كتب:ماجدة محمود - محمد الحمامصي
المشهد السياسي في مصر الآن يؤكد أن تيارات الإسلام السياسي صاحبة الأغلبية في مجلسي الشعب والشورى بدأت في فرض هيمنتها على الكثير من مجريات الحياة الاجتماعية، وقد رأينا احتجاجات أنصارها ضد المجلس القومي للمرأة وقوانين الأحوال الشخصية وتحديدا قانوني الرؤية والخلع، وذلك في ظل محاولات لفرض سيطرتها على الدستور والجمعية التأسيسية لإعداده، هذه الجمعية المقرر انتخاب أعضائها المائة يوم 24 مارس الجاري، حيث هناك اقتراحات إخوانية وأخرى سلفية لتشكيلها، وهو الأمر الذي يشكل تخوفا حقيقيا لدى الكثير من فئات المجتمع المصري، ولأن أكثرها تخوفا يتمثل في المرأة، طرحت "حواء" سؤالها عن تصورات الرأي العام المصري للوضع المنتظر للمرأة في الدستور القادم
بداية ترى رقية السادات ابنة الزعيم الراحل أنور السادات أن اختزال الإسلام فى «ذقن وجلباب» خطأ، لأن الإسلام حضارة، ورغم عمره الطويل وقدمه إلا أنه سارى لجميع العصور وحتى قيام الساعة. هذا إن أخذوا بالإسلام ولم يختزلوه كما ذكرت. أما ما ينتظر المرأة فهو تحجيم كبير، وعليها أن تناضل من أجل حقوقها وهذا ليس ضد الإسلام، فالمرأة فى الإسلام نالت حقوقاً لم تنلها المرأة الأوروبية، ولهذا عليها الكفاح باستمرار، وهو ليس بجديد، فمن ينسى وقفات كل من العظيمة صفية زغلول وهدى شعراوى.
وما هو شكل الجهاد الذى تطلبينه من المرأة الآن؟
- عليها أن تتكاتف فى كيان نسائى واحد. يجنب المصالح الشخصية ويسمو فوقها، كما فعلت هدى هانم شعراوى، حين وحّدت النساء فى كيان قوى، ورفعت البرقع والعتامة التى كانت تسيطر على الفكر.
وأعود وأكرر على النساء أن يتفقن على كلمة فيما بينهن، وإذا كانت هناك خطط تحاك لإقصائها، عليها ورفضها وصدها بكل الوسائل، فما يروجون له اليوم من مفاهيم خاطئة لإبعاد المرأة وتحجيمها مرفوض تماما.
ويتفق المهندس حسب الله الكفراوى وزير الإسكان الأسبق-، مع الإسلاميين فى حالة واحدة، إذا نهجوا نهج الإسلام الحقيقى، إسلام محمد بن عبد الله، والذى قال لأصحابه من حوله «خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء»، فيما يصف التاريخ الإسلامى رابعة العدوية بأنها «قيثارة السماء» أليست هذه هى المرأة. ثم أن رسول الله قال «الدين معاملة» ولم يقل «يا حلاوة ذقنك، ياجمال زبيبة الصلاة»!!.. المهم فى الإسلام كيف تعامل الآخرين، نساء، أو أطفالاً، أو أهل ذمة، و حتى الجماد والنبات والحيوان نسأل عنهم. وكلنا نعلم أن الإسلام الحقيقى أنصف المرأة، أراحها وأراح الجميع .
وأدعو لهم بأن يهديهم الله، يتمسكون بروح الإسلام الحق. وكل من يتكلم باسم الإسلام عليه أن يتأسى بهدى وتعاليم رسول الله «محمد بن عبد الله»...
الشخصنة مشكلة المرأة
د. آية ماهر -أستاذة. الموارد البشرية بالجامعة الألمانية والأمريكية- لها توقعات تتمثل فى أمرين: الأول .. أن يكون الدستور القادم مزيجاً من الشريعة والدولة المدنية، أى قريب من تركيا. والثانى .. استطلاع آراء المواطن عند وضع الدستور بداية من أستاذ الجامعة وحتى رجل الشارع البسيط الذى قد تكون له مطالب عادلة يغفلها البعض خاصة وأن القوانين الموجودة حاليا ليست فاعلة وتحتاج إلى مراجعات.
