ويبرر أحمد الحسينى 36 عاماً تأخر زواجه بالقلق من التجربة، فيقول: خشيت ألا ترغب فتاة فى الارتباط بى لكبر سنى. وكان أبى يحذرني من ذلك دوماً، ولكن تبدد قلقى عندما وجدت أن أمامى فرصاً عديدة نتيجة العنوسة المنتشرة لدى الفتيات للارتباط بفتيات أصغر منى سناً بكثير.
ويشير محمود على كيميائى 27 سنة: إلى اختلاف الوضع فى الريف، فكل من الفتاة والشاب مراقب لو تأخر عن سن الزواج (أى بعد العشرين) وأراها نظرة طبقية تختلف من طبقة لأخرى.. وفى النهاية لدينا عنوسة فى الطرفين.
أما الزواج لدى الآباء فهو فرص تتحقق أو لا تتحقق، تقول سعيدة محمد 46 سنة ربة منزل: أقلق على ابنى إن وصل لسن الثلاثين دون زواج، أما الفتاة فمجرد اقترابها من هذه السن تقل فرصها لتحرز لقب عانس.
ويحمل عبدالفتاح محمد (55 سنة) الفتاة مسئولية عنوستها يقول: إن تأخر الفتاة عن الزواج غالباً ما يرجع لطموحها الزائد فى حياتها العملية، أما الشاب فهو دائما يعمل على توفير كافة الإمكانيات المناسبة للارتباط وتكوين أسرة، ومن هنا تكون العنوسة أقرب للفتاة من الشاب.
ويفضل حسن يوسف 50 عاماً زواج ابنه مبكراً لكنه يضع شرطاً لذلك يقول لابد أن يكون متحملاً للمسئولية ومجتمعنا يتهم الرجل المتأخر فى الزواج حتى ولو كان ذا سمعة طيبة، كما يتهم العانس لذلك فهناك أسر يقلقها الشاب المتأخر عن الزواج وإن كنت أرى أن مفهوم العنوسة مفهوم عام يصيب الرجال أيضاً.
العدالة الاجتماعية
لكن هل يقبل علم الاجتماع إطلاق لقب عانس على الرجل؟! هذا ما تحدثنا عنه د. إنعام عبدالجواد - مستشارة علم اجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية- قائلة: المشكلة ليست من الأحق بلقب عانس، ولكن تكمن فى التفاوت الطبقى فى المجتمع فهناك طبقات معدمة وأخرى مرتفعة الدخل، والحل يبدأ من الجذور وهو إرساء مفهوم العدالة الاجتماعية داخل المجتمع فالمشكلة ليست اقتصادية فحسب، بل مشكلات نفسية وآفات اجتماعية كالخوف من المسئولية وعدم وجود إمكانيات مادية وإهمال الدولة للشباب.. كل هذه الأسباب وغيرها جعلت العنوسة شبحاً يهدد الرجل قبل المرأة، ولم يعد لقب «عانس» مقتصراً على الفتاة بل بات لقباً لكل متأخر عن الزواج.
والسؤال الآن، أيهما أشد خطراً عنوسة الرجل أم المرأة؟! تؤكد د. هالة رمضان - أستاذ مساعد علم النفس بالمركز القومى للبحوث - أن الخطر تقريباً واحد ولكن دائما هناك مغالاة فى النظرة للفتاة المتأخرة عن الزواج، خاصة الحالة النفسية المترتبة على نظرة المجتمع لها كـ «عانس» ومن واقع دراساتنا وجدنا طرقاً - أو شماعة - يعلق عليها المتأخر فى الزواج سبب تأخره، فهناك من يتخذ إكمال التعليم بديلاً لحل أزمته.
وهناك من ترى أن الزواج معوق لمسيرتها العلمية والعملية. فالشباب فى مأزق بين مستوى المعيشة المرتفع والحياة المفتوحة المتحررة من القيود
ساحة النقاش