د. محمد عوض تاج الدين لـ «حواء»:لا للتدخين نعم للحياه

كتبت :فاتن الهواري

  عرف التدخين منذ مئات السنين وأول من اكتشف التدخين هو «كريستوفر كولومبس» وكان يزرعه الهنود الحمر ، فى أواخر القرن الخامس عشر ميلادى ، ولقد دخل أوروبا عام 1859 حيث استورده البحار الفرنسى نيكوت ، ولذلك سميت المادة الرئيسية فى التدخين بالنيكوتين ، وعام 1881 اخترع مكن لف السجائر وعلب الكبريت مما يسر انتشار هذه العادة . وفى القرن السابع عشر أصدرت حكومات الدنمارك والسويد وهولندا قوانين تحرم التدخين .. وقد دخلت السجائر العالم الإسلامى مع الاستعمار فى أوائل القرن العشرين .. ومنذ ذلك الوقت والتدخين ينتشر فى كل مكان ويؤثر على صحتنا ويقتل كل عام ما يفوق عدد الوفيات الناجمة عن حوادث السيارات والمخدرات والكحول والإيدز وحوادث الحريق مجتمعة معاً وتكمن خطورة التدخين فى أن أضراره لا تحدث إلا بعد زمن ولا تقتصر على المدخن فحسب وإنما تتعداه إلى الآخرين ممن هم حوله .. حواء كان لها لقاء مع العالم الكبير الأستاذ الدكتور محمد عوض تاج الدين وزير الصحة الأسبق ورئيس جمعية أمراض الصدر والتدرن ، والذى يهمه ويشغله دائما صحة المواطن المصرى والقضاء نهائياً على التدخين وباء العصر .. ليوضح لنا مخاطر التدخين وآثاره السلبية على جسم الإنسان وحجم المشكلة فى مصر والعالم، ويحدثنا عن التدخين وأنواعه ودور الحكومات والمجتمعات فى القضاء عليه والقوانين التى تمنعه وتحد من انتشاره .. أسئلة كثيرة وضعناها أمام العالم الطبيب أ. د عوض تاج الدين وأجاب عليها بصدر رحب لنقدم لقراء حواء ملفاً كاملاً عن التدخين ll

يقول د. عوض تاج الدين: مشاكل التدخين عديدة ومتنوعة، صحية واقتصادية واجتماعية..

فالتبغ يحتوى على أكثر من 4000 مادة كيماوية منها على الأقل 43 مادة تسبب السرطان ..

والتدخين يتسبب فى الإصابة بحوالى 25 مرضاً منها أمراض القلب والأوعية والدموية وسرطان الرئة وسرطان الفم والحنجرة والمرىء ، أمراض الرئة والجهاز التنفسى مثل الإنسداد المزمن فى الشعيبات الهوائية وتدهور كفاءة الرئتين..

وبالنسبة لأمراض القلب والأوعية الدموية فتكمن مخاطر التدخين فى الذبحة الصدرية والسكتة الدماغية وضغط الدم المرتفع وضيق الأوعية الدموية ويتسبب فى إحداث 78% من حالات جلطة القلب و70% من حالات الذبحة الصدرية و75% من حالات الوفاة دون أعراض مرضية سابقة .. كما يسبب التدخين اضطرابات بالجهاز الهضمى ومخاطر عديدة على صحة الحوامل وحياة الجنين ونقص وزنه . وتبادل الشيشة يساعد على انتقال الأمراض المعدية الخطيرة ومنهامرض السل «الدرن» وتمتد أضرار التدخين من المدخن إلى من حوله وهو ما يعرف بالتدخين السلبى .

وتأثير التدخين السلبى على الأطفال تشمل التهابات الجهاز التنفسى ونوبات الأزمات الربوية .. والتهابات الأذن والوفاة المفاجئة للأطفال حديثى الولادة وحدوث 500 حالة تشوه بالمواليد سنويا ومئات الألاف من المواليد ناقصة النمو ..

l وعن حجم المشكلة على مستوى مصر ؟

يحدثنا د. عوض تاج الدين الذى لا يكل ولا يمل من محاربة التدخين فى كل مكان قائلاً : المصريون يدخنون تقريبا 85 بليون سيجارة سنويا وقد بلغ عدد المدخنين 13 مليون عام 1998 من بينهم 439 ألف طفل (أقل من 15 عاماً) عدد 74 ألف طفل (أقل من عشر سنوات)

وقد أجريت دراسة لتقييم العبء المرضى للتدخين فى مصر على الوفيات والمرضى (استخدام بيانات وفيات 1999) وتم تقدير الحجم بحوالى 23.000 وفاة سنوياً (8% من إجمالى وفيات البالغين فوق 35 سنة بسبب التدخين .. وللأسف التدخين يزيد فى الدول النامية بمعدل 1.7% سنوياً بينما ينخفض استخدام التدخين فى البلدان المتقدمة للفرد بنسبة 1.5% سنوياً .

والتدخين يلعب دوراً فى تفاقم المشكلة الأقتصادية فكما يقول د. عوض: التدخين يسبب خسائر مادية تبلغ قيمتها 200 مليار دولار سنوياً وتتحمل الدول النامية نصفها تقريباً

وتنفق الأسرة المصرية على السجائر 5% من إجمالى الدخل فى الوقت الذى تنفق فيه 2% فقط على العلاج و1.2% فقط على الترفيه ، هذا إلى جانب انخافض إنتاجية المدخنين والخسائر نتيجة الوفاة المبكرة وإنفاق العملة الصعبة فى استيراد التبغ والخسائر التى قد تنجم من الحرائق والتلوث البيئى ، بالأضاف

l وأسأل د. عوض تاج الدين عن أهداف البرنامج القومى للحد من التدخين ؟

- يقول سيادته .. أهداف البرنامج القومى عديدة منها خفض معدلات الوفيات الناشئة عن التدخين وخفض معدل انتشار تدخين الشيشة وعدم البدء فى تدخين السجائر عن طريق الأطفال والشباب بحيث لا تزيد نسبة المدخنين للسجائر عن 3% عن سن 20 سنة فأكثر..