هل أنت خائفة على مصير المرأة؟
- نعم لأنهم قاموا بشخصنة قضاياها حيث ارتبطت بشخصيات نسائية منذ عام 1971م وحتى 2011م. ودائماً ما أقول انظروا للأمور بموضوعية، وإذا كانت هناك أخطاء علينا بتصحيحها.
بنفس المنطق تقريبا، ترفض هالة فاروق- المذيعة بالتليفزيون المصرى- الدستور من أساسه مادام سيسيطر عليه أغلبية أيا كانت اتجاهاتها أو أيديولوجياتها. فلا يمكن أن يضع الدستور اليوم القوى والفصائل الغالبة، لأن أغلبية اليوم قد تكون أقلية غد، والدستور لا يوضع كل 4سنوات، أو فى فترات متقاربة طفيفة استوجبتها ظروف طارئة. ولهذا إذا حدث ما يدور فى أذهاننا، فلا يهمنى وقتها حال المرأة، فحال البلد بأكمله سوف يكون سيئا، لأن مصر للمصريين لا للأغلبية.
المرأة علامة استفهام
وترى نيرمين صدقى -بالمركز القومى للبحوث- أن وضع المرأة المصرية فى الدستور القادم علامة استفهام كبيرة؟ فالرؤية بالنسبة لها ضبابية.
وتضيف: بالتأكيد سيكونون ضد المرأة نظرا لمواقفهم السابقة منها. ولكن دعينا نفترض حسن النية، وأنهم لم يخالفوا شريعة الله، التى أعطت للمرأة من الحقوق ما هو مساو للرجل، ولكن أيضا الخوف من الأغلبية الإسلامية ترجع للخوف من التفسيرات الخاطئة للشريعة والتى تجيز قوانين غير عادلة. وهنا الأمل منعقد على كل من الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية وهى الجهات المنوطة بإقرار قوانين الأسرة والتى لن ترضى أبدا بالظلم للمرأة..
وباختصار شديد يوجز د. إيهاب الزقزوقى -طبيب عيون- رؤيته فى كلمات قليلة حيث يقول: أخشى على المرأة المصرية فى المرحلة القادمة، حيث أن المؤشرات الأولية ليست فى صالحها، واستدلالى على ذلك هو دور المرأة المهمش داخل مجلس الشعب.
مطلوب مبادرة النساء
تقول الكاتبة الروائية منصورة عز الدين: ما يتواتر حالياً من تصريحات لممثلين لحزبيّ الحرية والعدالة والنور فيما يخص المرأة المصرية وحقوقها لا يبشر بالخير على الإطلاق، هذا الكلام ليس تجنياً على الحزبين ولا يحمل هوس "الإسلاموفوبيا" وإنما ينطلق من ممارسات وتصريحات قام بها سياسيون محسوبون على التيار الإسلامي، واللافت أن بعض هؤلاء من النساء. يكفي متابعة ردود أفعالهم المتخاذلة على سحل النساء المصريات في أحداث مجلس الوزراء واستنكارهم لخروج النساء للتظاهر بدلاً من إدانة عنف السلطة لنعرف الكثير. أيضاً المطالبة بتعديل قانون الأحوال الشخصية أمر لا يبشر بخير.
بمجرد نجاح الثورة في إسقاط مبارك بدا أن هناك تجاهلاً لدور المرأة الكبير في الثورة، فالمجلس العسكري الذي يدير المرحلة الانتقالية تجاهل النساء ودورهن في معظم سياساته وقراراته، ومع توالي الشهور بدا أن هناك استهدافاً منهجياً للمرأة الناشطة وصل لذروته في أحداث مجلس الوزراء، وكانت دلائله قد بانت في قضية كشوف العذرية قبلها بشهور. والآن يتضافر الاستبداد السياسي مع الاستبداد الديني للنيل من النساء المصريات. غني عن القول أن الاستبداد يستهدف المصريين عموماً، لكن النساء هن الأكثر تضرراً منه بالنظر لأنهن مهمشات أكثر.
