يشكون جحود الأبناء

المسنون عمر ضائع أم جميل محفوظ

كتبت : أميرة اسماعيل

 يحتاج أبي لرعاية خاصة .. احتار الأطباء معه ونحن كذلك، فهو دائم النسيان والشجار معنا علي أشياء مضت منذ سنوات وأمور ليست ذات قيمة، لا أعرف كيف أتصرف معه وما الحل المناسب لحالته.

«حواء» تحاول إلقاء الضوء علي مثل هذه الحالة وغيرها من حالات الآباء والأمهات في خريف العمر، وما يلحق بهما من أمراض عضوية ونفسية، وكيفية التعامل معهما بحب ورعاية طبية خاصة >>

تتحدث فى البداية راندا محمود 39 سنة - محاسبة - قائلة : لقد أشفقنا على والدتى من اصابتها بسرطان فى الدم لما يتطلبه علاجها من أمور شاقة ومكلفة ، ولكن الأطباء نصحونى برعايتها بكل الحب وعدم إغضابها، لأن الحالة النفسية تسهم فى الشفاء أو العكس.

- وتضيف نادية محمد 22 سنة - طالبة - : لقد مررنا بأيام صعبة أثناء مرض والدى الذى تعدى عمره الستين عاما ولم يعلم الأطباء حقيقة المرض الذى يعانى منه غير أن الحالة النفسية له سيئة جدا وأنه مصاب بالاكتئاب ولا يرغب فى الحياة نتيجة لبعض الأحداث السيئة التى مرت بها الأسرة، مما أدى إلى تدهور حالته الصحية.

ولكننا لم نتركه وكنا يدا واحدة بجانبه مما ساعده على تخطى المحنة وعاد سليما معافى.. فكانا الحب والرعاية الصحية روشتة العلاج له.

العاطفة

- بينما تؤكد حنان السيد 41 سنة - ربة منزل - قائلة: إن عاطفة الأبناء وحبهم هى ما يحتاجه الأب أو الأم على حد سواء فى خريف العمر ، وأنا شخصيا كنت أعيش مع حماتى وأرى زوجى دائما بجانبها ولا يرفض لها طلبا ، وعندما فارقت الحياة كانت بين يديه فهو يعشق ترابها، وكان ذلك دافعا لها للعيش أطول فترة لتكون دائما بجانبه.

ويقول عبدالفتاح محمد على 39 سنة - محاسب - لقد شارف أبى - أطال الله فى عمره - على الثمانين عاما وهو بكامل صحته بفضل الله، فرغم أننا نسكن بعيدا عنه إلا أننا لم نشعره يوما ببعدنا عنه، ودائما نحن بجانبه وهو ما يجعل حالته النفسية دائما بخير. أما الأمراض العضوية التى تصيب الآباء فى خريف العمر فهى أمر طبيعى ولكن هنا يظهر دور الأبناء فى رعاية آبائهم وإحاطتهم بالحب والاهتمام، والاستمتاع بالحياة وتطبيق تعليمات الأطباء.

الحالة النفسية

- من الطبيعى أن أتحمل والديّ وقت مرضهما مهما صدر منهما من تصرفات عصبية أو غريبة.. هذا ما أكده معتز السيد 25 سنة - محام - ويضيف: لقد مرت أمى العجوز بأزمات مرضية عديدة جعلتها عصبية للغاية، ولكننا كنا بجانبها ومعنا والدى الذى لم يتركها لحظة مما جعلها تتقبل العلاج إلى أن تماثلت للشفاء من مرضها وعادت لأسرتنا البهجة ، مما يؤكد على أن الحالة النفسية الجيدة تساعد على الشفاء السريع من المرض.

أمراض الشيخوخة

- يقول د. أحمد كامل مرتجى - أستاذ طب المسنين بكلية طب عين شمس - : إن الأمراض العضوية التى تصيب كبار السن مثلها مثل الأمراض التى تصيب صغار السن ولكنها تختلف فى الأعراض، وكذلك الأمراض النفسية التى يكون سببها التغييرات النفسية لدى كبار السن سواء كانت فى الذاكرة أو التصرفات الشخصية، وهذا أمر طبيعى بحكم التقدم فى السن.

ويضيف د. مرتجى الشخص المسن بشكل عام كلما تقدم فى العمر يشعر بعدم الأمان وخاصة لو كان وحيدا نتيجة فقدان شريك حياته، وبالتالى فهو بحاجة ماسة لاهتمام ورعاية كل من حوله.

أمراض شائعة

وبصفة عامة فإن الأمراض التى تصيب كبار السن هى - على سبيل المثال - هشاشة العظام، السلس البولى والوقوع المتكرر بجانب اضطرابات النوم.

ويعد الاكتئاب النفسى من الأمراض النفسية الشائعة لدى المسنين ، فالرجال عادة بعد سن المعاش يصابون بالاكتئاب لشعورهم بالفراغ بعد ترك العمل وبالتالى يشعر بعدم السعادة، فيبدأ بالانعزال عن الآخرين والإضراب عن الطعام، وهنا تظهر أهمية الرعاية النفسية والطبية لكبار السن فهم بحاجة للحنان والاهتمام والمشاركة الجماعية للخروج من الحالة النفسية السيئة التى يعيشون بها، ويتم ذلك فى أندية المسنين وبمساعدة أطباء نفسانيين متخصصين بوضع برنامج علاجى متكامل يساعدنا على التواصل معهم بشكل أفضل.

ويؤكد د. مرتجى أن المرأة العجوز لديها استعداد كبير لتقبل العلاج والتواصل مع الآخرين ، ولديها استجابة عالية للإقبال على الحياة بكل حب وسعادة إذا ما شعرت بحب وعاطفة من حولها.

حسن المعاملة

من ناحية أخرى أشارت د. سهير لطفى - أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية - إلى أن المسنين ليسوا فى حاجة لرعاية طبية خاصة فحسب بل هم بحاجة للبهجة والشعور بالاهتمام فلقد اعطونا الكثير طوال حياتهم ومن حقهم علينا المعاملة الطيبة حتى آخر العمر ، وإذا طرأ على الشخص المسن أى شئ غير مألوف أو طبيعى فعلينا باحتوائه ومعرفة ما يحتاجه بالفعل ، فقد يحاول الشخص المسن لفت الانتباه من خلال أى تصرفات غير طبيعية ليثبت أنه مازال موجودا وذلك فى حالة تجاهله من حوله.

وتبقى لنا رسالة لكل الأبناء بحسن معاملة آبائهم وأمهاتهم مهما طال بهم العمر وزادت آلامهم العضوية قبل النفسية ، ولتبق الكلمة الطيبة والفعل الطيب هما ومضة الأمل فى التراحم بين أفراد الأسرة المصرية

المصدر: مجلة حواء -أميرة اسماعيل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 851 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,872,837

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز