أحوالهم وسلوكياتهم
ما الذى ينقص المصريين بعد الثورة؟!
كتبت :فاتن الهواري
نستأنف حديثنا الموصول عن الشخصية المصرية والتغييرات التي أحدثتها ثورة 25 يناير بها، ففي الحلقة الماضية رصدنا أن السمات الأصلية التي تميز المصري قابلة للتحريك مع الظروف الطارئة، وتواصل رصدنا حول التغيرات التي حدثت من عصور القهر والظلم والجهل، وما نعانيه من عدم تقبل الآخر ومع الزحام وحالة الانفلات في التعبير عن الرأي عبر الفضائيات كمحاولة لإظهار حالة مزيفة من الديمقراطية .
نواصل الحديث مع د.ماجد الديب أستاذ جراحة الأوعية الدموية ورئيس جامعة عين شمس السابق حول الشخصية المصرية
يتميز المصرى بالذكاء والتدين والطيبة والفن، علاوة على أنه عاشق للاستقرار إلا أن الروح المصرية قد تغيرت حيث تتفاعل مع الأزمات والبيئة المحيطة وتشارك فيها سلبا وإيجابا، المصرى ينحنى لمن يعلمه فناً وذوقا لكن عصور القهر والظلم والجهل، الجهل فى التعليم والثقافة انعكس عليه وما نعانى منه الآن من عدم تقبل الآخر نتيجة الزحام الشديد الذى نعيش فيه، ومن ثم أرى أن هذا المجتمع مجتمع الزحام وأخلاق الزحام، والسبب وراء ذلك الدولة ونظام الحكم، فالإنسان فى هذه الدولة مهمش فى حقوقه، لا يحصل عليها وكذلك فى التعليم والصحة . المصرى له شخصية ولكنه سهل الانصياع وسهل الانقياد وراء شخصية دينية مرموقة أو شخصية قيادية مرموقة أو أى إنسان سهل التأثير عليه .
قبل الثورة بعدة سنوات ظهرت محاولات لتغيير الواقع الذى نعيش فيه، وهذه المحاولات كان منها ماهو جيد وما هو موجه ويدعم بطريقة أو بأخرى بمخططات لهدم الكيان المصرى أو الشخصية المصرية، وجاءت ثورة يناير بتوفيق ربنا سبحانه وتعالى وإن دلت على شىء تدل على هشاشة وضعف النظام السابق لأنه سقط بسهولة جدا، لم يكن نظاماً محكماً ولم يكن قائماً على مصداقية أو قواعد شعبية واضحة، ولكنه كان يقنع نفسه أن له قدرا من المحبة والاحترام عند الشعب، ولكن هذا غير حقيقى للأسف، رئيس الجمهورية مغيب تماما وخصوصا فى الفترة الأخيرة من حكمه .
حالة مخاض
ماحدث من المصريين يوم 25 يناير إلى يوم تنحى رئيس الجمهورية، هو تصرف حقيقى ويبين الشخصية المصرية التى تثور ضد الظلم والقهر وتطلب العدالة والحقوق، وهذا شىء جيد جدا ولم يكن موجها، ولكن فى بعض الأمور كان منظما وأقصد التيار الإسلامى.
بعد الثورة ظهرت على الشخصية المصرية حالة جميلة جدا من التواؤم الاجتماعى، المحبة والود لفترة ما وحدث فيما يحدث من تنظيف الميدان والشوارع وهذه من الصفات الجيدة للشعب المصرى، إنه شعب محب لبلده، وهذا شىء لا ننكره مهما حصل من تجاوزات إلا أن كيان الشخصية المصرية هو حب مصر على اختلاف المستويات وهذه ميزة فى الشخصية المصرية عن الشعوب الأخرى فى أنها محبة لبلادها بشدة، وأى مصرى يؤذى مصر إما أن يكون غير واع أنه يؤذيها أو أن أحداً يوجهه.
بعد استقرار الأمر ظهرت أمور كثيرة وأنا أشبهها بحالة المخاض ولأننى جراح فأنا اشبهها بالجرح بعد العملية والذى يكون متقيحاً ولابد للجرح أن يتخلص من الإفرازات السيئة فيه ولكن على شراط أن نراعى هذا الجرح حتى يلتئم .
وبدأت تحدث حركات داخل البلد بقيادة بعض التيارات الخارجية وبعض الناس الداخلين، وهذا عيب الشخصية المصرية أنها سهلة الانقياد، وهذه من السلبيات الشديدة جدا فى الشخصية المصرية ..
والشىء الثانى السيىء كما يقول الديب أن تيار الاخوان المسلمين المنظم التفت إلى نفسه حتى ينجح فى الانتخابات ونسى دوره الريادى والقيادى فى قيادة وتثقيف ورعاية الشعب المصرى، وهذا دور الإخوان أو التيار الإسلامى فى الفترة القادمة لابد أن يشعر أن لديه مسئولية كبرى تجاه هذا الشعب وليس تجاه نفسه. وكل ما أخشاه أن هذا التيار يركز فى نفسه وفى طموحاته ويركز فى مآسيه السابقة ويتحول إلى نظام مبارك آخر ويكون حزب وطنى جديد ..