أرى أن الحل يكمن في مبادرة النساء عبر الجمعيات والمنظمات الخاصة بهن للضغط من أجل الحفاظ على مكتسباتهن ومن أجل نيل المزيد من الحقوق، كما يجب ألاّ يقتصر الأمر على المطالبة بأن يكنّ ممثلات في دوائر صنع القرار فقط، إنما أيضاً يجب وبالأساس الاهتمام بالنساء المنتميات للطبقات الفقيرة والأكثر تهميشاً.
الثورة المصرية لم تكتمل بعد وتتعرض لمحاولات مستميتة لوأدها، وأعتقد أن النساء سيكون لهن دور مهم في الحفاظ عليها، ومن يدري ربما حان الوقت لربيع خاص بالمرأة المصرية.
حالها حال الوطن
وتؤكد الكاتبة الروائية ميرال الطحاوي أن ما ينتظر المرأة ينتظر الوطن، وتضيف: هناك تخوف حقيقي عليها وعلى حقوقها المدنية في ظل الوضع الحالي، لكن حال المرآة المصرية هو نقطة في صورة غائمة ترسم بحذر صورة هذا الوطن، ومخاوفنا علي مكتسبات الوطن لا تنفصل عن مخاوفنا علي مسيرة التحرر التي تخوضها مصر.
المخاوف علي مكتسبات المرآة وحرية التعبير وحقوق المواطنة كلها في سلة واحدة، ومخاوفنا الشخصية ككتاب ومثقفين هي إرهاصات من ضبابية الرؤية وغياب المعيار، وانتظارنا الطويل لدستور التوافق ورئيس التوافق ليس إلا حزمة واحدة من المخاوف التي لا يستطيع مجلس الشعب ولا التيارات السياسية التي تتصدر الصورة آن تطلعنا علي كواليسه، الحقيقة أن الحريات الشخصية وحرية التعبير يبدو التفكير فيها الآن ترفا في ظل كل هذه الغيوم التي تظلل مستقبل الوطن.
عدم الشرعية
وترى الشاعرة علية عبد السلام أن الأمر غير مستقيم بالمرة، وتقول :أن يسبق البرلمان إعداد دستور البلاد جريمة في حق الشعب فكل ما يأت به هذا الدستور سواء كان إسلاميا أو ديمقراطيا لن يمضى في هدوء أتوقع إن لا ننجح في وضع دستور للبلاد حتى موعد النطق بالحكم في قضية المخلوع بكل أمانة لا أستطيع أن أتصور ما يحدث..لا يمكن لي مناقشته أو المشاركة في حديث حوله إذا لم نعارض ونؤكد على عدم شرعية مجلس الشعب وعدم صلاحية انتخاب برلمان سابق على إعداد الدستور الذي يقنن العلاقة بين الدولة والمواطنين، وضرورة تصحيح الاتجاه، فالصمت على الكنبة أفضل .. لهذا ما أتوقعه للمرأة في ظل وضع خلل كهذا مزيد من المعاناة والازدراء.
رده لعصر الرقيق
ويؤكد الكاتب د.عصام عبد الله أن المرأة المصرية الآن أمام منعطف خطير، ويوضح : بعد قرنيين من محاولة محمد علي تأسيس الدولة المدنية، وأن النضال يجب أن يتجاوز وضعها في " الدستور القادم " وكافة أشكال وآليات " الحقوق السياسية " إلي جوهر "الحقوق الأساسية" ذاتها، باعتبارها إنسانا كامل الأهلية وليست كائنا ناقصا، كالمساواة مع الرجل في "العمل" وفي المناصب المختلفة وفي الحقوق والواجبات أمام القانون.
سيطرة الإسلام السياسي سوف تستند إلي الشريعة الإسلامية بالنسبة لحقوق المرأة، وهو يعني أننا أمام معضلة "ثقافية" في المقام الأول، ولا يمكننا أن ننتظر من القرارات السياسية أو " القوانين" أن تحل كل المعضلات الثقافية في مجتمعاتنا التقليدية دفعة واحدة. ولكن من الممكن أن تلعب مثل هذه القرارات السياسية أو القوانين "الدستور دوراً إيجابيا كأداة للتحرر، وفي أحسن الأحوال هي تعمل كوسيلة جيدة لتحقيق العدالة.
