الظاهرة قديمة والشكوى متبادلة ومتكررة، فبينما يشكو الآباء عقوق أبنائهم، نجد أن بعض الأبناء يشكون بنفس درجة المرارة جحود آبائهم، إن القصص والحكايات التي تروى في هذا السياق كثير منها مؤلم وموجع وتنفطر له القلوب، ورغم ذلك فإننا نشدد على توقير الصغير للكبير، واحترام ضعفه ووهنه في المواصلات العامة وفي المصالح الحكومية وغيرها وفي حقهم في عبور آمن للطريق.
إنه لتناقض عجيب حتى أننا لا نعرف من أين نبدأ، من الأبناء الذين يتلقون النصح في ذهابهم وإيابهم حول معاني البر والرحمة، وفي نفس الوقت يعانون الإهانة ليل نهار من بعض الآباء الذين يتسمون بغلظة القلوب..
"فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما" صدق الله العظيمولكننا ونحن في معرض الاحتفال باليوم العالمي للمسنين نشددعلى حقوق الوالدين (وبالوالدين إحسانا)، ليس الوالدين فقط هما من نتوجه بطلب رعايته، وإنما كل رجل مسن وكل سيدة تقدم بها العمر، ينبغي علينا رعايتهم وتكريمهم نظير ما قدموا من جهد ومشاعر ساعدت في الارتقاء بالأسرة والمجتمع والوطن ككل.
في السياق نستنكر عقوق الأبناء لآبائهم أو سوء معاملتهم أو تنكرهم لهم أو قيامهم بفعل يسيء إلى المكانة الرفيعة التي جاءت بها الأديان والدساتير،إن لهما على الأبناء حقوقا مهما فعلا أو لم يفعلا وبغض النظر عن مدى عدالتهمافي القيام بواجبهما على أكمل وجه أو حتى تفضيلهما لأحد الأبناء وتمييزه عن غيره؛ فقد يكون لهذا أسباب لا نعلمها مثل ضعف أو مرض للابن الذي تم تفضيله، أو غيرها من الأمور التي قد لا يعلمها الأشقاء؛ ولذلك فرعايتهما واجبة حتى وإن اعترضت بعض زوجات أو أزواج الأبناء..
ولنا في الآية الكريمة (ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما) دستوراواجباعلى الأبناء لا يمكن الفكاك أو التنصل منه؛ فنحن لا نملك محاسبة آبائنا في كبرهم، بل يكون الشكر والرعاية واجبين علينا؛ ونحن نرى الدولة المصرية بمؤسساتها الشرعية، تشرع في سن القوانين لحماية المسنين ورعايتهم.. ومن أجلهم تخصص "حواء" ملفها الخاص لهذا العدد عن آبائنا وأمهاتنا في شيخوختهم بهدف أن نقول لهم: شكرا على ما أعطيتم..شكرا على رحلة عطاء عظيمة أفنيتم خلالها عمركم لتساهموا في بناء الوطن والأسرة على اختلاف مواقعكم..نحن معكم وإلى جواركم لنكون عصاكم التي تتكئون عليها.
ساحة النقاش