كتبت : أماني ربيع

من الطبيعي أن يغار الرجل من نجاح زملائه ويرغب في التفوق عليهم، لكن ماذا لو كان هذا الزميل زوجته، فهل يعتبر نجاحها أمرا يقلل من شأنه ويجعلها أعلى منزلة منه، أم هي الأنانية التى تجعله يريد الاستحواذ على النجاح وحده، أم الثقافة الذكورية التي تجعله يرفض نجاح الأنثى الذى يعتبر المطبخ مكانها المناسب؟

في التحقيق التالي نستمع إلى حكايات الطرفين، ونتعرف على آراء المتخصصين فى تقبل الرجل لنجاح زوجته وتفوقها عليه فى العمل..

فى البداية يقول رمزى مهنى موظف: كنت وزوجتي موظفين بنفس الإدارة لكنها كانت تطمح فى افتتاح مشروع خاص وهو ما كنت أرفضه خوفا من الفشل، إلا أنها أصرت على تحقيق حلمها فاستقالت من وظيفتها وبمال ادخرته مسبقا افتتحت مشروعها ونجحت بالفعل، هذا النجاح أشعرني بالخجل من حساباتي الخاطئة وكذلك من خوفي في ترك الوظيفة المضمونة، غرت من نجاحها في تحقيق ما أرادت دون خوف، كما أن دخلها أصبح أكبر ما أشعرنى بأنني أقل منها، لكن بحبها لي ومعاملتها الطيبة نجحت في احتواء غضبي حتى صرت من أكبر الداعمين لها.

أما ولاء عدنان، 32 سنة، مهندسة جرافيك وتصميم, فقد تسبب سعيها للتفوق وطموحها فى النجاح والتميز فى عملها فى انفصالها عن زوجها ذى الطموح المحدود الذى قلص كل آماله فى الحفاظ على وظيفته وتحصيل مرتبه الشهرى دون جهد أو تعب، ومع نجاحها المستمر بدأت نيران الغيرة تدب بقلبه ليمنعها من السفر تارة ويجبرها على عدم العمل أخرى حتى اضطرت للانفصال عنه.

وترجع علياء محمود مهندسة, غيرة الرجل من نجاح المرأة إلى طبيعة المجتمع، وتقول: تزداد الغيرة بين الزوجين إذا كانا يعملان بنفس المجال والمكان، لأن الأمر هنا لا يصبح قاصرا على الاثنين وإنما على زملائهم الذين يبدءون في عقد المقارنات بينهما، وهى المشكلة التى أعانيها وخطيبي حيث نعمل بنفس المجال، ورغم أنه مجتهد وناجح فى عمله إلا أن التعليقات من زملائنا على نجاحي أحيانا تتسبب فى حدوث مشكلات بيننا ونوبات غضب غير مبررة إلا إننى أنجح في احتوائها، لذا أرى أن الأمر بحاجة إلى صبر وتفهم من المرأة فهي التي تنجح في تحويل الغيرة إلى دعم لكن هذا أيضا يتوقف على شخصية الرجل وتربيته هل لديه عقدة نقص، أم هي الغيرة العادية بين زملاء المكان الواحد.

ويرى محمود عبد الحليم 34 سنة، طبيب أن المشكلة نابعة من طبيعة الطرفين وطريقة تربيتهما، فهناك امرأة تنجح وتحول نجاحها إلى تعالي على الزوج، ورجل يرفض نجاح زوجته جملة وتفصيلا ويسعى إلى كبح أحلامها، ويقول: عندما شعرت بالغيرة من نجاح زوجتى التى تعمل فى مجال مختلف عن عملى فكرت بطريقة إيجابية وهى مردود نجاحها على الأسرة، حتى تعليقات المحيطين السلبية كنت أحولها بذكاء إلى وسائل لدعمها، خاصة وأنها لم تقصر في حقوقي أو البيت والأولاد وتدريجيا تحولت الغيرة إلى فخر.

