المرأة وسن اليأس

كتبت :نبيلة حافظ

إلي كل نفس مهمومة ومتعبة تبحث عن ملجأ آمن لتلقي فيه بأدق أسرارها .. إلي من يبحث عن مكان للراحة والهدوء النفسي، يتوقف فيه ليتأمل ذاته ويراجع خطواته ويواجه أخطاءه .. نقدم استراحة نفسية لننفض عن النفس همومها ومتاعبها .. فإذا كانت لديك مشكلة نفسية تحيرك .. أرسليها لنا .. نحن في إنتظارك 

كلما تقدم بالإنسان العمر .. ازدادت فرص انزلاقه إلى جحيم الاكتئاب .. ليس بالضرورة الاكتئاب المرضى ولكن الميل إلى الحزن والشعور بالتعاسة وزوال اقباله وحماسه فى الحياة.. ويختلف ذلك الشعور من انسان لآخر حسب الاستعداد والتكوين والوراثة وايضا حسب قربه من الله وايمانه بسنن الحياة وتقبله لدورة الزمن. وعلمياً معروف أن الانسان الذى تعرض للاكتئاب فى شبابه يتعرض له بنسبة أعلى حين يتقدم به العمر.. وأيضاً إذا كان ذا طبيعة اكتئابية أى شخصية تميل إلى الاكتئاب تزيد هذه الحالة به مع تقدم العمر.. أيضاً من المعروف أن احتمالات اصابة المرأة بالاكتئاب اكثر من الرجل.. وتزيد هذه الاحتمالات مع تقدم العمر بها .. ومع مرورها بسن اليأس . فالمرأة عموما فى جميع مراحل عمرها تمر بمراحل تقلب مزاجى بسبب تأثير التقلب الهرمونى على حالتها النفسية.

وعندما نتوقف امام الحالة النفسية التى تتصف بها النساء فى هذه المرحلة الحرجة من عمرها - مرحلة اليأس نجد أن المرأة عامة يسيطر عليها المزاج السوداوى وتصبح أكثر حزنا وأكثر تأثيراً .. أى اكثر حساسية لأحداث الحياة حتى وأن كانت بسيطة .. ولا يتناسب حجم ما تشعر به من حزن مع حجم المؤثرات الخارجية.. فهى تشعر بالقهر الداخلى وتنتابها لحظات يأس تشعر فيها باللا أمل وتنطفئ بهجة الحياة فى نظرها.. وتعزف عن كل ما كان يثير سرورها ويحرك نشوتها كذلك تميل إلى العزلة وتؤثر الوحدة وتنطوى على نفسها تتحسن أحياناً وتعاودها هذه المشاعر مرة أخرى وبشكل متكرر ودورى.

وطبياً توجد عدة أعراض لدى المرأة فى هذه المرحلة العمرية.. يلخصها الأطباء فى .. الاحساس بالأعياء والتعب السريع.. الصداع والسخونة.. العرق والآلام الجسدية .. اضطراب النوم.

وكثيراً ما تجتمع هذه الأعراض مع المرأة وبالتالى تفقد رغبتها فى كل شئ.. وحتى هذه اللحظة لم يتوصل العلم إلى السبب البيولوجى الذى يؤدى إلى هذه المشاعر التعسة.. وأن كان بعض العلماء يؤكدون أنه لا توجد اسباب بيولوجية وأنما هو الشعور المضنى المؤلم بتقدم العمر وتوديع الشباب.

وإذا أحدثنا مقارنة بين المرأة والرجل فى هذه المرحلة العمرية علينا أن نعترف بأن تأثير هذه المرحلة كبير وخطير على المرأة بعكس الرجل بعض الشئ.. فدور المرأة وهى صغيرة يتمركز فى ثلاثة محاور أن تكون زوجة وأما وربة بيت .. ومع تقدم العمر تفقد محاور الارتكاز تدريجيا .. يقل احتياج الابناء لها حتى ينفصلوا نهائيا عنها بالزواج ويصبح دورها هامشيا أو يكاد يكون معدوماً وهذه أحد التغيرات الهامة التى تحدث لها هذه السن وتسبب مزيداً من التعاسة للمرأة.. وقد يدفعها ذلك لأن تتدخل فى حياة ابنائها وبناتها أكثر وخاصة إذا كانت تملك وسائل للسيطرة على حياتهم وتتأرجح علاقتها بهم بين العدوانية والضغط وبين استمالتهم ورشوتهم . والرجل لا ينزعج كثيراً بابتعاد ابنائه وبناته عنه ولكن المرأة تنزعج إلى حد كبير لأنها كانت تعتمد عليهم كأحد مصادر قوتها وكأحد مصادر أحساسها بأهميتها فى الحياة.

وعلاقتها بزوجها تلعب دوراً فى نوعية علاقتها بأبنائها فى هذه المرحلة .. فإذا كانت غير موفقة فى حياتها الزوجية ولا تلقى الاهتمام الكافى من زوجها فإن تشبثها بأبنائها وبناتها يكون أكثر ولذا تحاول باستماتة أن تستمر سيطرتها بشتى الوسائل السلمية وغير السلمية مما يخلق كثيرا من المشاكل بينها وبينهم . وهنا يأتى دور الزوج المحب الحكيم ليسيطر على هذا الموقف ويدرك احتياجات زوجته النفسية ليعوضها عن ابتعاد ابنائها وبناتها ويشعرها بأهميتها فى حياته كزوجة وكربة بيت.. وذلك بأن يظهر لها اهتمامه ويعبر عن مشاعره الطيبة والجميلة تجاهها ويؤكد لها على أنها مازالت كأنثى وكامرأة جذابة ومرغوبة ومحبوبة .. فالاهمال فى حياة المرأة فى هذه المرحلة له أخطاره الجسيمة على الصحة النفسية وعلى سلوكها أيضاً ..!! 

المصدر: مجلة حواء- نبيلة حافظ

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,288,080

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز