كتب :محمد الشريف
أثار تحذير لجنة الصحة والبيئة بمجلس الشعب من توقف عمليات القلب المفتوح في مصر، لتوقف استيراد عقار البروتامين، المستخدم في تلك العمليات، والذي يعد من الأدوية الحيوية، تخوفاً كبيراً بين المصريين، بخاصة المقبلون علي جراحات القلب المفتوح، حيث تشير إحصائيات 2011 أنه تم إجراء ما يقرب من 9279جراحة قلب مفتوح، ما يشير إلي تزايد عدد الجراحات في هذا المجال.
«حواء» فتحت الملف في محاولة للتعرف علي أبعاد الأزمة، وإيجاد حلول مستقبلية لتفاديها >>
البداية مع د. طارق حلمي - جراح عمليات القلب المفتوح- للتعرف منه على أهمية البروتامين، حيث قال : تعد عمليات القلب المفتوح من أكثر العمليات تعقيداً، وأكثرها تطلباً للمستلزمات والأدوية، ومنها عقار البروتامين الذى يعد من الأدوية الأساسية لإجراء هذه العمليات ، وبدونه يتوقف إجراؤها، حيث تستلزم من «8 - 10 أمبولات» لكل مريض قبل إجراء الجراحة.
وعن طبيعة هذا العقار أكد أن البروتامين: هو بروتين مستخرج من سمك السلمون، وترجع أهميته فى جراحة القلب المفتوح إلى كونه يعمل كمضاد لعقار الهيبارين، وإبطال مفعوله، والذى يلزم بصفة أساسية أثناء جراحات القلب، وقبل تحويل الدورة الدموية لماكينة القلب المفتوح يجب إعطاء جرعات عالية من عقار الهيبارين لإحداث سيولة فى الدم ومنع حدوث تجلط أثناء إجراء الجراحة، وعليه يلزم أيضا إعطاء عقار البروتامين بعد الانتهاء من العملية لإعادة تجلط الدم ومنع حدوث نزيف.
ويضيف د. طارق: إن مشكلة اختفاء عقار البروتامين ترجع إلى وصول آخر شحنة من اليابان، وبالكشف عليها وجد أنها تحتوى على مواد مشعة، ما أدى إلى رفضها، ولكن لم يتبع هذا توفير العقار عن طريق بديل، ما أدى إلى النقص الشديد به، علماً بأن النقص يهدد عدداً ليس بقليل من مرضى القلب بخاصة المقبلون على جراحة القلب المفتوح، حيث توقفت العمليات فى بعض المستشفيات وتأخرت فى مستشفيات أخرى، حين استطاع البعض من أهالى المرضى إحضار العقار من مصادر مختلفة.
قيمة الاستغلال
ووصف محمد سعيد - من القليوبية - حدوث تلك الأزمة واستغلال البعض لها برفع أسعار تلك العقارات بقمة الاستغلال والانتهازية قائلاً: إن من ولاه الله على أمر لا يراعى ربه فيه، بل يستغله لتحقيق أهداف ربحية، حيث أن هذا العقار المفترض أن يباع من قبل الوزارة بسعر 26 جنيها للأمبول، ولكن مع حدوث الأزمة، اضطررت إلى شراء الأمبول بـ 250 جنيهاً لإنقاذ والدى من الموت وسرعة إجراء العملية، ولكن أتساءل أين الضمير؟! إذا كان فى استطاعتى أن أشترى ذلك العقار لتيسر حالتى المادية، فماذا يفعل من لا يستطيع شراءه؟
أما بسمة خالد - ابنة مريضة تخضع حالياً لجراحة القلب المفتوح فى معهد القلب- تقول: تم تأخير إجراء العملية لأمي بسبب نفاد الدواء المستخدم فى جراحات القلب المفتوح، وكانت أمى ستخضع لعملية ترقيع في أحد الصمامات فى القلب، ولكن لا أدرى ماذا يمكنني أن أفعل، كل ما أستطيع قوله هو التضرع لربي، وأقول حسبى الله ونعم الوكيل فى كل من تسبب فى ذلك.