خوفا من الغرور

تعلق صوفي عادل، استشارية الصحة النفسية، على علامات غيرة الرجل من نجاح زوجته قائلة: تظهر علامات غيرة الرجل من زوجته بأكثر من طريقة أولها حين لا يهتم بنجاحها ولا يشعرها بقيمته مخافة تحوله إلى غرور وتعالي عليه، بالإضافة إلى اختلاق المشكلات التى يهدف من خلالها إلى إفقادها لتركيزها في العمل خاصة فيما يتعلق بأمور المنزل ما يفسد عليها فرحتها بالنجاح، ومن هذا تنتج فجوة عميقة بين الزوجين والتى تكون فى الأساس بسبب طبيعة تكوين الرجل النفسي الذى يرفض تفوق المرأة عليه، ويحاول ممارسة سلطته وتسلطه داخل المنزل بالمشاجرات، لذا على المرأة قبل الزواج أن تدرس الزوج جيدا وتختبره من طريقة معاملته معها مدى دعمه لها، وبدورها عليها ألا تحول النجاح  إلى تعالي وغرور فتكون أشبه بمن يعاير الزوج بهذا النجاح، وأن تشعره دائما بأن نجاحها جزء من نجاح الأسرة.

الاستئثار بالنجاح

أما أمنية عزمي، استشارية العلاقات الأسرية، فترى أن الرجل في المجتمع المصرى يرغب أن تسلط الأضواء عليه، وأن النجاح يجب أن يكون من نصيبه فحسب، وتقول: أحيانا ما يكون المحيطين سببا في اشتعال الأزمات بين الزوجين، كأن يقدم أحد الأقارب التهنئة للزوجة على ترقية أو نجاح ما يشعر الزوج بالتهميش, خاصة لو كان يذهب معها في حفل تكريم، كل هذا يشعره أنها أعلى منه مما يدفعه لتحويل هذا الشعور إلى غضب ينغص عليها النجاح، وفي أي مشكلة بين الزوجين يجب أن يلجآ إلى الحوار فقد يخشى الزوج أن يتحول نجاحها إلى تكبر أو إقصاء لدوره فى الأسرة خاصة إذا كانت تجني مالا أكثر منه، كما أن ثقته في نفسه تبدأ في التآكل لذا عليها أن تكون لطيفة، وعليه هو أن يفهم أن نجاحها يعني أنها تعيش مع زوج سوي نفسيا ولا ينفي أبدا نجاحه.

التنشئة الاجتماعية

يقول د. أمجد مصيلحي، أستاذ علم الاجتماع: ترجع غيرة الرجل من نجاح زوجته إلى تربية الرجل باعتباره السيد الذي لا يقارن والذي يكون النجاح من نصيبه وحده، لكن مجتمع اليوم اختلف كثيرا الآن وأصبحنا نرى نماذج كثيرة لأزواج يدعمون زوجاتهم بصدر رحب، لذا يجب أن نغرس في نفوس أبنائنا منذ الصغر أن المرأة ليست كائنا أقل، أو النجاح ليس قاصرا على الرجل فحسب، وأن الأسرة أو القوامة لا تعني رجلا أنجح أو أكثر قدرة على جني المال، بل تنشأ الأسر بالمودة والدعم المتبادلين، ويجب التفرقة بين الرجل غير السوي الذي لديه عقدة نقص ويرفض نجاح الزوجة والمرأة عموما جملة وتفصيلا، فهذا مع الوقت يتحول على طبع صعب تغييره، وبين الرجل الذي تشتعل غيرته بسبب ظرف نفسي أو مشكلات في عمله مثلا، فهذا يكون أكثر استعدادا للحوار والتغيير.

 

المصدر: كتبت : أماني ربيع
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 345 مشاهدة
نشرت فى 29 فبراير 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,455,847

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز