هذا كله من أجل عيون زويل ؟

كتبت :فاتن الهواري

الشئ إذا زاد عن حده انقلب ضده «مثل قديم» كنا نسمعه دائما ونحن صغار، هذا المثل آراه الآن على شاشات التليفزيون في حملات منظمة ومستمرة ومملة من أجل مدينة زويل .. المفتي ورئيس البنك الأهلي ود. زويل .. هل هذا معقول؟ .. الشعب المصري كله يطلع في التليفزيون علشان مدينة زويل وعيون زويل .. هذا لا يصح أصبحنا مثل الشحاتين .. حاجة تكسف .. عيب رئيس البنك الأهلي يقول «تبرعوا بأي شئ هذا معقول»؟

نعم رمضان شهر الزكاة والخير ولكن هذه الحملات هدفها كله أخذ الأموال لصالح جهات معينة ومؤسسات بعينها وتناست مؤسسات أخرى هى فى أشد الحاجة إلى تبرعات .. أين الدولة ودورها ، هذه مؤسسات المفروض معظمها مؤسسات رسمية وكأن مصر أعلنت أفلاسها وتعتمد على التبرعات .. هناك مؤسسات أخرى كثيرة جدا وأولى بفلوس الزكاة وتعمل فى صمت وهدوء وتحتاج إلى دعم كبير ولكنها لا تقام لها الحملات الإعلانية المكسفة بهذه الصورة المملة والتى تطاردنا فى شهر الصيام .. الحكاية زادت عن الحد والأسلوب الذى يعملون به ردئاً جدا ونوعاً من الابتزاز لمشاعر الناس واستدرار عطفهم مثل إعلان مستشفى الأطفال ، الناس التى تعمل الخير فى مصر كثيرة جدا ولا ينتظرون حملات إعلانية ونحن نعطى ونبحث عن المحتاج الذى يستاهل وتمنعه عفة نفسه من الشحاتة كما ذكر فى القرآن الكريم «تحسبهم أغنياء من التعفف» والمفروض الأقربون أولى بالمعروف .. فلو قريب من أهلك فقير هو أولى بالزكاة من معهد الأورام أو مدينة زويل .. وهلم جرة .. عيب الذى يحدث ونشاهده يوميا وكأنه مقرر علينا فى شهر رمضان مثل المسلسلات المملة ، وحكاية «مدينة زويل أصبحت مهزلة بكل المقاييس عايز يعمل مؤسسة علمية خاصة به وتحمل إسمه بفلوسه أو الدولة تعمل له مدينة للبحث العلمى هذا موضوع آخر ، رغم أن فكرة المدينة العلمية ليست جديدة على مصر فعندنا مدينة الأبحاث فى برج العرب والقرية الذكية بالقاهرة ومشروع وادى سيناء للعلوم والتكنولوجيا ووادى الساحل الشمالى للتكنولوجيا ولم يرى المشروعان الأخيران النور بعد، ففكرة المدن العلمية ليست جديدة على مصر ، ولكن دعمها والاهتمام بها هو الجديد حتى لا تتوقف فالطريق طويل ويحتاج إلى جهود الدولة ووزارة البحث العلمى وليست مدينة زويل هى التى تأخذ نصيب الأسد ويطلع لها كل يوم كبار القوم فى التليفزيون من أجل دعمها فى حين أن جامعة النيل التى كانت مقرر لها أن تستمر فى دعم الشق البحثى فى مجال تكنولوجيا المعلومات للأسف الجامعة مهددة هى الأخرى بالتوقف وهناك المركز القومى للبحوث وهو ملئ بعلماء أفاضل ماذا قدمنا لهم؟

مدينة زويل ليست بنت البطة البيضاء وبقية المدن العلمية بنت البطة السوداء ، دمرنا جامعة النيل تحت قدميه، وعلماؤنا الكبار الذى أفنوا حياتهم وشبابهم من أجل بلدهم أصبحوا لا شئ يذكر. لماذا ؟ نحن نعرف قيمة العلم والمقدرة الخلاقة الموجودة فى المصريين وتعرف نوعية الكوادر العظيمة جدا من علمائنا فى كل أنحاء مصر ولو وضعنا كل هذا أمام أعيننا سوف يحدث فى مصر تقدم علمى هائل وثورة علمية فى كل جامعاتنا ومؤسساتنا العلمية والمدن العلمية التى ذكرتها سلفا والتى على وشك التوقف بسبب قلة الموارد المالية لابد من الاهتمام بها وبعلمائها وليس فقط مدينة زويل ، وإذا أراد كبار القوم الاشتراك فى حملات إعلانية فلتكن من أجل البحث العلمى فى مصر وليس من أجل زويل ومدينته