يؤمن الكثير من الناس بالمثل «صدر العاقل صندوق سره » فيكتمون ما بداخلهم من مشاعر وأسرار، لكن هذا الصمت قد يتسبب فى أمراض نفسية وعضوية يصعب علاجها فيما بعد، لذا يلجأ البعض إلى «الفضفضة » مع من حولهم عما يدور بخاطرهم وما تكنه صدورهم، فلمن نحكى ونشكو همومنا؟ وما الشروط التى ينبغى أن تتوفر فى الصديق الذى نطلعه على أسرارنا؟ وهل تتسبب هذه «الفضفضة » فى مشكلات؟ وما الشكل الذى ينبغى أن تكون عليه بين الزوجين؟ هذا ما حاولنا أن نجيب عليه خلال حوارنا مع د. داليا نبيل، سفيرة السعادة وخبير التنمية البشرية واستشارى العلاقات الأسرية..
- بداية ما معنى "الفضفضة" وما أهميتها للفرد؟
هي عبارة عن تفريغ المشاعر السلبية والأفكار والأحاسيس من وجدان الإنسان وإخراجها عن طريق التحدث مع شخص آخر أو الكتابة أو الرسم أو العزف، فكل أنواع الفنون تعد ضربا من ضروب الفضفضة إن جاز التعبير، وهي مهمة جدا من الناحية النفسية والاجتماعية لأن الشخص الذي يحمل بداخله تجارب مؤلمة تجعله يفكر فيها ليل نهار لابد وأن يستشير شخصا آخر ليساعده فى حل هذه المشكلات أو يشاركه وجدانيا على الأقل آلامه، ومن الناحية الاجتماعية فهى تقوى الروابط عادة بين الأشخاص، وتقدم حلولا عملية للمشكلات التى يعانيها الشخص، لكن يجب الحذر فليست كل أنواع الفضفضة مفيدة.
- وهل تتسبب الفضفضة فى مشكلات؟
قد ينقلب الصديق الذي تحدثت معه عن مشاكلي في يوم ما إلى عدو عندها ستصبح كارثة لأنه سينشر أسراري كلها أمام الناس وسيحاربني بها، كما تؤدي الفضفضة بين زملاء العمل أيضا إلى مشكلات كبرى وكذلك الجيران، والمشكلة الحقيقية هي أننا لسنا شعبا يعشق نقل الكلام بقدر ما يعشق الشائعات فمن أخبره بقصة سيضيف إليها ويحذف منها بطريقة تجعلها شائعة تجذب المستمعين إليها، وقد تؤدي الفضفضة إلى إثارة الغيرة والحقد وربما خراب بعض البيوت، وأذكر أن رجلا كان يحكي لصديقه عن علاقة الحب والغرام بينه وزوجته فما كان من هذا الصديق إلا أن ذهب وطلق زوجته لأنه قد قارنها بزوجة صديقه.
- لمن يفضفض الشخص ويحكي همه، وهل هناك شروط يجب توافرها في الصديق الذي نطلعه على همومنا وأسرارنا؟
مبدئيا نحن نؤمن بالمقولة "الشكوى لغير الله مذلة" لابد أن يناجي الإنسان ربه ويدعوه ويلح في الدعاء لأنه الوحيد الذي يمكن أن يسمعك في أي وقت ويلهمك كيف تحل المشكلة التي تعانيها، فهو أكثر من يعرف همك وحزنك وآلامك، ويمكن للشخص أن يتحدث مع نفسه وهذا ليس جنونا أو "شيزوفرينيا" حيث يجعل من نفسه شخصا آخر يحكم على المشكلة من بعيد، يتحدث معها ويجادلها ويؤنبها ويكافئها، فهو أدرى بنفسه وهمه، وهناك مقولة رائعة جدا للدكتور يحيى الرخاوي شيخ الأطباء النفسيين حيث قال "من الطبيعي جدا أن تتحدث مع الكرسي أو الأريكة ولكن إذا رد عليك الكرسي أو الأريكة فعليك بزيارتي فورا"، أما بالنسبة للأشخاص الذين يمكن أن "نفضفض" معهم فهناك شروط ينبغي أن تتوفر فيهم وأهمها الصدق والحكمة والحيادية، كما يشترط ألا يكون هذا الشخص مجاملا أو غيورا، بل ينصر صاحبه ظالما أم مظلوما.
- قد تلجأ المرأة إلى الحديث مع زوجها أو حبيبها، فما الشكل المناسب للفضفضة فى هذه الحالة؟
للفضفضة بين المحبين أو الأزواج شروط أهمها ألا تحكي لزوجك أو حبيبك أو خطيبك عن علاقة عاطفية سابقة أبدا كنوع من أنواع الفضفضة لأن الرجل الشرقي يشك في المرأة أو الفتاة التي كانت لها علاقات سابقة حتى وإن كانت عابرة وسطحية، ويجب التركيز في الفضفضة على أهم النقاط التي تشغلك وضعيها في مقدمة حديثك لأن درجة تركيز الرجال تضعف تدريجيا بعد حوالي 10 دقائق من ثرثرة النساء، وإذا كانت نوعا من العتاب للزوج أو الحبيب على تصرف قد أغضبك منه فعليك أن تؤكدي قبل الحديث على مشاعر الحب والصداقة بينكما حتى لا يفهم أنك تسيئين إليه، ولابد أن تختاري التوقيت المناسب، ولا تحكي له عن مشكلة افتعلتها والدته أو أخته أو تنتقديهما أمامه، وتجنبى الحديث معه عن جمال صديقة لك غير متزوجة أو مأساة جارة مطلقة أو أرملة فقد يتعاطف معها ويعجب بها، وأخيرا تعتمد درجة الفضفضة بينك وزوجك على قوة العلاقة والصلة والصداقة بينكما، فهناك رجل قد يكون مرآة نقية تعكس صورة من يحبها أو يتزوجها بصدق، بينما قد يكون آخر مرآة مكسورة قد يشوه واقعك ويجرحك.
-ماذا عن الفضفضة بين الجيران والأقارب؟
أنصح بتجنب هذا النوع من الفضفضة، فيجب ألا تحكي المرأة لجارتها عن زوجها ومعاملته لها فقد يتصنع البعض السعادة من أجل إغاظة الآخرين، ومن الأفضل الاقتصار عن الجيران وعدم تتبع أخبارهم، أما عن الأقارب فيفضل التحدث مع الأم والأب والأخ والأخت مع توخي الحذر لأنهم قد يتعاطفون معك، وأذكر أن إحدى الزوجات جلست مع أخيها وتحدثت إليه عن مشاكلها مع زوجها فما كان منه إلا أن ذهب ليلا إليه وقتله كي يثأر لأخته.
- وما النصيحة التى توجهينها لحواء فى هذا الصدد؟
أود أن أقول لحواء تريثي جيدا قبل التحدث مع شخص ما في أي موضوع، واكتمي مشاعر الغضب والحزن ولو ليوم أو يومين بداخلك لأن الغاضب لا يدرك ما يقوله وقد يؤدي ذلك إلى كوارث لا تحمد عقباها، وتخيري من تحكي له عن أسرارك فليس كل صديق مخلص، ومن الأفضل أن تخرجي جميع مشاعرك السلبية فى الكتابة أو الفن أو تناجي ربك فهو خير معين وهو السميع العليم.
ساحة النقاش