كتبت : أماني ربيع

تعيش المرأة المصرية انتعاشة حقيقية خلال السنوات الأخيرة، مع زيادة اهتمام القيادة السياسية بأوضاعها الاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وتوفير الدعم لها في مختلف المجالات.

فالمرأة مهما كان تعليمها أو وظيفتها، عنصرا مهما في بناء وتنمية المجتمع فهي الأم والزوجة، ومربية الأجيال، ومهما كان عمل النساء بسيط فلا شك أنه يلعب دور فى تنمية وبناء الوطن بل وفى المساهمة فى تحقيق التقدم على كافة المحافل، وتعالوا نعيش على صفحاتنا التالية تجارب لسيدات نجحن من خلال مشروعات بسيطة فى التواجد على خريطة البناء والمشاركة.

التقت "حواء" بعدد من النماذج المختلفة لأمهات وربات بيوت تحولن إلى نساء منتجات قادرات ومستقلات، ساهمن في خدمة مجتمعهن الصغير عبر أعمالهن.

تحرص سارة سعيد التي تُبدع في صناعة دُمى الكروشيه، والمجسمات الصغيرة على أن تكون أعمالها مليئة بالدفء والتفاصيل الصغيرة المميزة لكي يشعر من يقتنيها أنها غُزلت بحب وليست مجرد عمل مقابل أجر، وتنفذ دُمى بأشكال مختلفة بيضاء وسمراء، دون شعر، مصابة بالبهاق أو على كرسي متحرك كي يتعلم الأطفال معنى الاختلاف ولا يتنمرون على زملائهم، ولكي يهادوا أصدقاءهم ويخبرونهم أنهم مقبولين ومحبوبين، كما تنفذ الشخصيات الكرتونية وتحول رسومات الأطفال الساذجة إلى دُمى.

وتقول: أحب الفن الموجه للطفل وأستغل عملي في هذا بصورة أكبر عندما أحول رسمة طفل لعروسة من الخيوط وأرى رد فعله، لحظتها أشعر وكأنني ساحرة طيبة حولت رسمته لكائن واقعي يمكنه لمسه، كذلك عندما صنعت عرايس تواجه التنمر وتعبر عن الاختلاف كان هدفى أن يفهم الأطفال ببساطة أننا بشر مهما اختلفنا.

أما هبة منير ابنة الإسكندرية ذات الستة والعشرين عاما، فهي أم لابنتين 5 سنوات، و9 أشهر، كانت تهوى الخياطة والتفصيل منذ الصغر، وبدأت في تحويل الهواية إلى عمل احترافي بعد زواجها وتقول: أحب تفصيل الملابس وشغل "الهاند ميد" جدا، في البداية صنعت لابنتي ملابس تنكرية خرجت في صورة جميلة لفتت أنظار الجميع، ووجدت تشجيعا كبيرا من أصدقائي وأقاربي، وبدأ البعض يطلب مني صناعة ملابس مشابهة فأحببت الفكرة وبدأت في تطوير نفسي.

وتتابع: أحيانا يكون الأمر صعبا بسبب مسئوليتي كزوجة وأم، لكن هذا لم يوقفني لأن التفصيل ليس مهنة بل هواية وشغف وله أهمية كبيرة لدي معنويا أكثر منها ماديا، لذا أتمنى أن ينجح مشروعي ويعرفني الناس.

الأكلات المنزلية

تقول أميرة مرزوق: كنت أتمنى أن أعمل لكن وأنا موجودة في المنزل وبحثت طويلا عن عمل أونلاين لا يتطلب مني الخروج من المنزل كثيرا، لهذا فكرت في إعداد الأطعمة بالمنزل وبيعها، ورغم العقبات التى واجهتنى فى بدايتى إلا أننى عزمت على استكمال مشروعى حتى تمكنت من التغلب على كافة العراقيل التى كانت بطريقى.

أما التجربة الرابعة فبطلتها عزيزة علي، التي بدأت في العمل بسوق البيع أونلاين منذ 6 سنوات ومُنحت مؤخرا شهادة الدبلوم الاحترافي بالاتحاد الأفروأسيوي لإعداد قيادات المرأة العربية دوليا وإقليميا، وتم تكريمها على جهودها في مبادرة "إنتي أقوى" للعمل المنزلي لدعم السيدات وتوفير فرص عمل ومشاريع منزلية لأكثر من ٥٠٠٠ سيدة وفتاة على مستوى مصر عبر مشروعها.

وعن تجربتها تقول: بعد زواجي ومروري بفترة حمل متعبة، فكرت وقتها لماذا لا أطوع ظروفي لخدمتي، وألا أكون محكومة بظروف المرض أو صعوبة الحركة، وفي نفس الوقت أحسن دخلي، فبدأت مشروعي على شبكة الانترنت وكان زوجي أول الداعمين لى، ومنذ البداية كانت رغبتي هي تغيير وجهة نظر العملاء عن فكرة الشراء أونلاين، خاصة وأن هذا المجال يعج بالنصابين لكنني أردت كسب ثقة العملاء وكانت هذه أهم خطوة والتي ضمنت لي النجاح والاستمرار فيما بعد، بعد نجاح تجربتي سألت نفسي لماذا لا أساعد النساء والفتيات في استثمار وقتهن في شيء مفيد، وبدأت مبادرة " أنتي أقوى" لتستفيد منها أي امرأة  يرفض نزولها العمل أو لديها إعاقة حركية تمنع عملها بوظيفة أو تعمل بالفعل وتريد تحسين دخلها لكن ليس لديها وقت، أو ليس لديها إمكانيات مادية لتبدأ عمل خاص، وبالفعل قمت بدعوة البنات عبر فيسبوك للعمل معي من البيت أونلاين.

معاونة لزوجها

قررت أم أحلام، زوجة لحارس عقار بمنطقة فيصل أن تساعد زوجها في إعالة الأسرة عبر "فرشة" في الشارع تبيع الخضراوات الورقية، وكذلك تجهيز الخضراوات لتوفير الوقت على المرأة العاملة وتقول: أعباء الحياة كثيرة، وأريد تربية بناتي الأربع وتعليمهن لتكون فرصهن في الحياة أفضل مني وأبعدهن عن الشقاء، وأصبحت مشهورة في المنطقة بفضل نظافة منتجاتي التي تجعل الموظفات يرشحوني بالاسم لأصدقائهن، أعمل بما يرضي الله، وربنا بيراضيني، وأديني بأخدم الستات وأسهل عليهم الطبخ، خاصة الزوجات الجديدات اللاتي لا يعرفن طريقة حشو وعمل المحشي، وتقطيع القلقاس والقرع وغيرها، هذا يسهل الطهي عليهن وينجز في الوقت، وفي نفس الوقت أنا بستفيد كمان".

وبأحد مشاغل التريكو، تعمل نجاة عبد الشكور لإعالة أسرتها، وتقول إن هذا العمل ساعدها في وقت صعب جدا، وأن أولادها ومنهم مهندس وفتاة تدرس بكلية الآداب، وأخرى في المرحلة الثانوية فخورين بها، وبنتها الكبرى تعلمت منها أعمال التريكو وشجعتها على صناعة بعض القطع بخلاف العمل بالمشغل وبيعها لأصدقائها من كوفيات وحقائب وكفرات للموبايل، كذلك تجيد هي الحياكة وتصنع أطقم ملايات السرير وتعرضها عبر الواتس آب للأقارب والجيران بأسعار رخيصة مقارنة بالسوق، وتحلم بتأجير محل تعرض فيه منتجاتها وتوسعة عملها.

دعم حكومى

تعلق ولاء عدلان، الخبيرة والمحللة الاقتصادية، على دور المرأة العاملة بالمهن البسيطة والمشاريع الصغيرة في خدمة وتنمية المجتمع قائلة: من المهم طبعا دعم وتشجيع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر في المجتمعات التي تعاني من ارتفاع نسبة البطالة، وبالفعل بدأت أجهزة الدولة خلال السنوات الأخيرة في طرح العديد من المبادرات لتشجيع الشباب على خوض تجربة ريادة الأعمال سواء بالتدريب أو التمويل أو تطوير الأفكار ودراسة الجدوى، والأمر هنا لا يتعلق فقط بمواجهة ظاهرة البطالة لكن تشجيع الدولة للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بشكل مباشر يساهم في الحد من الاقتصاد غير الرسمي الذي يساوي تقريبا 50٪ من حجم الاقتصاد القومي، ويُدار بشكل بعيد عن رقابة الدولة وخارج المنظومة الضريبية.

وتتابع: في مجتمعنا تزيد نسبة البطالة بين الإناث ضعف نسبتها بين الذكور، ولا تشكل النساء سوى ربع طاقة العمل تقريبا، لذا كان من الطبيعي أن تستفيد النساء بشكل أكبر من المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وتبادر بخوض التجربة خاصة المرأة المعيلة باعتبارها تشكل ثلث تعداد السكان تقريبا، ونتيجة لهذه العوامل انتشرت ظاهرة المشروعات متناهية الصغر التي تُدار من المنزل والتي يعتمد أغلبها على استثمارات المرأة، حيث تستغل النساء مهارتهن اليدوية في صناعة الملابس أو الحلي، وأعمال الحياكة والتطريز والطعام البيتي، وصولا للتسويق الإلكتروني، في أجواء مجتمعية أصبحت داعمة للمرأة وجهودها وعملها مهما كان بسيطا.

وتنهى حديثها قائلة:

أهم ما يميز هذا النوع من المشروعات هو انخفاض تكلفة الإنتاج، وسرعة دورة رأس المال، حيث لا يستغرق الأمر طويلا ليغطي المشروع تكلفته ويعود بالربح على صاحبته، فضلا عن القيمة المضافة التي يُسهم بها في الاقتصاد القومي بتحويل فرد غير منتج إلى فرد منتج، وبعض هذه المشروعات تنجح في التحول إلى مشروعات صغيرة ثم متوسطة، وبالتالي تبدأ في الدخول بمنظومة الاقتصاد الرسمي، ويوظف عدد أكبر من الشباب.

المصدر: كتبت : أماني ربيع
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 312 مشاهدة
نشرت فى 18 ديسمبر 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,697,322

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز