يا بنت بلدى.. هل يأتى الحب فجأة وبدون سابق إنذار؟ أم هى حرارة جو الصيف التى تجعل الدم يتدفق فى العروق؟ أم هى القسمة والنصيب ولله الحمد والشكر هى قسمة جميلة ونصيب أجمل!
***
السيدة نها 34 سنة قابلتها على شاطئ ميامى بالإسكندرية حيث كانت ولا تزال شقتنا الدائمة بمدينة الإسكندرية وكنت أراها هى وأسرتها تحت الشمسية على الشاطئ, وكانت أسرة محترمة مكونة من الأم والأب ومعها ابنتهما نها وكانت صغيرة وأخيها الصغير, قابلتها بالصدفة على الرصيف المقابل للشاطئ وكانت تمسك بيدها طفلا جميلا فى الخامسة أو السادسة من عمره, وكانت فرحتها غامرة عندما رأتنى وقبلتنى وهى تقدم لى عمر ابنها الصغير قائلة: ده عمر ابنى الوحيد, وقلت لها: ربنا يحرسه يا نها, أنا حضرت كتب كتابك فاكره؟ والدتك ووالدك دعونى وكنت عائدة إلى القاهرة وحضرت عندكم فى الشقة المجاورة لبيتى لمدة ساعة, قالت نها: حصلت حاجات وحاجات وتغيرت الدنيا تماماً ألا تعطينى بعض الوقت لكى أحكى لك ما جرى وهى أمور سوف تدهشك؟ قلت لها نجلس فى نادى السيارات المواجه لمنزلنا ونتكلم فأنا مشتاقة لأيامكم الجميلة!
***
قالت السيدة نها وهى تشرب بعض الشاى فى النادى وبينما كان عمر يلعب فى حديقة الأطفال: تصورى يا أستاذة أنه قد مرت على هذه الأحداث أكثر من عشرة سنوات؟ الأيام تجرى تعرفين أننا نسكن فى عمارة من عمارات سيدى بشر القديمة بجوار العمارة التى تسكنين فيها مباشرة, وكانت أمى وأبى رحمهما الله يحبانك حباً شديداً ويسألانك عن كل مشاكلهما, وفى عمارتنا جيران أفاضل أحباء نراهم فقط فى موسم الصيف لكنهم أعز من الأقارب, وكان ولا يزال يجاورنا فى السكن أسرة محترمة مكونة من "طنط" سميحة الأم وابنها الوحيد أحمد الذى كان يكبرنى بسنوات كثيرة وكنت أناديه "آبيه" أى أخى الكبير أحمد, أما والده فقد كان قد توفى وهو بعد طالب فى الجامعة.
وكانت "طنط" سميحة تقول إن أمنيتها الوحيدة أن تظل تلقى رعاية ابنها الوحيد حتى يحملها بنفسه إلى مستواها الأخير, كانت تقول له أمامنا: يجعل يومى قبل يومك يا أحمد ويجعل لك فى كل خطوة سلامة! وظل الأستاذ أحمد المهندس المحترم الوسيم ملازماً لأمه يرعاها ويحافظ عليها ويرفض الزواج حتى لا يشغله شاغل عنها حتى ماتت أمه منذ حوالى ثمان سنوات وتركته وحيداً, لماذا أحكى لك عن تلك الأسرة وعن السيدة سميحة التى كانت لنا بمثابة الأم والنور المضيء فى سماء حياتنا طيلة شهور الصيف, فقد كانت الأسرتان سعيدتين نأكل سوياً ونتنزه معاً ونتسوق معاً وكنت أحب وأحترم "آبيه" أحمد وأجد فى قلبى وكيانى إعجاباً شديداً به لكنه كان قد أعلن أنه لن يتزوج حتى لا يضايق أمه, وكانت أمه على قيد الحياة وكنت أنا قد تخرجت فى الجامعة وعملت بالتدريس فى مدرسة إعدادية وتقدم لى كثير من الخطاب واختار لى أبى أحدهم وهو مدرس ثانوى قريب لأسرتنا, ولما كنت غير مرتبطة بأى شاب فقد وافقت على الزواج منه, وكان أن وجهت أخى الدعوة إليك لحضور عقد قرانى وكان يوم عودتك للقاهرة فجلست معنا ساعة واحدة!
ثم كان أن عانت أمى وعانيت من سيطرة والدة حسين خطيبى وجرأتها فى فقد كل شيء فى حياتنا وإبداء كراهيتها لكل ما أفعل, فكان أن طلبت الطلاق من زوجى حسين قبل أن يدخل بى وأعدت إليه الشبكة والهدايا وكل مليم أنفقه على وأصبحت مطلقة وأنا فى ربيع العمر, وكانت الأجازة الصيفية وجئت أنا ووالدتى وأخى وأبى إلى سيدى بشر لنفاجأ بوجود "آبيه" أحمد وحده وعلمنا أن والدته لاقت وجه رب كريم منذ شهور ولم نكن نعرف, ووجدت قلبى يخفق لأحمد وتوليت كل شئونه من مأكل ومشرب ورعاية طيلة الصيف, وعندما نظر إلى وقال لى ماذا تريدين يا نها بالضبط منى, تلفت وسكت لبرهة وعندما نطقت كانت المفاجأة التى أحكيها لك الأسبوع القادم بإذن الله.
ساحة النقاش