وعلي سبيل المثال، فإن نهاية "تجارة الرقيق" أو العبيد في كل من أوروبا وأمريكا، لم تأت لأن الثقافة الغربية تغيرت، وإنما لأن الغرب غير قوانينه و" دساتيره" أولا، فالكثير من الحلول للمشكلات الثقافية المزمنة والمعقدة هي "سياسية" و"قانونية" في المقام الأول، وربما عجلت الثورة المصرية (وفرضت) هذه الحقيقة الغائبة الآن.
إن المرأة بوجه عام في المجتمعات التقليدية الصارمة لا تملك عادة خيار (أو ترف) الاحتماء بالقانون، لأن هذه المجتمعات يسيطر عليها "الرجل" غالبا، الذي لا يرغب أبدا في أن يفرط في هذه "الهيمنة" الذكورية علي المرأة، وبالتالي فهو لن يكف أبدا - وبكل السبل - عن استخدام التقاليد الثقافية والدينية لتبرير هيمنته باسم "الشريعة الإسلامية".
العضوات الطيعات
وتقول د.عزة عزت : ينتظر المرأة - إذا لا قدر الله وكانت أغلبية اللجنة المكلفة بصياغة الدستور من المتأسلمين ـ الكثير من الجور، والكثير من المعارك التي ستنجم عن رغبتهم في سحب كل مكتسبات المرأة عبر العقود الماضية؛ بحجة أن هذه المكتسبات في تصورهم هي نتاج لجهود السيدتين الأولين.. وليست نتاج لكفاح المرأة المصرية لنيل حقوقها عبر ما يقرب من قرن؛ بمعنى أن قانون الشقة من حق الزوجة سمي زورا "قانون جيهان"، وقانون الخلع يسمونه "قانون سوزان".. ومن منطلق كراهية هاتين الشخصيتين بالذات ممكن أن ننقلب على كل مكتسبات المرأة.. بنفس المنطق الفرعوني الاستعبادي الذي كانت تمحى فيه كل منجزات الفرعون السابق، وهو الأمر الذي استمرت ممارسته حتى عصرنا الحديث، إذ كثر الحديث عن سلبيات المشروع الناصري العظيم السد العالي، وأهملت مشروعات الصالحية والوفاء والأمل وكاد يقضى عليها بعد انقضاء عهدي عبد الناصر والسادات.. فلا عجب أن نرى الهواء يصفر في مكتبات الأسرة على طول مصر وعرضها؛ لمجرد أن من تبنته زوجة الرئيس المخلوع، وبالتبعية سيجد أسلوب الأغلبية الدينية شبه الحاكمة صدى لدى البعض، للانقضاض على كل مكتسبات المرأة المصرية، وبالتالي الأسرة المصرية بحجة أنها تحققت في عصر بائد!
ويضاعف الخوف من حدوث هذه الردة أن المجلسين البرلمانيين غالبتهما من الرجال، ونوعية العضوات النساء فيهما طيعة وتمثل في غالبيتها التيار الديني أيضا.. إلا من رحم ربي وتم تعينهن من مسيحيات، أو من خارج الأخوان، أو السلفيين الذين يعتبرون وجه المرأة وصوت المرأة عورة.. ولعل أداء العنصر النسائي في المجلسين قد أوضح ذلك بشدة، إذ يسود الصمت من جانب العضوات، وكلما طلبت إحداهن الكلمة عادت وسحبت طلبها؛ بحجة أن ما كانت تريد قوله قد سبقها إليه الزملاء من الأعضاء.. وبالتالي فإن التصويت على أي مشروع قانون ينصف المرأة.. أو يلغي حق من حقوقها نتيجته معروفة سلفا.. وكله بما لا يخالف شرع الله!. ووفقا للشريعة الإسلامية سيتم ذبح كل مكتسبات المرأة المصرية المعيلة والمطلقة والمقهورة و الـ.. إلخ.
