كتبت : سماح موسى
ما زلنا نتذكر الأفلام الرومانسية منذ عصر الأبيض وأسود حتى الآن، فقد كانت أفلام تخاطب المشاعر الصادقة الراقية، ما زلنا نتندر بأجمل مشاهد الحب والغرام التى خلدتها السينما المصرية وتعلمنا منها الكثير فى دنيا الغرام.. على هذه السطور نتعرف على رأى النقاد والكتاب فى مشاهد الحب على الشاشة، ولماذا اختفت هذه النوعية من شاشتنا الآن؟.
في البداية سألنا المتخصصين عن سر ارتباط الجمهور بهذه الأفلام الرومانسية على الرغم من مرور سنوات طويلة على عرضها من خلال آراء أهل الفن.
عمر الشريف وبوسي
ففي البداية يقول السيناريست الكبير عاطف بشاي: أعجبني فيلم "لاوقت للحب"، لأنه يقدم شكلا مختلفا من أشكال الحب؛ فهو يعرض قصة كفاح ضد الإنجليز كما يحكي عن قصة حب بين بطل وطني وفتاة رقيقة، المشاهد جاءت مغزولة بمشاعر قوية لها علاقة بحب الوطن حب، أعتبر أن الفيلم له قيمة عظيمة، حيث إنه كان مؤثرا وصادقا، والأجمل أنه جاء خاليا من الحوار "الأوفر"بين الحبيب وحبيبته، وأتصور ـ والكلام للسيناريست الكبير عاطف بشاي ـ أن نفس الكلام ينطبق على الفيلم الوطني الناعم "في بيتنا رجل" ومشاهد الحب الراقية بين عمر الشريف والجميلة زبيدة ثروت.
يضيف بشاي: كما أنني لا أنكر ارتباطي بفيلم (حبيبي دائما) الذي قدم بطريقة عظيمة مختلفة، وبحوار رائع بين النجمين نور الشريف وبوسي، ولكن وبصفة عامة أعتقد أن عصر الحب الحقيقي انتهي، نحن نعيش في زمن مادي قبيح، الكراهية فيه هي السائدة، كما أن الواقع يكرس للكراهية، وأتصور أيضا أن سينما الشباب السائدة هذه الأيام ليس لها أي علاقة بالرومانسية خاصة "فيلم تيمور وشفيقة" الذي أعتبره فيلما سيئا لايمثل عالم الحب أبدا، فهو يلعب علىأوتار حب زائف، فكيف لوزيرة تحب حارسها وترضىأن تتنازل عن كل طموحاتها وثقافتها ومنصبها كي ترضخ لعقلية رجل رجعي لايستحق التضحية؟
وعن تراجع الأفلام الرومانسية في وقتنا هذا يقول بشاي:إن انتشار أعمال العنف والأكشن سببا كافيا لتراجع الأعمال الرومانسية؛ لأنها ردود أفعال لمجتمع مضطرب كثرت فيه الجريمة وتصاعدت فيه أعمال العنف والعدوان، فالمجتمع يعج بهذا العنف الممنهج الذي يرتدي كثيرا قناع الدين، وهو واقع أكدته سينما بالغة السوء ممثلا في بعض أفلام الممثل محمد رمضان الذي يكرس لفكرة العنف في مقابل الحق، الذي وجد ضالته في جمهور جاء بعضه كنتاج لمستوى التعليم المتدهور في بعض العهود السابقة، ويختتم بشاي رأيه بأننا نحتاج إلى ثورة ثقافية شاملة تشمل الفنون والآداب والثقافة العامة والمعرفة بدون هذا لن يحدث تطور تدعمه ثورة تعليمية.