الميل للفوضى
وإحدى سمات الشخصية المصرية بعد الثورة من كثرة القهر والظلم، بدأ يظهر عنصر سلوكى أخلاقى موجود فينا وكامن وكنا نقول عليه «الناس تخاف ماتختشيش» يعنى تراعى ربنا وعملها وتنظم مواعيد العمل، وللأسف بعد الثورة أصبح الناس عندهم ميل لعدم الانتظام والانضباط، وحالة من الهرجلة والفوضوية هذا ظهر بعد الثورة، وأعتقد أن سببه من وجهة نظرى الإعلام بكل أطيافه المسموع والمرئى والمقروء والصفات كانت كامنة وبرزت بعد الثورة، وإن شاء الله سوف تهدأ الناس وترجع وتنتظم فى عملاها.. والإعلام بكل أطيافه وبكل مجالاته أعتقد أنه لعب دوراً سياسياً خطيرا فى هدم مؤسسات الدولة والهجوم عليها وجّرأ الناس على المؤسسات .
والصفة الظاهرة فى الشخصية المصرية بعد الثورة عدم الرغبة فى الاتزان والانضباط، وإحساس عام بالفوضى، وبات الناس أكثر هجوما على بعض، وكذلك ظهر عند المصريين صفة «التلفيق» من حوارات ومعلومات للدفاع عن وجهة النظر حتى ولو كانت خاطئة.
رفض العصيان
ومن الصفات الحميدة فى الشعب المصرى كما يقول د. ماجد الديب لقد تأثرت كثيرا برد فعل الناس البسطاء على دعوة العصيان المدنى وللإضراب العام عن العمل وهذه صفة جميلة فى المصريين وهى حب مصر، وعندما فشل العصيان المدنى وجدنا عمال السكك الحديدية وعمال الشركات والمناجم، وعمال المقاولون العرب يتبرعون بأجر يوم ويشتغلون عدد ساعات زيادة وهذا هو الشعب المصرى البسيط إذا ترك لفكرة . ولكن للأسف هناك تيارات وعناصر تريد توجيه الشعب المصرى أو الإعلام. ومن الصفات السيئة فى الشعب المصرى وظهرت بعد الثورة هى انتهاز الفرص (استغلال المواقف) والشخصية المصرية فى الوقت الحالى تحتاج من يقف ويقودها، يقودها نحو الخير، وأهم شىء يوثر فى المصريين فى الوقت الحالى هو الوازع الدينى سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين ورأيى أن رجال الدين فى الوقت الحالى عليهم دور اجتماعى أهم من تفقيه الناس فى دينهم .
ويقول د.ماجد الديب: أنا متفائل أن يحصل تغير فى مصر ربما تطول المدة، وليكن شعارنا كلمة واحدة «هيا بنا لبناء مصر الجديدة» ولتكن حملة نتبناها من خلال (مجلتكم الموقرة) وأكلم فيها شباب الجامعة التى تربطنى بهم علاقة طيبة .
كيف نبني
ويقول د.ماجد الديب مجيبا على هذا السؤال نغير من أنفسنا ونغير من صفاتنا السيئة، ونلتزم بحب بعضنا ونلتزم باحترام بعضنا البعض، ونثق فى أولى الأمر ونحن عرفنا أن أولى الأمر عندما يحيدون عن الطريق نستطيع أن نعزلهم أو نقصيهم عن هذا الأمر.
يجب على الإعلام ألا يساعد فى هدم مؤسسات الدولة، وأن يكون هناك خط أحمر عند مؤسسات الدولة، لقد أعجبنى كلام وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم الذى قال أرفض كلمة تطهير الوزارة ومايحدث هو إعادة هيكلة وترتيب الأوضاع .
كلمة «حقوق الإنسان» كلمة لا أحد يفهمها فى مصر.. حقوق الإنسان فى رأيى أن يكون مواطنا شريفا ملتزما بالقانون، منصاعا الى أولى الأمر طالما هو الذى اختارهم ولكن حقوق انسان مع واحد بلطجى ومعه مدفع رشاش وتعاملت معه فلا مكان لإنسان وحقوق الإنسان . هو أن يدرك المواطن أولا ماهى واجباته نحو وطنه من التزام وسلوكيات وانتماء ومحافظة على مملتكات عامة، ثم يطلب حقه فى الرزق وفى العدالة. هذه هى أهم الصفات التى ظهرت على الشخصية المصرية بعد ثورة 25 يناير فحب مصر هى الصفة الإيجابية ولكن الصفات السلبية للأسف كثيرة وغريبة عن طبيعة الشعب المصرى ولم تظهر إلا مع الثورة. لذلك حفاظا على الثورة لابد من تجنب هذه الصفات السلبية ونعود لكامل رشدنا من أجل مصر ولخير مصر
ساحة النقاش