وفي ظل هذا المناخ الذي بدأت نذره تلوح سيكون على المرأة المصرية أن تخوض الكثير من المعارك؛ للحفاظ على مكتسباتها في مجالات حقوق العمل وتولي المناصب القيادية، والأحوال الشخصية.. بل وحتى في مجال الحقوق الإنسانية كأبسط ما يمكن أن يمثل مطلبا عادلا.. وذلك في ظل شيوع مناخ عام يتلبس نسبة لا يستهان بها من النساء المصريات، ويكسوهن بمسحة من الاستكانة والرغبة في الخضوع للرجل بشكل مرضي يعود بهن إلى عصور الحريم؛ كنتاج لما يخاطب أسماعهن ليل نهار عبر الفضائيات الدينية المعدومة بالمال الوهابي، والذي يكرس بشدة لعودة المرأة وتخلفها.. في حين يتقلص دور المجالس القومية والجمعيات المدنية التي تحاول النهوض بالمرأة والدفاع عن حقوقها.. كنتاج أيضا لهيمنة التيار الديني على مقدرات المرحلة.!
ويبقى السؤال: هل المرأة المصرية مستعدة لخوض هذه المعارك؟؟ وهل ستستطيع التصدي لما يُدبر لها بليل؟! أشك كثيرا في ذلك.. ما لم تنتفض النساء مرة أخرى؛ لتعيد للأذهان صورة الرائدات النسائيات في بدايات القرن الماضي.. وكأنهم بذلك يعيدوننا إلى نقطة الصفر! مع الفارق بأن البداية الأولى كانت تتم في مناخ من المطالبة بالتحرر الوطني والاجتماعي على كل صعيد.. بينما المناخ الآن غير مواتي بالمرة لطرح فكرة التحرر النسوي من أصله! فما بالنا بالمطالبة بالحفاظ على المكتسبات أو اكتساب المزيد منها.
برلمان يخيب الآمال
وتشير الكاتبة الروائية سهير المصادفة إلى أن المتغيرات السياسية الجذرية التي تشهدها مصر في أعقاب ثورة يناير المجيدة، اكتساح التيارات الدينية المختلفة لجُملة من التيارات الأخرى القومية واليسارية والليبرالية، جعلت القلق بالفعل ينتاب العديد من القضايا المصرية وعلى رأسها وضع المرأة، وتضيف : لقد أتى برلمان ما بعد الثورة مخيباً لآمال المرأة ومقوضاً لأحلامها وهى التي شاركت مشاركة مرئية ومسموعة وفعّالة في هذه الثورة المباركة، ولكن تمثيلها في البرلمان جاء مضحكاً وغير واقعي، فالمرأة التي تمثل نصف المجتمع المصري وتزداد نسبة مَنْ تعول منهن أولادها وصلت في السنوات السابقة لنسبة كبيرة للغاية، فماذا هم فاعلين بها ..هل سينقضون على كفاحها وعطائها على مر سنوات ويدعون أن تقر في بيتها فتعود البلاد عشرات القرون الأخرى إلى الوراء، المدهش إن قضايا المرأة لا تنفصل عن قضايا المجتمع المحورية كلها فهي لا تنفصل عن قضايا الثقافة والحرية والتعليم ودرجة تقدم وتحضر هذا المجتمع، حتى إن وضع المرأة ومكتسباتها يعتبر إحدى أدوات قياس درجة تقدم المجتمعات، بدون أن تأخذ هذه التيارات في اعتبارها أن المرأة لابد أن تقدم إسهامها في التأسيس المضيء لمستقبل الوطن، وهذا الإسهام يتمثل في ضرورة الحفاظ على مكتسباتها وفتح آفاق جديدة لها تنطلق فيها مؤسِّسة لحرية العمل والوعي والثقافة والإبداع وجميع أصعدة مصر الجديدة، بدون قمع أو رجوع إلى الوراء أو فتاوى مضحكة مبكية في الوقت نفسه، بدون وصاية أو تحجُّر أو استلاب، إن أي مساس بحرية المرأة أو بوضعها كنصفٍ فاعلٍ في المجتمع المصري لن يؤذى المرأة وحدها وإنما سيؤذى الهوية المصرية المركبة الأبعاد والوجوه والطبقات المتداخلة بحضارتها المتعددة ..المصرية القديمة، والقبطية، والعربية، والإسلامية، ومكتسبات الثقافات العالمية التي ترسخت في صميم الثقافة الوطنية، وسيحولها إلى مسخٍ لا نستطيع تصوره، إن مكانة مصر الإسلامية ستظل محفوظة في وجدان شعبها المتدين منذ فجر التاريخ بطبيعته وفي قلب الهوية المصرية، ولن تؤدى المزايدة على الدين بشكله الصوري إلا إلى مزيد من الكوارث على هذا الوطن.
