كتبت: إيمان العمري
ها هو قلبي يبدأ مرة ثانية في عزف أنشودة حب جديدة تملأ حياتي بالبهجة وتلونها بألوان السعادة أتنفس الغرام فتتلألأ نجوم الفرح في عيني.. أنطلق وأعدو مرحا لأصعد لأعنان السماء وقبل أن أصل إلى السحاب تهاجمني أشباح مرعبة خرجت من خلف ستائر الماضي إنها ذكريات تجربة عاطفية فاشلة..
فهل سيظل الحب "الذي كان" يحرمني من الاستمتاع بغرام جديد صالحني زماني به؟!!
كم تتشابه فصول حكايتي مع قصص العديد من الأصدقاء التي أتذكرها من وقت للآخر فها هى مي وقعت في العشق لكن لم يستمر حلمها الجميل طويلا حيث بعد الحبيب عنها بعد أن ذبحها بكلماته الحادة متهما إياها بأنها طفلة مدللة تريد من الجميع أن ينفذ لها ما تريد ويخلو قاموسها من كلمة "التضحية".. ورغم صدمتها التي أفقدتها توازنها لفترة طويلة فقد صالحتها أيامها بحب جديد لكن ظلت أشباح التجربة السابقة تطاردها وتضج مضجعها تثير رعبها من الفشل مجددا، فتمادت في تضحيتها لتصل لحد التنازل والتقليل من قيمتها، وبدلا من أن تستمتع بالغرام وقعت في منزلق من التنازلات اللانهائية.
أما مروان فقد أغدق على حبيبته بسيل من المشاعر الفياضة وكان لا يرفض لها طلبا ورغم تحذير الكثير له بأنها تستغله فقد صم أذنيه عنهم حتى تركته دون سابق إنذار، وقتها شعر بكم الخديعة التي تعرض لها وقرر أن يكون حذرا، وعندما طرق الحب باب قلبه من جديد كان يفكر ويحلل ويفسر أي مطلب لحبيبته الجديدة ويقارن بين ما تفعله وما كان تقوم به من ارتبط بها سابقا..ودائما ما يكون الحرص وليس العشق هو أساس التعامل بينهما.
المنقذ
هل دائما ما تكون الآثار سلبية للحب القديم،وكيف يمكن أن نتخلص منها؟
تقول الفنانة مروة رضوان، ممثلة ومخرجة:يجب أن نفرق بين قصة الحب التي انتهت بشكل هادئ لاختلاف في الاتجاهات ووجهات النظر بين الاثنين من جهة والعلاقة التي تنتهي بجرح عميق يظل يدمي القلب من جهة أخرى، ففي الحالة الأولى تسير الأمور بهدوء ونطوى صفحة الحب القديم لندخل في غرام جديد وقد أصبحنا أكثر نضجا، لكن المأساة كلها في الحالة الثانية فدائما ما يكون للجراح آثارها السلبية على أى علاقة ارتباط أخرى تظهر في مخاوف لا تنتهي من الفشل قد يجعل الفرد يتردد في أن يخطو أى خطوة للتقدم في العلاقة، وهذا يظهر بشكل كبير عند الشباب الصغير نوعا ما، أما في حالة النضج يكون الشخص قد اتخذ قرارات محددة إما برفع سقف التطلعات في العلاقة الجديدة أو الهبوط بها إلى أدنى مستوى، أما أسوأ حالة هي الدخول مباشرة بعد تجربة فاشلة في علاقة جديدة في هذه الحالة كل التأثيرات السلبية تدمر العلاقة الجديدة ولا يمكن أن يكتب لها النجاح.
وتستطرد:عالجت الدراما المصرية والعالمية تلك الحالة في العديد من الأعمال فلايمكن ذكر علاقة حب سابقة للأبطال في أي عمل درامي دون التركيز على مالها من آثار سلبية على الارتباط الجديد بشكل أو آخر، وهناك حالة واحدة تلتئم فيها كل الجراح ولا يبقى غير الحب الجديد،وهى عندما تصالحنا الأيام ونقابل شخصا قويا لديه القدرة على أن يأخذ بأيدينا ويشدنا من ظلام الأحزان لننعم بنور الحياة الجديدة على يد ذلك المنقذ.
وتتفق معها مروة عبيد كاتبة، في أهمية دور الطرف الثاني في العلاقة الجديدة وأنه يتفهم مخاوف حبيبه نتيجة أنه مر بتجربة سابقة فاشلة قد تكون أفقدته الثقة في نفسه أو الآخرين، كما قد يكون لديه اعتقاد بأنه أصبح غير قادر على الحب، والأسوأ إذا كان ارتباطه قوي بالقصة القديمة،لذا كلما كان الحبيب الجديد متفهم الوضع زاد ذلك من فرصة القضاء على كل أشباح الماضي، حقا الأمر يحتاج إلى وقت ولا يقتصر على الطرف الثاني فقط بل على الشخص الذي مر بتجربة ارتباط فاشلة أن يحاول معالجة الآثار السلبية لها ويعمل بقوة للقضاء على مخاوفه.
