يا بنت بلدى أرجوك ألا تعنفيننى فأنا معترف بأننى أخطأت وأستاهل العقاب الشديد! إننى أريد مخرجا من أزمتى التى صنتعها بنفسى أنا غلطان وميلون غلطان!! بس دلينى ماذا أفعل وكيف أتصرف فى الكارثة التى أعيشها الآن ؟
***
وقارئى المهندس (حسن.. م) 42سنة يعمل مهندسا استشاريا وله سمعة طيبة فى مهنته كمهندس شاطر جدا ويراعى ربه فى مهنته وفى تعامله مع الناس، حدثتنى إحدى قريباتى وطلبت منى أن أقابله وأسمع حكايته وأنصحه بما يجب أن يفعله وكان حديثه معى عنوانا على الصراحة والصدق والرغبة فى حل المشكلة بأقل الخسائر!!
قال.. تخرجت فى كلية الهندسة جامعة عين شمس وعملت فى شركة مقاولات وطنية كبيرة ونلت احترام واستسحان رؤسائى، فقد كنت ولا أزال أراعى ربى دائما فى عملى وأراعى وطنى العزيز مصرنا الغالية فى تقديراتى للتكاليف والمصاريف وأعمل على أن يتقن كل من أعمل معهم ما يوكل إليهم من عمل حتى تصل إلى الكمال والإنجاز فى أقل وقت وأقل التكاليف ومن هنا كان تقدير رؤسائى لى.
أصرت أمى على أن أتزوج عندما بلغت الثامنة والعشرين من عمرى وثبتت أقدامى فى شركتى الوطنية ولم أكن قد ارتبطت بأية علاقات عاطفية قوية تؤدى إلى الزواج وأنا فى الجامعة فقد كنت مشغولا بالتفوق فى دراستى فضلا عن أننى لست (دون جوان) ولا وسيما بدرجة تجعل الفتيات يتهافتون على بل كما ترين- أنا ولله الحمد مقبول رغم نظارة النظر والسمرة الداكنة.
***
واستطرد قارئى الباشمهندس حسن.. وقررت والدتى أن تخطب لى ابنة خالتى وهى فتاة طيبة ومحترمة درست حتى الثانوية العامة الفرنسية (الباشو) أى البكالوريا بالفرنسية ثم قالت أمى لخالتى الطيبة التى نحبها مثل أمنا تماما.. قالت لها.. كفاية كدة تعليم على هناء وعاوزاها للباشمهندس حسن ابنى ولو اتفقوا إنها تكمل تعليمها بعد الجواز ما فيش أى مانع من كده !
وكنت قد رأيت هناء كثيرا وكنت فعلا أجدها جميلة وطيبة ومحترمة وعروس بيضاء اللون وأهلها (خالتى وزوجها) أى أسرتها تعتبر أسرة ميسورة الحال وفعلا تمت خطبتنا واقتربت منها خلال الخطبة وأحببتها كثيرا لأننى وجدت فيها الفتاة المتدينة المحتشمة الجميلة الهادئة، وماذا أريد أكثر من ذلك؟، كنت أقول لأمى إن هناء تستاهل واحد أحسن منى فتقول أمى مافيش حد أحسن منك يا باشمهندس.
***
ويستطرد الباشمهندس حسن.. وتزوجنا ونعمت وسعدت بحياتى والكل يحسدوننى على شقتى الجميلة والابن والبنت اللذين رزقنا الله سبحانه وتعالى بهما، فضلا على أننى كنت موفقا فى عملى لكن بصراحة تامة كنا نعانى من أن راتبى أصبح لا يكفى نفقاتنا خاصة بعد أن بدأ أولادى دخول المدارس الأجنبية، وكان يوما سعيدا فى حياتى عندما نادانى رئيسى المباشر فى مكتبه وقال لى ألف مبروك يا باشمهندس حسن لقد اختارك مجلس الإدارة للسفر إلى أفريقيا للعمل فى مشروع كبير تقوم به الشركة هناك وطبعا سوف يزيد الراتب عدة أضعاف، وفرحت فرحة شديدة لأن تلك السفرية عبارة عن ترقية كبيرة ومرتب كبير (وبرستيج) أى مكانة وتقدير، وعدت إلى زوجتى هناء وأخبرتها بالخبر السعيد ففرحت لبرهة ثم قالت لى بعد تفكير...
- قد ما أنا فرحانة أنا قلقانة كيف تبعد عنا أنا وأولادك لا نستطيع أن نفارقك لحظة؟
وفعلا .. فكرت كثيرا لكن الجميع أجمعوا على أن فقدان تلك الفرصة يعتبر خطأ كبيرا وكان من المستحيل أن أصحب أسرتى إلى ذلك البلد الأفريقى الحار جدا والذى كان دائماً يشتهر بانتشار الأمراض فيه علاوة على أن ولداي كانا فى مدارس أجنبية ولا يوجد مثيلها فى ذلك البلد !! وقامت خالتى أم زوجتى بإقناع ابنتها بضرورة سفرى حتى تتحسن أحوالنا المالية وعلى الأقل يجب أن تجرب، فإذا ما وجدت نفسها غير مستريحة فلها أن تخطر زوجها وتطالبه بالعودة فوراً !!
***
واستطرد المهندس حسن .. سافرت إلى مكان عملى الجديد وعانيت من اختلاف الطقس بل أصبت بنزلات متتالية حتى تأقلمت، وكان كل من حولى من الأجانب من مختلف بلاد العالم، ونلت محبة وتقدير الجميع، وعدت عدة مرات إلى القاهرة ورأيت أولادى وزوجتى فى أحسن حال وشجعونى على العودة إلى عملى الأفريقى، أما رؤسائى فى مصر فقد أقاموا لى حفل شاى وكرمونى لإنجازى ورفع اسم بلدى مصر عاليا بين كل الأجانب الذين يعملون هناك، وكنت قد لاحظت أن إحدى المهندسات الأجنبيات تصر على التقرب منى وتختصنى باهتمام كبير دون غيرى من الموجودين، وكان قد مر على فى موقعى الأفريقى عام ونصف عام، وعندما عدت من مصر إلى عملى بعد الإجازة وفوجئت مفاجاة ليست على البال ولا على الخاطر.
الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية
ساحة النقاش