إن نهوض وتقدم المجتمع، بقطاعاته المختلفة، مرهون- أولاً- بتحرير العقل والتفكير والابتعاد عن الموروثات الشكلية الجوفاء التي أثبتت فشلها عبر عقود طويلة، وأرى في النهاية أن أيّ تيار سياسي لديه قدر من الذكاء لن يحاول الاعتداء على حقوق المرأة أو الحريات بشكلٍ عامٍ سياسية كانت أو إبداعية أو حتى شخصية، وأن يتخذ من سقوط النظام السابق عبرة فلقد اعتدى على الحريات السياسية فحكم بدلاً عنه مَنْ حبسهم طويلاً ونال من حريتهم.
ما أقره الشرع
ويرى أحمد عبد الدايم أستاذ مساعد تاريخ حديث ومعاصر بجامعة القاهرة أن الأغلبية الإسلامية لا تفرض شيئا من عندياتها ولكنها تسعى لتطبيع شريعة الله في كل الأمور والأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وفى هذا الإطار فإن الغالبية الإسلامية لم تنزل الميدان السياسي خصيصا للمرأة وتقييد حريتها.
ويقول : الإسلام أتاح للمرأة الحرية في كل شيء في الحياة في اختيار الزوج والتعليم والملبس والمشرب والمأكل وفى ممارسة السياسة وممارسة التجارة وكل الأمور الحياتية. لكنه أمر بالعفة وعدم الابتذال وأمر بالاحتشام . الإسلاميون سيسعون لتفعل ما هو ثابت وراسخ في شريعة الله . ومن ثم لا يبتدعون شيئا لم يقره الشرع. الحضارة الإسلامية عرفت عالمات وفقيهات وتاجرات وسيدات مجتمع شهيرات كان يستمع لرأيهن. فهل الإسلاميون سيخالفون ما كان معتاد من قبل؟ الإجابة بالقطع لا . لكن هناك من القوانين التي صدرت ولا يقرها الشرع في مسائل الأحوال الشخصية ومن ثم فهي تؤثر الأسرة وسيعملون على إرجاعها لما كانت عليه. فهل هذا يقلق المرأة وحريتها في شيء. الحريات التي يخاف عليها البعض تعلق بالسفور والصداقات والاختلاط المنهي عنه. هناك بعض النساء بتأييد من بعض الرجال لا يرتاحون لتلك الخلاعة التي يعيشونها ليل نهار. ومن ثم فان ما سيفعله الإسلاميون هو إعادة المجتمع لما عاشه طيلة القرون الماضية.
من انضباط أخلاقي وقيمي، الإسلام يحافظ على مكانة المرأة في كل شيء، انظر إلى الغرب حين استخدمها كسلعة تباع وتشترى وما وصل إليه حالهم من سوء وتدهور. ولعل نظرة واحدة لما ينشر من أفعال وأفلام برونو وشذوذ تدرك بأن الحرية تحت هذا المعنى تفتت المجتمع وتقضى عليه. المرأة صمام أمان في الإسلام لذا أتاح لها كل الحريات التي يجعلها في مكانة تحافظ على قيم وسلوك وأخلاقيات هذا المجتمع.
هذه آراء ورؤى المثقفين، الإعلاميين، والباحثين وفئات المجتمع المختلفة، والذين اتفقوا على أن هناك إغفال للمرأة ومتطلباتها واحتياجاتها، حتى القوانين والتى لا تخرج عن الشرع هم ضدها لمجرد أنها تحقق استقراراً للمرآة قبل الأسرة. على الرغم من أن هذا الاستقرار فى النهاية يصب فى خانة الرجل. ولكن الفكرة الخاطئة التى حفرت فى رأس الرجال طوال السنوات الماضية باستقواء المرأة عليهم فكرة غير صحيحة، وليس الآن هو وقت الحساب، بل وقت تحقيق العدل بين أطراف المجتمع، ورفقا بالفواتير
ساحة النقاش