أشياء جديدة
"ليس دائما تأثير الحب القديم سلبيا فأحيانا يكون إيجابيا"، بهذه العبارة يبدأ الكاتب الروائي محمود كمال حديثه ويقول: أبرز التأثيرات السلبية للتجارب العاطفية الفاشلة هي أنها قد لا تنتهي بداخل الشخص وتظل ذكرياتها تطفو على السطح بين فترة وأخرى ما يعكر صفو أي ارتباط جديد، لكن في الوقت ذاته يمكن أن يكون لتجربة حب مضى نتائج إيجابية وهي أن يكون لدى الشخص الخبرة والدراية الكاملة في اختيار الشخص الصادق الذي يكن له الحب الحقيقي، وحتى نقلل من التأثيرات السلبية لتجارب الارتباط الفاشلة يجب علينا عدم الاحتفظ بأي شيء يذكرنا بما مضى ونسير للأمام في علاقتنا وكأنها أول حب في حياتنا وذلك بفعل أشياء جديدة وبناء ذكريات سعيدة والابتعاد تماما عن تكرار أي شيء قمنا به من قبل.
تأثير إيجابي
تقول د. رانيا يحيي، عازفة الفلوت وعضو المجلس القومى للمرأة: لا يستطيع الإنسان أن ينفصل عن ماضيه لكن هذا لا يعني أنه يظل يعيش بداخله، فتأثيرات شبح علاقة حب فاشلة ليست بالضرورة أن تكون سلبية بل على الإنسان أن يعرف نقاط ضعفه في التجربة السابقة ليصبح أكثر إيجابية في العلاقة الجديدة فيصبح حذرا دون أي حساسية حتى لا يقع في دوامة الفشل مجددا، كما أنه من الطبيعي أن يمر أي شخص بالعديد من التجارب التي قد تنتهى بعدم النجاح لكن عليه أن يتعايش مع الواقع الجديد ولا يجعل لتلك الخبرات السابقة تأثيرا سلبيا على حياته، بل يجعل منها وسيلة لتحقيق النجاح في العلاقة الجديدة.
فلترة التأثيرات السلبية
تقول الزهراء رفعت، خبيرة التنمية البشرية والمدرب الدولي المعتمد: على من يمر بعلاقة حب وتنتهي بالفشل أن يعطي لنفسه هدنة لا تقل عن ستة أشهر يقوم فيها بفلترة الجوانب والتأثيرات السلبية لتلك التجربة، وعندما يبدأ علاقة جديدة عليه تقوية ثقته بنفسهلتتلاشي مخاوفه من الفشل الذي كثيرا ما يدمر أي علاقة جديدة، أما بالنسبة للسلبيات التي تسببت في الفشل العاطفي فعليه تحديدها بعناية والنظر للطرف الثاني في الحب الجديد فربما تلك العيوب قد يعتبرها مميزات،لكن إذا كان هناك إجماع على عيب معين من السهل تغيره وبذلك نحول أي جانب سلبي لتجربتنا العاطفية السابقة إلى جانب إيجابي يساعدنا على النجاح والاستمتاع بحب جديد يملأ حياتنا بالسعادة والأمل.
الأسلوب المنهجي
يرى د. جمال فرويز، استشاري الأمراض النفسية والعصبية، أن تأثير العلاقات العاطفية السابقة على الحب الجديد يعتمد على المعطيات التي خرج بها الشخص، ويقول: هلتعرف الشخص إلى أسباب فشل علاقته؟ وهل اتبع الأسلوب المنهجي في الاختيار وراعى التكافؤ في النواحي المادية والاجتماعية والعمرية بينه ومحبوبته؟ لكن أهم شيء ألا يلقى الشخص دائما أسباب الفشل على الآخرين ويدخل في حب جديد وهو معتقد أنه مظلوم وضحية، فهذا سيؤدى إلى فشل العلاقة الجديدة بل يجب عليه أن ينظر أولا في نفسه ويرى أخطاءه ويصلح منها حتى لا تكون هي السبب في فشل جديد ويكون تقييمه بموضوعية من منطلق أننا بشر ولسنا ملائكة أو شياطين.
ويضيف: هناك عامل آخر يلعب دورا في تأثير التجارب السابقة ويعتمد على الشخصية حيث إن الشخصيات العصابية والتشككية ترمي بفشلها على الآخرين وترى أنها لا تخطئ أبدا هنا مهما دخلت في علاقات لابد أن تنتهي دائما بالفشل لأنها تكرر نفس الأخطاء ولا تحاول أن تصلح من نفسها.
ويحذر د. فرويز من المقارنات بين تفاصيل العلاقة السابقة والحالية والتى من شأنها أن تكون نقطة فارقة قد تؤدي لفشل الحب الجديد، قائلا: إذا كان الفرد يريد النجاح في علاقته الجديدة ويتخلص نهائيا من أشباح الماضي عليه بعد تقييم التجربة السابقة وإصلاح أخطائه أن يضع نقطة ويبدأ من أول السطر ويكتب بقلم جديد سطور حكاية عشقه الجديدة.
ساحة النقاش