سمات الحكومة
يقول د. أكرم الشاعر - عضو مجلس الشعب ورئيس لجنة شئون الصحة والبيئة بالمجلس -: إن من سمة وزارة الصحة، انعدام المتابعة بها، ونقص قواعد البيانات الذى يتمثل فى الاكتشاف العفوى لتوقف الإنتاج، وأيضا التوريد من الشركة التى تنتج بمفردها دواءً حيوياً فى عمليات القلب المفتوح، والصفة الثالثة للوزارة: عدم تطبيق سياسة الثواب والعقاب على الناجح والمقصر، وهو ما بدا جلياً فى عدم خضوع مشكلة نقص هذا العقار الأساسى والحيوى لتحقيق داخلي، أو إحالة المسئولين عن تلك المشكلة إلى النيابة الإدارية أو العامة، ولكن كعادة أى حكومة مصرية مرت على الأمر مرور الكرام دون محاسبة، أما الصفة الرابعة: هى أن الحكومات تنتظر وجود مشكلة للبحث عن حل لها. تنتظر الفعل لتصدر رد الفعل، وكان من الواجب اتخاذ إجراءات احترازية لمنع حدوث هذه المشكلة.
ودعى الشاعر إلى فتح باب إنتاج هذا الدواء بأسلوب جديد بعيداً عن سياسة الاحتكار، بحيث تكون القاعدة: عدم الاحتكار فى إنتاج أى دواء، والابتعاد عن الممارسات الإدارية التى قد تؤدى إلى احتكار بعض المنتجين صناعة الدواء ما يتسبب فى قلة المعروض منه، كما حدث فى المشكلة التى نحن بصددها، حيث توقفت الشركة المصدرة للعقار لرفع السعر دون النظر إلى ما يمثله هذا العقار من أهمية لمرضى القلب، وما سيترتب على فعلتهم من موت أرواح بريئة، أرادوا قتل أبنائنا، ولكن الله أبى، وبالفعل توقفت عمليات القلب المفتوح فى بعض الأماكن منها معهد ناصر، ومعهد القلب، فما ذنب هؤلاء المرضى؟
هل هو إهمال الحكومة والتقصير فى أداء واجباتهم؟
الروتين المصري
يشير د. حسن البرنس- عضو مجلس الشعب ونائب لجنة شئون الصحة والبيئة - إلى أن الشركة المصدرة للعقار توقفت عن الإنتاج والتوريد منذ أكتوبر 2011، ولم تبلغ الوزارة إلا فى 10 يناير 2012 ما يدل على انعدام المتابعة من الوزارة، بدليل عدم المعرفة بتوقف الإنتاج إلا بعد إخطار الشركة الموردة للوزارة بذلك بعد شهرين من تاريخ وقف خط إنتاج عقار البروتامين، مؤكداً أنه من غير المقبول ترك شركة واحدة تتحمل عبء إنتاج دواء مهم يوصف بأنه دواء أساسى ويجب طرحه والترخيص بإنتاجه لشركات عدة أخرى، بل وأتساءل لماذا لم يتم إنتاج هذا العقار محلياً ما يضمن توافره بصفة مستمرة بدلاً من إهدار المليارات فى استيراد هذا العقار؟.
كما أكد البرنس على أن: الإجراءات التى اتخذتها الحكومة لا ترقى إلى مستوى المشكلة، ولا تتجاوز التعامل الروتينى العادي، إذ لم تُتخذ أى إجراءات استباقية لتلافى حدوث المشكلة ما يؤكد التراخى فى المتابعة، ونقص فى المعلومات، والتلاعب بأرواح أبناء شعب مصر.
إشراقة أمل
فيما صرح د. محسن عبدالعليم- مساعد وزير الصحة للشئون الصيدلية - بوصول ثلاثة آلاف أمبول من عقار البروتامين تم الإفراج عنها ووصولها إلى الوزارة، كما تم استيراد 7 آلاف أمبول أخرى ستنقل إلى مخازن التموين الطبى وإدارة الصيدلة، وجارِ إخطار الطب العلاجى للوزارة بتوافر العقار للبدء فى توزيعه على الجهات التى تقوم بإجراء عمليات القلب المفتوح مشيراً إلى أن الكمية التى يتم توفيرها تكفى أربعة أشهر وفق متوسط العمليات التى يتم إجراؤها فى مصر، مؤكداً أنه يتم حالياً استيراد دفعة أخرى لتغطية المخزون الإستراتيجى من هذا العقار لمدة عام.
وعن الإجراءات الاحترازية التى يجب على الوزارة اتخاذها لتتلافى العجز مرة أخرى فى الأدوية التى تهدد صحة الإنسان، يؤكد د. أحمد منير - مدير المكتب التنفيذى لنائب الوزير - أنه: يتم طرح بدائل للتعامل مع أكثر من شركة لاستيراد الدواء الواحد بدلاً من الاعتماد على شركة واحدة، ووضع مصائر المرضى بين أيديها، نافياً ما أثير عن تعمد الشركة وقف إنتاجها لرفع سعر العقار لهدف ربحى، مؤكداً أن توقف الإنتاج تتعرض له أى شركة بسبب نقص فى المادة الخام
ساحة النقاش