كذلك خفض معدل انتشار التدخين بما لا يزيد عن 10% من السكان والحد من نسبة الأطفال فى عمر 6 سنوات فأقل يتعرضون بانتظام إلى دخان السجائر فى المنازل بما لا يزيد عن 20%.

هذا إلي جانب تحديد كمية مادة القطران بالسجائر بحد أقصى 15 مج فى السيجارة الواحدة ، من خلال التحليل المعملى الدورى لغياب السجائر فى جميع محافظات الجمهورية .. ومضاعفة تكلفة السجائر كحد أدنى وذلك من خلال فرض ضرائب على السجائر .. وإنشاء خدمات صحية لمدمنى النيكوتين بالتعاون مع التأمين الصحى وقسم الإصلاح الطبى وتشمل تلك الخدمات عيادات الإقلاع عن التدخين وتقديم المشورة الصحية من أجل الإقلاع عن استخدام النيكوتين..

خطة لمكافحة التدخين

ويحدثنا رئيس جمعية أمراض الصدر والتدرن عن خطة مكافحة التدخين والخطوات والنقاط الأساسية للخطة وتتلخص فى إنشاء إدارة لمكافحة التدخين بالوزارة وإجراء مسح حقلى واستخدام نتائجه فى مجالات المكافحة المختلفة ، ومراقبة ودعم التشريعات والتنظيمات المختلفة وخاصة قانون منع بيع السجائر لمن هم أقل من 18 عاماً ، وتطوير خطة التثقيف الصحى والاتصال الخاص بمكافحة التدخين فى وزارة الصحة والسكان ومن الشىء الجميل كما يقول: هو تطبيق برنامج «هيئات خالية من التدخين» بالمدارس والمستشفيات والمبانى الحكومية ..

l وعن جهود وزارة الصحة والسكان فى مكافحة التدخين؟

-تقوم جهود الوزارة فى تنفيذ مبادرة «مصريون أصحاء» عام 2010وهو منهج شامل للصحة العامة يتضمن برامج لتعزيز صحة المصريين ومواجهة المخاطر الصحية التى تهدد صحة الفرد والمجتمع حيث احتلت مكافحة التدخين مكان الأولوية فى هذه المبادرة وإنشاء عيادات للإقلاع عن التدخين فى مختلف المحافظات.

l وما هي عيادات الإقلاع عن التدخين؟

- تم إنشاء خمس عيادات للإقلاع عن التدخين كتجربة ميدانية لدراسة مدى احتياج المجتمع لمثل هذه العيادات وتأثيرها الإيجابى للإقلاع عن التدخين وخفض التدخين السلبى وتحديداً أماكن محددة للتدخين فى الأماكن العامة والمنشآت الحكومية ومنع الدعاية لجميع منتجات التبغ هذا بالإضافة إلى حملات قومية شارك فى تنفيذها 11 وزارة وجامعة كذلك مديريات الصحة فى جميع المحافظات .. إلى جانب الحملة القومية لمنع بيع السجائر للصغار .. بالأضافة إلى التوعية الإعلامية التى تشمل إعداد وطبع وتوزيع آلاف الكتيبات والملصقات التى تشرح خطورة التدخين على الصحة وفوائد الإقلاع عنه .. وإعداد وإذاعة ونشر تنويهات من خلال وسائل الإعلام المختلفة تحذر من التدخين وتوضح أضراره الصحية ، مع التركيز على سرطان الرئة وقيام مديريات الصحة بجميع المحافظات بعقد ندوات تتولى فيها أطباء الوزارة شرح الأخطار الصحية للتدخين وتوعية الحاضرين وتحذيرهم من أضراره .

وللأسف كما يقول د. عوض تاج الدين الذى يكافح في كل مكان من أجل القضاء على التدخين أن الإعلان عن منتجات التبغ داخل الأعمال الفنية مازال يتحدى كل الجهــود التى تبذل..

l وأسأل وزير الصحة الأسبق عن القوانين التى تساعد فى مكافحة التدخين؟

- يقول: هناك قانون رقم 52 لسنة 81 والذى يقضى بمنع التدخين وحظره داخل الأماكن العامة ووسائل المواصلات ..

وقانون رقم 137 لسنة 81 أيضاً ويقضى بمعاقبة المدخنين أثناء العمل

وقانون رقم 4 لسنة 94 والذى يقضى بمنع التدخين فى الأماكن العامة وتغريم المدخنين من 5 - 10 جنيهات داخل وسائل المواصلات العامة..

أيضاً قانون رقم 85 لسنة 2002 الذى يقضى بأن يشغل التحذير القائل «التدخين يدمر الصحة ويسبب الوفاة» ثلث مساحة العلبة على الأقل إضافة إلى منع الإعلان عن منتجات التبغ بأية صورة من الصور ومنع بيع منتجات التبغ لمن هم دون الثامنة عشرة .

وفى إطار التعاون الدولى كانت مصر من أوائل الدول التى قامت بالتوقيع على اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية لمكافحة التبغ بعد مشاركة فعالة فى مناقشة بنود الإتفاقية ، كما قام مجلس الشعب المصرى بالتصديق عليها .. وأقام برنامج مصريون أصحاء 2010 ، ورشة عمل لمناقشة بنود الإتفاقية والالتزامات والفوائد الناتجة عن التصديق ..