القديم أفضل
يتفق المخرج الكبير أحمد خالد أمين مع الرأي السابق قائلا: مازلت متعلقا بالأفلام الرومانسية القديمة وأيضا بعضها حديث العهد، أهمها "حبيبي دائما"، "سهر الليالي"، "ليه خلتني أحبك" وغيرها من الأعمال السينمائية الرقيقة، فنوعية تلك الأفلام تعبر عن مشاعر صادقة والعلاقات الإنسانية التي تربط بين الرجل والمرأة بصفة عامة، يضيف: أتمني تقديم مثل هذه النوعية الراقية من جديد فأرىأن الغالب في أفلامنا اليوم هي أفلام أكشن أو إثارة، أو "لايت أكشن" لاتقوم على فكرة الحب والرومانسية، هذا في رأيي يرجع إلى عجز السوق عن فكرة منظومة الإنتاج السينمائي القائمة على وجود منتج يستقبل الورق,يختار مخرج ثم يتم اختيار ممثلين، أما الذي يحدث الآن فهو تغيير جذري في المنظومة، فبعد صعود ممثل يختار القصة التي تقدم نوعية الأفلام حسب ذوقه، فالوضع لايتم علىأسس سليمة كما كان من قبل.
وعن القول بإن الأمر مرتبط بذوق الجمهور، يؤكد أمين أن من يقول ذلك فهو كاذب والدليل على ذلك عندما يقدم عملا هادفا يحترم عقلية الجمهور يلقى نجاحا وإقبالا كبيرا مثل الأفلام الجميلة: "الممر، حرب كرموز، الفيل الأزرق" وغيرهم من الأعمال المحترمة،يضيف: لاننكر أن جيل الشباب يبحث عن أكشن لكن يجب أن نقدم له الأكشن المصحوب بفكرة وموضوع وليس تقليداأعمى للغرب.
بالإضافة إلىأن السبب وراء تراجع الأفلام الرومانسية هو توقف "مصنع الكتابة" في مصر، حيث أصبح لدينا فقر في الروايات والسيناريوهات، فقر في الإبداع، لابد أن تكتب أعمالا هادفة كاملة دون التلهف على المال من الشركة المنتجة، حرية الإبداع التي كان سوف ينتجها المؤلف في وقت فراغه أفضل بكثير من التعجل عند بدء التصوير، وفي رأيي أن آخر من أنجبته مصر من الكتاب هو الرائع وحيد حامد .
بالإضافة إلى فشل فكرة نقل عمل أمريكي مثلا وتمصيره تقدم كما هي قص ولصق دون العمل على تمصيرها بشكل يناسب عاداتنا وظروفنا المناخية.
أنا رومانسي
أما السيناريست الكبير وليد يوسف، فيبادرنا بالتأكيد على كونه لم يقصر في كتابة الأعمال الرومانسية، حيث يقول: كتبت للسينماخمسة أفلام ثلاثة منهم رومانسي بالصدفة بأسماء أغاني "ليه خليتني أحبك" للنجم الشاب كريم عبدالعزيز والفنانة مني زكي، أحمد حلمي، حلا شيحا, إخراج ساندرا نشأت، ثم "أهواك" لتامر حسني وغادة عادل ومحمود حميدة، "يوم من الأيام" لمحمود حميدة، رامز أمير، أحمد حاتم وهبه مجدي.
ويؤكد يوسف على أن السبب الرئيسي في قلة تقديم المنتجين لقصص الحب على الشاشة هو أن أفلام الأكشن,الكوميدي بالنسبة للمنتجين والموزعيين مضمونة النجاح,فالفيلم الرومانسيله توقيت لعرضه ليحقق إيرادات كبيرة,عدم وجود دعايا كافية كما أن اختيار الممثليين أحيانا يتم لفنانين لايصلحوا لأداء أدوار رومانسية منذ لحظة الكتابة، مع صعوبة اختيار مخرج يصور هذه المشاهد بدقة,كلها عوامل تساعد على قلة إقبال القائمين على صناعة السينما للأفلام الرومانسية.
يضيف: في حالة عمل حصر للأفلام الرومانسية في الثلاثين سنة الأخيرة نجدها لاتتعدى نسبة واحد على خمسين من التي كانت تقدم في فترة الخمسينيات,الستينيات,السبعينياتلأن الزمن مختلف، كما أنه لا توجد رفاهية السقبال على مشاهدة الأفلام الرومانسية!
ساحة النقاش